أشعر في ظل ما تتعرض له الأمة الإسلامية من أزمات وظلم وإهانة بأن يدي مغلولة وبأننا أمة محتقرة ومستضعفة ولا نصبح ونمسي سوى على البؤس والظلم، هذا الأمر سبب لي اكتئاب وحسرة وأصبحت نظرتي إلى العالم سوداوية. والمستقبل مظلما، فكيف أتجاوز هذه المرارة والكآبة وأقبل بالوضع وأتعايش معه؟ لابد من قراءة سنن الله تعالى في الكون حتى تكون نظرتنا أقرب للصواب، ولابد من قراءة تاريخ الإنسانية بوجه عام، وقراءة تاريخ الأمة بوجه خاص حتى تتبين لنا ملامح الأحداث والوقائع على ضوء الكتاب والسنة وفهم قادة هذه الأمة الفكرية والسياسية. وهذا الكلام له ارتباط كبير بالرؤية القليلة لدى كل فرد، ولها تأثير شعوري ونفسي على الإنسان، ومن الجميل أن يهتم الإنسان بقضايا أمته، امتثالا لما جاء في الأثر: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. غير أن هذا الاهتمام لابد أن يأخذ مناحي متعددة، وأشكالا متنوعة، كل حسب وظيفته وطاقته، وإلا فإن الحزن على الأمة والبكاء على الأطلال إن لم يؤد إلى الانتحار فقد يؤدي إلى الانهيار، ومعه يفقد المسلم كل أمة، ويصاب باليأس الذي حرم عليه أن يتسلل عليه، كما قال ربنا : إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. إن هذا لا يعني عدم الاهتمام بشئون الأمة، ولكنه يعني أن يهتم كل امرئ بمستواه وحسب طاقته، حتى نحول هذه الطاقة إلى جزء من سلسلة الإصلاح، فتنتظم الأعمال الصغيرة في عقد الإصلاح الشامل، ويضحى الدعوة إلى الصلاة والالتزام بإتقان العمل هي السبيل إلى تحكيم شرع الله في الأنظمة الحاكمة، وتحقيق مفهوم الأمة الذي يسعى إليه كل مخلص مؤمن بقضية أمته. ربما أحزن لما يحدث في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو غيرها من الدول، غير أننا بحاجة إلى أن يتحول هذا الحزن إلى قوة دافعة نافعة، تحول المرء من السلبية إلى الإيجابية. إن المطلوب ليس البكاء على الأطلال، ولا التباكي مع الإخوان، بل إن الواجب هو أن نعرف قدراتنا جيدا، وما يمكن أن نفعله على المستوى الفردي أو المستوى الجماعي، داخليا وخارجيا. فاجلس مع نفسك، وانظر طاقاتك وإمكاناتك وما يمكن أن تقدمه بشكل يسير جدا، وحدك أو مع غيرك، وهذا هو الطريق للتعبير عن الحاجة للإصلاح والتغيير، وعمل شيء لأمتنا المنكوبة. الأستاذ عبد الرزاق الجاي