عتبر وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين أن التفاوض مع حركة المقاومة الإسلامية لا غنى عنه للتوصل إلى السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدا في منتدى تفاعلي مع قراء صحيفة لوموند أن تصنيف فرنسا لهذه الحركة ضمن المنظمات الإرهابية لا معنى له لأنه مجرد إذعان للإرادة الأمريكية. وبشأن رفض حماس للشروط التي يقول المجتمع الدولي إن عليها القبول بها قبل إجراء أي حوار الاعتراف بإسرائيل والتوقف عن الدعوة إلى تدميرها والقبول بالاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية الموقعة سلفا رد فيدرين قائلا إن ما يسمى المجتمع الدولي هو في الواقع الدول الغربية وإسرائيل. وأضاف علينا إذا أن نسمي الأشياء بأسمائها، وأن ندرك أن هناك خمسة مليارات شخص لا ينتمون لتلك الدول، وهم يرفضون أن يظل الغرب يتحدث باسم العالم أما الشروط، فإن فيدرين يرى أنها وضعت لإعاقة إجراء أي تفاوض مع هذه الحركة. وشدد على أن 63 في المائة من الإسرائيليين أنفسهم يؤيدون التفاوض مع حماس، كما قال إن مسؤولين إسرائيليين سابقين في الجيش وأجهزة الأمن يرون أن حل أي مشكلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مرهون في الوقت الحاضر بالتفاوض بطريقة أو بأخرى مع حماس. وذكر فيدرين بأن الدبلوماسية ظهرت منذ فجر التاريخ لعلاج المشاكل بطرق أخرى غير الاقتتال، ولذلك فهي لا تعني اجتماع الأصدقاء ممن يدافعون عن نفس القيم وتهنئة بعضهم البعض، وإنما تعني التفاوض مع الزعماء والأنظمة التي نعتبرها سيئة والتي نرفض قطعيا كل قيمها. وهذا ما يحدث بالفعل في العالم حسب فيدرين الذي أورد على ذلك أمثلة، من بينها أن الغرب لم يستمر في مقاطعة الاتحاد السوفياتي بعد الثورة البلشفية، ولا في مقاطعة الصين بعد الثورة الشيوعية. بل إن الأمريكيين اضطروا في النهاية إلى التفاوض مع فيتنام الشمالية، واضطر الفرنسيون إلى الحديث مع جبهة التحرير الجزائرية، والبريطانيون إلى التفاوض مع الوطنيين الهنود. كما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في وقت لم تكن فيه مواقف تلك المنظمة مختلفة كثيرا عن مواقف حركة حماس. وحث فيدرين الذي رفض عرض الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي لتولي وزارة الخارجية بلاده على التحرر من الرؤية الخطيرة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش عليها، والتي مفادها أننا لا نتحاور مع أعدائنا. فالتفاوض لا يعني استحسان موقف من نتفاوض معه ولا الإذعان لقناعاته، بل هو وسيلة للدفاع عن مصالحنا الحيوية، حسب فيدرين. وعلى فرنسا حسب رأيه أن لا تكون لها أي أفكار مسبقة تحظر التفاوض مع أي أحد، سواء أتعلق الأمر بإيران أو بحزب الله أو بحماس. وأكد فيدرين أن عدم تأسيس دولة فلسطينية، يعني أن إسرائيل ستستمر في احتلال الأراضي الفلسطينية، وذلك يعني أنها لن تكون مقبولة في محيطها الجغرافي، كما أن مثل هذا الجرح سيظل يسمم العلاقات بين أوروبا والعرب وبين الغرب والإسلام.