تستحوذ هجمات يشنها تنظيم القاعدة في الجزائر على عناوين الاخبار وتتحرك الادارة ببطء شديد في دراسة الصفقات والموافقة عليها ورغم ذلك فإن الجزائر تظل حتى اشعار آخر مصدر جذب للمستثمرين الذين يسعون وراء فرص بمليارات الدولارات، غير ان هذا الاتجاه مهدد. وأثر تفجير مزدوج هائل في ديسمبر 2007 أسفر عن مقتل 41 شخصا في مبنى محكمة ومكاتب للامم المتحدة على ثقة المستثمرين وأدى الى رحيل عشرات من أسر الاجانب العاملين في الجزائر وتسبب على الارجح في تأجيل زيارات استكشافية للشركات الاجنبية المهتمة بفرص الاستثمار. لكن خلال شهرين منذ أحدث تفجيرات استضافت الجزائر مؤتمرا كبيرا لرجال الاعمال العرب اكتظ بالمدعوين وبدأت جولة لمنح تراخيص التنقيب والانتاج في حقول النفط والغاز واعلنت خطة للاستثمار في قطع الطاقة يبلغ حجمها 46 مليار دولار كما تجاوزت احتياطيات النقد الاجنبي المتنامية 110 مليارات دولار. وتولت الجزائر أيضا رئاسة اوبك التي يتم التناوب عليها ودخلت المراحل الاخيرة من التفاوض على صفقة حجمها 20 مليار دولار مع شركة اعمار العقارية ومقرها دبي واستقبلت زوارا اقتصاديين من كل حدب وصوب من بينهم وزير التجارة النيوزيلندي فيل جوف. وقال عبد الوهاب رحيم رئيس شركة اركوفينا الجزائرية للتأمين والتجزئة والتشييد لوكالة رويترز بالنسبة لنا نحن المستثمرون المحليون لم تغير التفجيرات أي شيء اطلاقا. وأضاف نحن متفائلون على المدى الطويل. فهذه الحوادث العارضة لن تكبح الاستثمار في البلاد. وذكر رحيم على هامش مؤتمر لشركات السياحة العربية والاوروبية في العاصمة الجزائرية ان وضع الجزائر سيجعلها دائما قوة جاذبة للاستثمار. وتابع على مسافة ساعة بالطائرة من مرسيليا واكثر قليلا من ساعة من جنيف. وحول هجمات وتهديدات القاعدة قال تريفيون ويتون مستشار شركة بي.بي في شمال افريقيا ان الجزائر ردت بشكل جيد على الهجمات لكنه اضاف الوقت فقط سيكشف عما اذا كان هذا سيستعيد بالكامل ثقة المستثمرين. وساعد ارتفاع أسعار النفط الجزائر على بدء خطة تنمية خمسية تتكلف 140 مليار دولار وسداد جزء كبير من ديونها الاجنبية. وفي حين لم تغادر أي شركة أجنبية الجزائر منذ ديسمبر فربما يكون البعض قد أجل الاستثمار هناك خشية أن تكون النفقات الامنية عبئا أكبر من اللازم بالاضافة الى المهمة الشاقة بالفعل التي تواجه الشركات في التعامل مع الاجهزة الادارية في الجزائر المعروفة بالتعقيد والبطء في انهاء المعاملات. ويقول ولفرام لاتشر من مؤسسة كونترول ريسكس الاستشارية بعض المستثمرين الذي يفكرون في العودة للجزائر سيترددون. ومن المؤكد أن شركات النفط والغاز ستجد دائما وسيلة للبقاء في بلد يملك أكبر احتياطيات غاز في افريقيا. فقد صمدت هذه الشركات ولم ترحل عن الجزائر خلال فترة اسوأ كثيرا من العنف السياسي في التسعينات. لكن شركات اخرى قادرة على توفير اعداد كبيرة من الوظائف الخدمية والصناعية للجزائريين الذين يعانون من مستويات حادة من البطالة ربما تكون قررت الترقب والانتظار بعد هذه التفجيرات. وذكر هنري ولكنسون المحلل في جانوسيان سيكيورتي ريسك مانجمنت لا يمكنني التفكير في أي شركة ربما تكون قد استبعدت الجزائر من خططها. لكن الشركات تصاب بالانزعاج. وهناك قلق. ويقول استشاريون انه مما قد يضر ايضا بالاستثمار في الجزائر الصمت النسبي للحكومة في مواجهة الحملة الدعائية القوية التي تشنها القاعدة عبر شبكة الانترنت. وذكر ولكنسون انباء الجزائر تقتصر على القنابل. هذا ما يعرفه الناس لانهم لا يسمعون عن أي شيء اخر. وباستثناء وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل يحجم المسؤولون الجزائريون عن الترويج لفرص التجارة والاستثمار أمام وسائل الاعلام والجمهور الجزائري. وترجع هذه العادة الى تقاليد راسخة بالحفاظ على السرية تعود الى أيام حرب الاستقلال ضد فرنسا. وحتى المعجبون بالجزائر يشكون من أن هذا الاسلوب يترك الساحة خالية أمام تنظيم القاعدة. وتريد اولغا ميتلاند رئيسة مجلس الاعمال البريطاني الجزائري من المسؤولين الجزائريين ان يتحدثوا. وتقول لديهم كل شيء. لكن لا احد يعرف شيئا عن الامر.