رسم قادة وكتاب في الكيان الصهيوني صورة مغايرة لما يحاول رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت وقادة حربه أن يرسخها في عقول الصهاينة؛ فقد أكدوا أن الجيش الصهيوني سيفشل في ضرب قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس . وأشاروا إلى أن استمرار الضربات الجوية لم تفلح في قتل أي من قادة الحركة المتجذرة في غزة ، ونبهوا إلى أن الحديث لا يدور عن استسلام حماس ، معيدين إلى الأذهان الخوف الشديد بين صفوف المغتصبين جرّاء تواصل انهمار الصواريخ على المغتصبات الصهيونية. ولعل أبرز ما عرج عليه هؤلاء هو أن حماس في غزة تستخدم قوتها الكامنة بحنكة وذكاء وأنها ستستقبل الجنود بالأنفاق والعبوات والكمائن والصواريخ المخترقة للمدرعات، وقالوا إن القتال في غزة من شأنه أن يوقع في صفوف الجيش الصهيوني ضحايا عديدة . الجيش فشل في الوصول للقيادة! ويؤكد الكاتب الصهيوني اليكس فيشمان ، في مقال كتبه في صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية، بعنوان: أرانب في قبعة الجيش! ، أن قوات الجيش الصهيوني وبرغم من كل الضربات والقصف والتدمير إلا أنها فشلت في الوصول إلى قادة أجهزة أو قيادة حركة حماس ، وتساءل الكاتب الصهيوني عن قوة حركة حماس التي لا تزال كامنة، وقال: لماذا لا تطلق حماس آلاف صواريخ القسام التي لا تزال في مخازنها؟ ، في إشارة إلى أن حركة حماس تدير المعركة بحنكة وذكاء. أين اختفى جنود حماس؟ وتساءل الكاتب الصهيوني قائلا: إلى أين اختفى جنود حماس؟ ، واعترف الكاتب الصهيوني بأن الذراع العسكرية لـ حماس لم تتحطم، لم تبد ، وأشار إلى أن حركة حماس ستنتعش، وقال إننا يجب أن ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس، في سيناريوهات المناورات الحربية تنتعش حماس من الضربة، قادة (حماس) سيصلون إلى الوحدات (التصنيع)، سيجمعون الصواريخ ويحشدون الجنود والقدرات وسيعودون إلى الخطة التي تدربوا عليها ، كأن شيئا لم يحدث . وأوضح الكاتب الصهيوني قائلا: اليوم يجدون صعوبة في القيام بعملية على الجدار أو إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، ولكن هذه مجرد مسألة وقت، أمس امتشقوا السلاح السري -الصواريخ لمدى 40 كم، كي يظهروا بأنهم لا يزالون على قيد الحياة . لا يدور الحديث عن استسلام حماس وأكد الكاتب الصهيوني في مقاله قائلاً: لا يدور الحديث عن استسلام حماس أو انهيار حكمها، بل عن خلق خراب في البنية التحتية يلزم المنظمة بالانشغال لزمن أطول بذاتها إلى أن تعيد بناء نفسها ، وأعرب عن تخوفه مما أسماه الخطر الكبير هو أن يكون بدل مرحلة قطف الإنجازات، الدخول إلى مرحلة المراوحة في المكان، في هذه الأثناء لا يزال يوجد للجيش عدة أرانب في القبعة، أمس امتشق الأرنب الكبير لضرب الأنفاق . حسب الكاتب. وعرّج الكاتب الصهيوني اليكس فيشمان ، في مقاله، على قرارات وزير الحرب الصهيوني باراك، في إعلانه عن تأجيل العودة إلى التعليم في ختام إجازة (الحانوكا) والإعلان عن نظام اقتصاد الطوارئ، والإعلان عن مناطق أمن خاصة، وتجنيد احتياط ، واختتم مقاله بالقول: أي ثمن نحن مستعدون لأن ندفعه؟ يجدر بنا أن نقرر بسرعة كي لا يقرر الآخرون نيابة عنا . الصهاينة لا يحتملون الصواريخ أما القيادي الصهيوني يوسي بيلين فقد كتب مقالا بعنوان نربي الكارهين في إسرائيل اليوم ، حيث أشار إلى عدم اكتراث أكثر القادة العرب بما يحدث لغزة، منبها إلى عدم قدرة المغتصبين الصهاينة على احتمال صواريخ القسام التي لازالت تمطر على رؤوسهم، ومؤكدا في ذات الوقت أن حركة حماس لا تخاف، وقال: هنا نطرح سؤال ماذا نفعل ماذا؟ هل نحتمل مطر الصواريخ على النقب الغربي ونصمت؟ هل ندع حماس تعتقد أننا نخافها؟ كلا ، داعيا الحكومة الصهيونية إلى إبرام تهدئة مع حماس بدلا من العنف . حسب تعبيره. تخوّف من عدم تحقيق الجيش لأهداف الحملة أما أسرة تحرير صحيفة هآرتس الصهيونية فقد طالبت في مقال افتتاحي للصحيفة بعنوان: عدم التدحرج إلى احتلال ، بما أسمته إعادة تأسيس وقف النار ، موضحة: من أجل الدفاع عن مواطني (إسرائيل)، حين يتسع تعبير غلاف غزة من سديروت وبلدات شرقي النقب وعسقلان إلى أسدود، يفنه، كريات جات، غيرها وغيرها أيضاً غرباً وشمالاً ، في إشارة إلى اتساع بقعة الزيت اللاهب التي تقودها كتائب القسام، معربة عن تخوفها من تحول أهداف الحملة الصهيونية إلى أهداف طموحة لدرجة عدم القدرة على تحقيقها . الجيش سيعجز عن القضاء على حماس وقالت الصحيفة: إن إسقاط حكم حماس والوصول حتى آخر مخرطة يقف أمامها آخر رجال حماس الذي ينتج آخر صاروخ قسام ليس هدفا كهذا، وذلك أيضا لأنه لا يمكن تحقيقه دون وجود طويل الأمد على الأرض ، مبينة أن قوات الاحتلال الصهيوني ستعجز عن ضرب حركة حماس ووسائلها القتالية. استقبال الجنود بالأنفاق والعبوات والكمائن وعرجت الصحيفة في مقالها على استعداد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية إلى استقبال الجيش الصهيوني بالأنفاق، بالعبوات الناسفة، بالكمائن والصواريخ المخترقة للمدرعات ، وقالت أن القتال في مناطق مدنية مكتظة من شأنه أن يوقع في صفوف الجيش الإسرائيلي ضحايا عديدة ، وطالبت الصحيفة بضرورة استعادة الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط . دعوات في الكيان الغاصب للاتعاظ من الحرب على لبنان محللون صهاينة: العملية الحربية في غزة دخلت المرحلة الإشكالية و حماس بدأت تنتعش أكد محللون صهاينة أن العملية الحربية التي ينفذها جيش الاحتلال ضد غزة دخلت المرحلة الإشكالية التي تمرّ بها جميع الحروب، موضحاً أن الضربة الشديدة الأولى والمفاجئة انتهت، وأن النجاحات العسكرية أصبحت تثير الإعجاب بقدر أقلّ... وأن العدو بدأ ينتعش ، في إشارة إلى النوعية والدقة التي تميز بها القصف القسامي يوم الاثنين الماضي. وتحدث المحلل السياسي في صحيفة هآرتس العبرية ألوف بن، عن صراعات بين القيادة الصهيونية حول مواصلة الحرب على غزة أو وقفها، موضحاً أن الاحتلال كان يريد مواصلة توجيه الضربات لحركة حماس ، لكن الأهداف التي تم إعدادها قبل العملية العسكرية أخذت تنتهي، والحلول السحرية الجوية التي لا توقع الخسائر في صفوف تلك القوات وصلت إلى نهايتها. ونقلت تقارير صحفية أن خلافات بدأت تنشأ بين القيادة الصهيونية حول استمرار الحرب على قطاع غزة أو وقفها، فيما دعا محللون إلى الاتعاظ من عبر حرب لبنان الثانية في العام 2006 مشيرين إلى العلاقة بين الحرب والانتخابات العامة الصهيونية. ورأى المحلل السياسي في صحيفة هآرتس العبرية أن هذه هي المرحلة التي تتطلب من القيادة السياسية اتخاذ قرار حول ما إذا كان يتوجب إدخال قوات برية إلى قطاع غزة والبدء في معركة التحام مع حماس ، أم الاكتفاء بالتهديدات والسعي إلى وقف إطلاق النار، الذي يبقى تحت تأثير قصف الأيام الأولى، والإعلان عن أنه تم تحقيق الأهداف، والتهديد بأنه إذا استمر إطلاق الصواريخ من غزة، فإن الضربة المقبلة ستكون موجعة للغاية . وأشار إلى أنه كان بالإمكان يوم الاثنين ملاحظة بوادر أولية لخلافات في الرأي في الجانب الصهيوني حول مدة العملية وطبيعتها، موضحاً أنهم تحدثوا في جهاز الأمن عن عملية ستستمر ثلاثة وحتى أربعة أسابيع، وعن استعدادات لعملية برية، إذ أن قرار الحكومة الصهيونية الأمنية المصغرة يتيح تصعيداً كهذا وحتى إعادة احتلال القطاع، (لكن) في وزارة الخارجية يقدّرون أن الساعة الرملية السياسية ستوقف العدوان في وقت مبكر أكثر بكثير وأيّدوا إنهاء العملية بسرعة أكبر. وربط بن بين العدوان وبين محاولات وزير الحرب الصهيوني نيل تأييد صهيوني موضحاً أنه تبين أن الرابح السياسي الواضح من القتال في غزة هو باراك، الذي تتزايد قوته في هذه الأثناء على حساب وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني . وأضاف لكن قياديين في حزب الليكود يقدرون أنه إذا استمر هذه التوجه، فإن (رئيس الليكود) بنيامين نتنياهو سيضطر الى وقف إطلاق النار من جانبه مع باراك، وسيبدأ بالنظر إليه على أنه يشكل تهديداً . وخلص بن إلى أنه بالإمكان التقدير أن القيادة المتصارعة التي تقود دولة الاحتلال في الحرب ستواجه صعوبة في الحفاظ على تكتلها كلما استمرت المعارك، وفي نهاية المطاف، مثلما يحدث في جميع الحروب، سيدّعي جهاز الأمن أنه تم إيقافه قبل لحظة من تمكنه القضاء على العدو، فيما سيقول الدبلوماسيون أن المعارك استمرت أكثر مما ينبغي حتى فقدت إسرائيل الدعم الدولي . من جانبه، حذر كبير المعلقين في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع في مقال له أول أمس الثلاثاء تحت عنوان أذكروا 2006 ، من أن تاريخ الحروب الصهيونية يعلّمنا أن بداية ناجحة لا تضمن بالضرورة نهاية ملائمة ومثال كلاسيكي، وليس الوحيد في تاريخنا، هو الفجوة بين بداية حرب لبنان الثانية ونهايتها ، في إشارة الى الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على حزب الله اللبناني بعد أسره جنديين صهيونيين على الحدود في يوليو 2006. وأشار برنياع إلى أن السياسيين الصهاينة يخلطون بين الحرب والسياسة وأن العمليات العسكرية كانت دائماً جزءاً من اللعبة السياسية، لكن أنفاس السياسيين هذه المرة ثقيلة جداً ، إذ من شدة الحماس لرؤية الدخان الأسود في غزة، أصبحوا يميلون إلى نسيان غاية العملية العسكرية، وهي إرغام حماس على الموافقة على وقف إطلاق نار بالشروط الإسرائيلية وهذه الغاية يتفق عليها أولمرت وليفني وباراك، ليس احتلالاً ولا التسبّب بانهيار حماس . وخلص إلى أن العملية يفترض أن تنتهي في اللحظة التي توافق فيها حماس على وقف إطلاق نار، وهذه هي عبرة أيضاً يجدر تعلّمها من أخطاء 2006، إذ ينبغي إنهاء الحروب. وقد أكدت مصادر في حركة حماس أنها امتصت الضربات، وأعدت نفسها لمواجهة ما هو أصعب مما يجري، مشددة على أن كل محاولات إسقاطها وإسقاط مشروع المقاومة ستفشل، متوعدة، بأن يندحر الاحتلال عن غزة وهو يجر أذيال الخيبة.