تحدث الأستاذ الأمين بوخبزة شفاه الله في شهادته، والدكتور عز الدين توفيق في هذا الحوار عن قضية بالغة الأهمية تتعلق بإرسال بعثة دراسية إلى مصر. الدكتور عز الدين وتوفيق أشار إلى أن البعثات في تلك المرحلة كانت قد انقطعت إلى المشرق العربي، واتفقت الشهادتان معا على أن القصد من إرسال هذه البعثة هو تقوية هيئة التدريس داخل شعبة الدراسات الإسلامية وضم أساتذة من تخصصات متنوعة إليها. الأستاذ الأمين بوخبزة والدكتور عز الدين توفيق كانا ينتميان إلى شعبة الفلسفة، وتحديدا علم النفس، ولا شك أن طلبة آخرين كانوا في تخصصات أخرى تنتني كلها إلى العلوم الإنسانية، وأن خطة محمد بلبشير الحسني كانت هي الاستعانة بهذه التخصصات ضمن شعبة الدراسات الإسلامية حتى لا تبقى محصورة في الدراسات الشرعية. هي الفكرة ذاتها التي ظل المعهد العالمي للفكر الإسلامي يتبناها، حين كان يطرح أسلمة العلوم الإنسانية والاجتماعية، لكن الدكتور بلبشير الحسني بخبرته الميدانية كان رجلا عمليا، فاستطاع بحكمته وذكائه أن يقوي هيئة التدريس، والشعبة في بدايتها ولم يكتسب أساتذتها الخبرة الكافية، ويضم إليها هذه الأسماء التي استفادت من الخبرة المصرية، وراكمت رصيدا معرفيا متميزا. ذكاء الأستاذ محمد بلبشير لم ينحصر فقط في قضية إدخال العلوم الإنسانية إلى شعبة الدراسات الإسلامية وتكوين أساتذة معروفين بتكوينهم الشرعي في تخصصات تستعين بهم الشعبة، ولكن ه تعدى ذلك إلى تعزيز التكامل العربي في مجال التعليم، ووصل ما انقطع باستئناف البعثات الدراسية داخل العالم العربي والتي كتان لها دور مهم في تقوية الشعبة وتنويع تخصصاتها. ربما كان محمد بلبشير ينظر إلى واقع شعبة الفلسفة، والصراعات الإيديولوجية التي كانت تمزقها، وربما رأى أنه من غير المناسب التنسيق معها في هذا الموضوع بحكم التباعد الرؤيوي بين الشعبتين في تلك المرحلة الحرجة التي كانت تصنف فيه شعبة الدراسات الإسلامية باعتبارها الخصم الأساسي لشعبة الفلسفة، وأن النظام هو الذي استحدثها للقضاء على المد اليساري كما يدعي محللو اليسار. نأى الأستاذ محمد بلبشير بعيدا عن كل هذا، وأبدع فكرة البعثة الدراسية لمصر والمشرق العربي، لتحقيق أكثر من هدف، ولتجاوز أكثر من مشكلة.