نشرت وزارة الإسكان والتعمير ممثلة في مجموعة العمران وفدرالية الوكالات الحضرية قبل أيام إعلانا تهنئ فيه السلطات المحلية والمنتخبون وساكنة المدن التي أضحت دون صفيح، وأوردت أسماء 30 مدينة، وهو أمر يسر في ظاهره، ولكن عند التمحيص فيه وملامسة واقع تلك المناطق يتبين وجود عدد من المغالطات، من بينها أن العديد من تلك المدن ليست أولاً بمدن، بل هي مراكز حضرية (أيت يعزم، عبولخال، بني تدجيت، أيت بومريم...) تم حشرها لتضخيم النتائج، وإعطاء الانطباع أن وزارة الإسكان حققت تقدماً مقدراً في محاربة آفة الصفيح بالمغرب. ثانيا عدد من تلك المدن لم تخلو بعد من البؤر الصفيحية كما هو حال أكادير والجديدة وبني ملال، بحيث وقف مراسلو التجديد على حقيقة أن بعض الأسر ما تزال تقطن في براريك، أو أن القصدير انتقل من وسط المدينة إلى هوامشها القروية كما وقع في خريبكة ومكناس، ومع التوسع العمراني وتوسيع المدار الحضري لبعض المدن ستدخل تلك البؤر القصديرية لنطاق مدن تخلصت بالكاد من البراريك. ولعل الدافع على نشر وزارة احجيرة هذا الإعلان هو تضايقها من شدة انتقادها في الآونة الأخيرة، سواء داخل البرلمان ومن بعض وسائل الإعلام على ضعف وتيرة إنجازات السكن الاجتماعي والمخصص في جزء كبير منه لإعادة إيواء قاطني دور الصفيح، بل وفشلها في معالجة الملف وقف ميكانيزمات إنتاج القصدير، ومن أبرز مؤشراته أن أكبر مدينة تضم دور الصفيح، وهي الدارالبيضاء، لم توقع إلى حد الساعة اتفاقية تنفيذ برنامج مدن دون صفيح، زد على ذلك أن مدينة سلا التي تضم قرابة 7000 براكة فشل فيها البرنامج فشلاً ذريعاً، بحيث إن عملية الهدم وإعادة إسكان الأسر متوقفة منذ مدة. هذا المعطى يمكن ربطه بحدث إبرام الوزارة في 17 من يناير الماضي بمراكش 16 اتفاقية مع مفتشياتها في كل جهات المغرب، تلزم هذه الأخيرة بتنفيذ برنامج عمل الوزارة لسنة .2009 وهو إن كان ظاهره خطوة تعبر عن قفزة نوعية ـ كما قال الوزير احجيرة ـ في مجال ترسيخ اللامركزية واللاتمركز، فإن تحمل في باطنها اعترافا بوجود مشكل في تتبع تنفيذ مشاريع السكن وعلى رأسها معالجة الأحياء القصديرية، ووجود عطب في آليات ضمان احترام الآجال المسطرة. بالطبع الوزارة في مقابل ذلك تريد الدفاع عن حصيلة عملها وتقدم معطيات رقمية لبرنامج مدن دون صفيح الذي عرف تعثرا في الإنجاز؛ مقارنة بتضخم الخصاص وعدد البراريك وصعوبة التوصل لحل الإشكاليات الاجتماعية المرتبطة بهدم البراريك وإعادة الإيواء.