السؤال الذي لا تكون من نتائجه الأولية خلق الهواجس هو سؤال يولد ميتا في مهده.وحقيقة السؤال أنه من خلاله تثار الهواجس والإشكاليات، وبالسؤال ثم السؤال تزال الهواجس وتكشف الحجب على طريقة الفعل والتفكير. ثانيا: عمليات تدقيق المشروع والسؤال المطلوب المشروع المجتمعي للحركة محتاج في كل مرحلة من مراحله إلى تدقيق وتمحيص حسب التطورات التي تعرفها أنظمة التفكير وتماشيا مع التحولات التي يعرفها المحيط التي تشتغل فيه الحركة. تدقيق المشروع و تمحيصه يتطلب منا العمل في اتجاهين: أ- تفصيل العناوين الكبرى للمشروع وفق خصوصيات اللحظة التاريخية. ب- تجديد بعض المفاهيم والتصورات ونظريات العمل،بل إن الأمر يتطلب في بعض الأحيان امتلاك القدرة والشجاعة على التجاوز والقطيعة النهائية مع بعض رؤى ومناهج العمل. و عملية التدقيق لا يمكن أن تتم إلا في أجواء وفضاءات تستخدم فيها آليات فعالة للإنتاج الفكري وطرح السؤال. ويبقى السؤال ذو الطبيعة الإشكالية والمعرفية يشكل أحد أهم الأليات المهمة في بعث حركية تعمل على تفصيل العناوين الكبرى وتدقيق الديباجات وتجديد ما يمكن أن نراه يستحق التصويب والتجاوز. 3 إشكالية النخبة: مثقف ومسؤول وقيادة. بغض النظر عن التعريف الذي قد يأخذه المثقف داخل الحركة فإن هذه الفئة غالبا ما تنعت في الأوساط التنظيمية-الميدانية بأنها فئة تشتغل على النظري وعلى العموميات ولا تنزل إلى أرض الواقع لتعايش إشكالات الناس وقضاياهم. وفي المقابل فرجالات التنظيم يلامون بنفس المنطق،لا يعرفون سوى التقارير واللقاءات والقرارات، وليس لهم القدرة على الإستيعاب للقضايا الكبرى. وسيلتهم الوحيدة لفهم الظواهر والتعامل معها هي إصدار القرارات والبيانات والنداءات. وفي ظل هذه الثنائية بين المثقف ورجل التنظيم يتولد الإنفصام النكد بين حركة الفكر وحركة الفعل، وتتولد الإشكاليات الموهومة. وهنا تأتي دور القيادة،فيبقى من أدوارها توفير الفضاءات والمنتديات للتفكير الجماعي يلتقي فيها رجالات التنظيم وفئة المثقفين. وأكيد أن استمرار هذه الفضاءات سيكشف لنا مساحات كبيرة للالتقاء والتقاطع بين المثقف ورجل التنظيم، وفي ظل هذه المساحات المشتركة تولد الأسئلة الحقيقية.. خاتمة: شكلت الرسائل المفتوحة التي يتقدم بها رئيس حركة التوحيد والإصلاح كل يوم جمعة نقطة التوازن بين ما يمكن أن تكون عليه الحركة من ناحية التنظيم والبناء ومن ناحية التفكير وتجديد الرؤى. والرسائل المفتوحة تكمن أهميتها في المزاوجة بين القدرة على المتابعة اليومية لقضايا التنظيم وإشكالاته والقدرة على بلورة هذه الإشكالات في قالب فكري وتصوري مؤسس. وهذه المزاوجة مؤشر على بداية مرحلة جديدة يكون فيها التوازن حقيقيا بين حركة الفعل وحركة الفكر. وأخيرا فالرسائل المفتوحة للمهندس محمد الحمداوي تعد بمثابة رسائل مفتوحة لكل العاملين في ميدان الفكر والتنظيم لطرح أسئلتهم ونقاشاتهم وإخراجها من أركان المقرات ليتم تحريرها من أسر الدردشات والانطباعات وتحويلها من الهواجس الفردية إلى دوافع فاعلة في عملية تنزيل وتدقيق المشروع المجتمعي الذي تنشده حركة التوحيد و الإصلاح. إذن هي مرحلة السؤال..؟؟ مرحلة فتحتها حركة التوحيد والإصلاح لتجدد الإعلان أن اشتغالها الدعوي و التربوي مؤسس على مقدمات فكرية ومنهجية تستمدها من مرجعياتها الأصيلة ومن كسبها الواقعي في الممارسة والفعل. يقال إن السؤال نصف العلم، ولكن أي سؤال يستحق أن يكون نصف العلم؟ وأي علم تحتاجه الحركة؟ تشكل هذه المداخلة محاولة للتفاعل مع هذه الأسئلة وفي نفس الوقت فهي تأتي في سياق التفاعل مع النقاش الذي طرحه رئيس الحركة محمد الحمداوي في رسالته المفتوحة الأخيرة حول ندوة السؤال. أولا-صعوبتان والأسئلة الخاطئة. تواجه الأفكار الكلية والمؤسسة للمشروع المجتمعي الذي تنشده الحركة أثناء تنزيلها لنوعين من الصعوبات: 1الصعوبات الأولى: أن تظل هذه الأفكار محافظة على طبيعتها التعميمية وجانحة نحو التجريد المفرط مما يجعلها تفقد قوتها التفسيرية والتفاعلية مع المحيط الذي تشتغل فيه الحركة. وفي كثير من الأحيان والمحطات ما ينتج عن هذا التناول التعميمي للمشروع المجتمعي مجموعة من الخطابات تفضي بنا إلى حالتين متناقضتين،لكل حالة سياقها وظروفها الخاصة: أ-حالة الجمود والتكرار و الرسو على بعض المقولات التي قد تتحول إلى أشكال تفتقد التأثير. ب- حالة تعبوية يملئها الحماس الذي سرعان ما ينقضي بانقضاء اللحظات المنتجة لهذا الحماس. و في كلتا الحالتين فعندما لا تتحرر الأفكار الكلية والمؤسسة للمشروع المجتمعي المنشود من طابعها التعميمي المغلق تروم لأن تتحول إلى مجموعة من المواعظ والنداءات وإعلانات المواقف التي قد لا تلامس بالشكل المطلوب حركية الواقع و طبيعته المركبة. 2 الصعوبات الثانية: وتتمثل في انزلاق هذه الأفكار في صيرورة تفاصيل التنظيم اليومية فتتشتت على صخرة التدابير والإجراءات ودقائق الأمور، فيفتح المجال بعد ذلك لبروز ملامح التفكير التبسيطي والاختزالي لمجموعة من القضايا والإشكالات. والصيرورة التنظيمية-الميدانية التي لا تمتلك في ذاتها بوصلة التوجيه المرجعي وتندمج فيها، فإنها في حالات التضخم التنظيمي قد تبتلع الأفكار الكبرى والمؤسسة للمشروع المجتمعي المنشود. إذن هما صعوبتان تواجه عمليات التفكير وتواجه عملية طرح السؤال، ومن رحم هذين الصعوبتين قد تولد الأسئلة ذات الطرح غير السليم: أ-أسئلة تستقي عناصر تركيبها من عالم التفاصيل الدقيقة فيكون السؤال اختزاليا لواقع الأمور، ومن شأن الاشتغال بالجواب عليه قد يدخلنا في دهاليز ضيقة يصعب الخروج منها. ب- أسئلة قد تتولد في إطار نقاش تجريدي متعالي على حركية الواقع و تركيبه المعقد، فتبقى هذه الأسئلة نخبوية ومعزولة لتتحول بعد ذلك إلى أسئلة هامشية في ظل السيرورات التنظيمية اليومية،ومن تم تفتقد هذه الأسئلة قدرتها على توليد الأفكار والإشكاليات. حركــة التوحيـد والإصـلاح والأسئلة المطلوبـة حركــة التوحيـد والإصـلاح والأسئلة المطلوبـة