اعتدت كل صباح أن اركب القطار باتجاه عملي إلى مدينة القنيطرة، ولعلي اخترت القطار كوسيلة مضمونة للوصول في الوقت المحدد من جهة، ومن جهة ثانية باعتباره وسيلة مواصلات مريحة مقارنة بالمواصلات الأخرى (هذا رأيي أنا). على أي وكوني جديدة في الحرفة كما يقول رب عملي، فأنا مطالبة، وهذا من الضروريات بالحضور في الوقت المحدد واليومي تأكيدا على أني مواظبة مائة في المائة. لكن هذه الوسيلة التي فضلتها على باقي الوسائل خيبت ظني في الكثير من الأوقات، (وأنا طبعا أتحدث في الفترة التي بدأت بها العمل). تخيلوا معي، أن المسافر منا قد يتوقع تأخر القطار، وهذا من المسلمات (طبعا عندنا في المغرب)، ربع ساعة في بعض الأحيان نصف ساعة، لكن ساعة بأكملها؟ فهذا ما سيجعل رب عملي يشتعل غضبا، خصوصا وأن ذلك اليوم بالذات، كنت سأحصل فيه على أول راتب لي بالإضافة إلى المهام المتراكمة. لم أكن أملك شيئا حينها إلا القلم الذي أخط به محنتي هذه ودرهما واحدا، للاتصال بصديقة لي بالعمل والتي لم تجب على اتصالي وهو احتمال أنها لم تنتبه له. لكن في الأخير اهتديت إلى فكرة، وهي أن أرسل لها رسالة من محمولي، أخبرها فيها أننيمرهونة هنا، والسبب هو وسيلتي المفضلة، والتي لم يجرؤ فيها مسؤولوها على الاعتراف لنا بأن التأخير سيدوم لمدة ساعة، وفضلوا كتابته على الجهاز. لكنني أفضل سماعه، وأغلب الظن أن العديد من المسافرين يفضلون سماعه مثلي على الأقل نشوفو آش نديرو وذاك الساعة ، شنو زعم، خليوني غير نسخن بلاصتي. كنت أنوي أن أنهي كتابتي عند هذا الحد، لكن أحد المسافرين استفسر عن التأخير، فأجابه المراقب قائلا بقيت عشرين دقيقة شنو زعما لم يساعدوا في فتح وظائف جديدة في وجه الشباب الناشئ وخريجي المعاهد، والجامعات، ليزيد الطين بلة في عدم ضبط الوقت، بالله عليكم لقد سئمنا ولم يعد شيء يفرحنا، نحتاج إلى إصلاح في هذا البلد السعيد، نحتاج إلى أن نخبر أهلنا في الخارج وسياحنا بأن بلدنا بالرغم من مشاكله وأنه من دول العالم الثالث، إلا أنه لا يزال يحتفظ ببعض المقومات التي قد تساعده في يوم من الأيام على النهوض، وحينها يتحقق حلم وزارة السياحة وتصبح 10 ملايين سائح حقيقة ملموسة، لا مجرد أوهام وأرقام على الورق، ثم إننا لا نطالب بالمستحيل فقط تغيير في بعض الأشخاص وتعديل في المعدات لنستريح بعدها ونقول إن المغرب لا يزال بخير. أما إذا استمر الحال على ما هو عليه، فلا يسعنا حينها إلا أن يخرج الشعب المغربي في مسيرة وينادي مرددا: اللهم اهدي عبادك ....