أول سؤال يطرح على برنامج حوار قبل مناقشة مضامينه، هو لماذا دعوة حميد شباط بالذات وما مناسبة ذلك؟ قد يأتي الجواب سريعا من بعض الجهات ويحيلنا إلى ما تشهده مدينة فاس من احتفالات بمرور اثنتي عشر قرنا على تأسيسها، وهو في الحقيقة جواب قد يكون فيه قدر من الوجاهة، لكن شريطة أن يأخذ هذا الحدث القدر الذي يستحقه من البرنامج. لكن يبدو أن البرنامج انصرف إلى تجربة السيد حميد شباط في العمودية، بل واتجه رأسا إلى استهداف حزب معارض له في المدينة، وهو ما يطرح تساؤلين: هل تم اختيار شباط ليقوم بهذه المهمة في هذه الظرفية التي تعرف تضييقا على أنشطة حزب العدالة والتنمية من أجل تعطيل فعاليته التواصلية مع الشعب؟ أم أن برنامج السيد مصطفى العلوي سيفتح ذراعيه للرأي الآخر خاصة بعد ما نفى السيد لحسن الداودي الاتهامات التي وجهها شباط لحزبه واعتبرها مجرد افتراءات، وطالب بحقه في الرد؟ وبغض النظر عن الخلفيات المؤطرة لدعوة شباط المعروف بعدائه لخصمه السياسي حزب العدالة والتنمية، ودون الانخراط في السجال السياسي القائم بين عمدة فاس والمعارضة، نلفت الانتباه إلى قضية بالغة الحساسية أشار إليها شباط، وتتعلق بمدى تطبيق القانون، فالرجل اعترف أمام المغاربة جميعهم وأمام الجهة الوصية على الجماعات المحلية، أنه يتجاوز القانون وأنه لو التزم بالقانون لما قدم شيئا للساكنة في فاس، وأن مصلحة الساكنة فوق اعتبارات تطبيق القانون. هي مسألة تستدعي وقفة خاصة، فالرجل يدعو صراحة إلى تجاوز القانون، بل ويعتبرالالتزام بالقانون، وهو هنا بمعنى الميثاق الجماعي، يعطل مصالح الساكنة في فاس. قد يكون في الميثاق الجماعي ما يدعو إلى تغييره بما يناسب متطلبات الحكامة الرشيدة وتيسير مساطر تدبير الشأن العام، لكن ذلك لا يبرر أن يأتي عمدة أمام ملايين من المواطنين، ويعلن بكل فخر أنه يتجاوز القانون، وأن مصلحة المواطنين فوق اعتبارات القانون. مقولة لو عمل بها كل الذين سمعوا شباط لما بقي أحد في المغرب يلتزم بالقانون، ولصارت المصلحة، أي مصلحة، هي التي تؤطر سلوك الناس وتصرفاتهم، فهل كان يعقل شباط ما يقول وهو يفتخر بخرقه للقانون؟ ومما لفت الانتباه أيضا في البرنامج أن ضيف العلوي كان يحن للغة الحزب الوحيد في المغرب، إذ كان يتحدث عن قيادة حزب الاستقلال للمغرب بتعاون مع الملك دون أن يتحدث عن شركاء حزبه في الحكومة الذين لاندري ما دوافع غيابهم عن حضور البرنامج؟! أما السيد أفيلال الزعيم النقابي السابق، فقد أثنى عليه السيد شباط ووصفه بالرجل العظيم، ونسي كل التصريحات النارية التي أطلقها في حقه غداة الصراع النقابي من أجل إزاحته. فقط الذين يعرفون شخصية شباط هم الذين يدركون الأسباب الحقيقية التي تجعله يغير المواقع بل ويغير أيضا العبارات، ويعطي الدروس في المصداقية!! أما بخصوص العدالة والتنمية والاتهامات التي وجهها شباط لرفاق العثماني، فيبدو حسب الرد الذي صدر من لحسن الداودي أن الصحفي الذي دعي باسم العدالة والتنمية لم يكن محيطا بالمعطيات الخاصة بتدبير الشأن العام بمدينة فاس، فضلا عن نقاط التوتر بين شباط والعدالة والتنمية، ولذلك فقد كان في معظم مراحل البرنامج في حالة شرود كاملة.