أكد الدكتور أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية وعضو المجلس الاستشاري الأعلى للتقريب بين المذاهب التابع للإيسيسكو أن قرارات المجامع الفقهية ليست لها قوة ملزمة، وذلك لعدم وجود المقتضيات الدستورية أو القانونية المقررة لهذا الإلزام، هذا إذا تعلقت بأحكام المعاملات أو العلاقات الاجتماعية، أما إذا تعلقت بالعبادات أو بالحلال والحرام، فالالتزام بها راجع إلى كل فرد حسب تقديره الشخصي، فالمقتنع به هو الذي عليه إتباعه ومن لم يقتنع به لا يلزمه به أحد. وأضاف في حوار حي أجراه على موقع الرابطة المحمدية لعلماء المغرب في موضوع تقييم تجربة المجامع الفقهية والاجتهاد الجماعي أن المجمعات الفقهية ستحقق دور الحسم والإلزام عندما تصبح مؤسسات بالمفهوم الذي تعرف به المؤسسة في حياتنا المعاصرة، وما دامت المجامع وجهات الإفتاء لم تتشكل بالشكل المؤسسي فإنها لن تؤدي دورا فاعلا في حياة الناس. وشدد على أن عمل المجامع الفقهية ينبغي أن يبقى مرتبطا بصلاحية التخصص، وأن لا يقرر في كل شيء حتى ما يرجع إلى اختصاص غيره كالقضايا السياسية، لأنه بحسبه عندما تختلط الاختصاصات ويتداخل أصحابها بقراراتهم فإن ذلك علامة الفوضى وليس البناء. وفي معرض جوابه عن سؤال حول بطء هذه المجامع في معاجة كثير من القضايا بحيث تجعل المسلمين لايعولون عليها كثيرا في مقابل سرعة الاجتهاد الفردي خاصة مع وسائل الإعلام الحديثة من فضائيات ومواقع إلكترونية، أكد الخمليشي على أن ما تحتاج إليه هذه المجامع ليس هو السرعة في العمل والإكثار من الفتاوى، وإنما تنظيمها بالشكل الذي يجعلها مندمجة في المؤسسات المعرفية والتشريعية للمجتمع كي يستفيد الناس من آرائها ولا تبقى مكتوبة على الأوراق في الرفوف. وأشار إلى أن التحديات التي تواجهها المجمعات الفقهية ليست قاصرة على مشاكل النظام العالمي الراهن ومنهجياته الصراعية، وإنما تواجه تحديا أكثر صعوبة، وهو موقعها من النظام التشريعي الذي تسير عليه كل الدول الإسلامية، الأمر الذي يجعل فتاواها لا تكتسب أي قوة إلزامية، فما ينبغي التفكير فيه هو كيفية تنظيم الاجتهاد في ظل تصور الدولة كما نعيشها وبتوافق مع النظام الدستوري الذي نطبقه لكي يكون المجمع الفقهي آلة ضمن المحرك الذي تسير به الدولة، ومؤسسة من مؤسساتها المندمجة.