يبدو أن إعادة انتخاب الرئيس الجزائري المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة أمر محسوم، حيث تشكل نسبة المشاركة أكبر لغز في انتخابات الخميس المقبل التي يخوض حملتها المرشحون في كافة الاتجاهات لإقناع الجزائريين بالتوجه إلى مراكز الاقتراع. وقال يوسف عقون الباحث في شؤون الاتصالات لوكالة فرانس برس في غياب استطلاعات الرأي، من الصعب جدا التكهن بنسبة المشاركة. وأوضح عقون أن اجتماعات بوتفليقة الانتخابية استقطبت الحشود وبحد أدنى تلك التي نظمتها لويزة حنون، المرأة الوحيدة المرشحة، لكن ذلك لا يشكل دليلا على مشاركة كبيرة. وتفيد الصحف الجزائرية أن الحملة لم تشد اهتمام الجزائريين المنشغلين بالارتفاع المفاجىء في أسعار المنتجات الاستهلاكية العادية. وتؤكد الصحف أيضا أن أنصار بوتفليقة يتمتعون بوسائل كبيرة لعقد اجتماعاتهم الانتخابية العامة، في حين لا تكتظ القاعات التي يعقد فيها المرشحون الآخرون بالحاضرين حتى أن بعضهم يضطر أحيانا إلى إلغاء مهرجاناتهم لقلة الجمهور. ومنذ سنة 1995 التي شهدت أول انتخابات رئاسية متعددة في البلاد بمشاركة قياسية بلغت نحو 75 في المئة من الناخبين، اعتاد الجزائريون على المشاركة بكثافة في عملية اختيار رئيسهم، لكنهم غالبا ما يصوتون دون حماسة في الانتخابات الاخرى. وبلغت نسبة الامتناع عن التصويت 64 في المئة في الانتخابات التشريعية في مايي .2007 وركز أنصار بوتفليقة على الجمعيات ولجان الأحياء لإقناع الناخبين بالتصويت لتجاوز نسبة 58 في المئة التي سجلت في انتخابات 2004 عندما أعيد انتخاب بوتفليقة لولاية ثانية من خمسة أعوام بنسبة 85% من الاصوات. واعتبر عبد المالك سلال مدير حملة بوتفليقة الانتخابية أنه لا يستطيع أحد التكهن بنسبة المشاركة، معربا عن الامل في تجاوز نسبة 70 في المئة. وأوضح أن بوتفليقة لن يقبل مشاركة ضعيفة، ولذلك دعا الى التركيز على تعبئة الناخبين حتى وإن كان بالتوجه إلى المنازل واحدا بواحد. وقال بوتفليقة لدى إعلان ترشيحه أن الرئيس الذي لا يحصل على أغلبية ساحقة من الشعب في الانتخابات المقبلة ليس رئيسا. من جانبه، حاول وزير الداخلية يزيد زرهوني التقليل من احتمال تدني نسبة المشاركة عندما قال إن الامتناع لا يجب أن يشكل عقدة. وأضاف إذا لم تسجل مشاركة قوية، فذلك يعني رفض تسوية المشاكل عبر الحوار. لكن المرشح موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية قومي لم يبد التفاؤل نفسه وتوقع مشاركة لا تتجاوز 40 في المئة. ودعا المرشحون خلال اجتماعاتهم الانتخابية الجزائريين إلى التصويت بكثافة. وقال بوتفليقة صوتوا ضدنا اذا أردتم وحتى ببطاقة بيضاء، لكن صوتوا. من جانبها، حاولت المعارضة إقناع الجزائريين بضرورة المقاطعة، فجمعت جبهة القوى الاشتراكية آلاف المتظاهرين في تيزي وزو وبجاية منطقة القبائل حيث المشاركة متدنية في العادة. وأثار قرار تجمع الثقافة والديموقراطية علماني، حزب معارض، رفع علم أسود على مقره في العاصمة، احتجاجات في الجزائر لأنه اعتبر موعد الانتخابات التاسع من أبريل يوم حداد. ومن منفاه في الدوحة، دعا زعيم الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحلة عباسي مدني الجزائريين إلى مقاطعة الاقتراع. وكان موسى تواتي مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية للانتخابات الرئاسية قد توقع أن لا تتجاوز نسبة المشاركة في هذا الاقتراع 40 في المائة. وقال موسى تواتي في ندوة صحفية عقدها السبت الماضي بالجزائر العاصمة ونقلت مضامينها صحف محلية أول أمس الأحد، إن نسبة المشاركة في اقتراع الخميس المقبل لن تتجاوز 40 في المائة، وذلك بسبب ضعف الحماس لدى الناخبين إزاء هذه الانتخابات. وبعد أن أعرب عن اقتناعه بأن الانتخابات الرئاسية لن تحسم خلال الدور الأول، قال إنه من المستحيل أن يفوز أحد المرشحين على الخمسة الآخرين في جولة واحدة. وتبقى نسبة المشاركة الرهان الأكبر خلال انتخابات تاسع أبريل التي يتنافس فيها فضلا عن تواتي، كل من عبد العزيز بوتفليقة (مستقل) ولويزة حنون (حزب العمال) وعلي فوزي رباعين (حزب عهد 54) ومحمد السعيد (مستقل) ومحمد جهيد يونسي (حركة الإصلاح). وتراهن أحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني) و(التجمع الوطني الديمقراطي) و(حركة مجتمع السلم حمس) على نسبة مشاركة تتراوح ما بين 60 و65 في المائة.