أما في الغرب المسيحي فإن أهم نشاط تخريبي قامت به هذه الجمعية الخفية هو قدرتها على تشغيل الرأس الداخلي للتخريب في الثورة على الكنيسة البابوية في بداية العصر الحديث. لقد تمكنت فرق اليهود الماسونية من التسلل إلى داخل الجماعات المنادية بالإصلاح الديني كالبروتستانتية و الكالفانية و البيوريثانية . تسللوا في صورة رجال دين مسيحيين خداعاً ،وما هم إلا يهوداً خُلَّصاً. فالإصلاح البروتستانتي ألغى سلطة البابا و أعاد الاعتبار للعهد القيم أي التوراة و هو يمثل 90% من الكتاب المقدس.الذي يعتبر اليهود هم شعب الله المختار ، أن فلسطين هي أرض ميعاد عند لليهود ، أن عودتهم لفلسطين شرط من شروط عودة المسيح ليحكم الألفية السعيدة. لقد ظهرت الصهيونية المسيحية مع البروتستانت قبل ظهور الصهيونية اليهودية بثلاث قرون و نيف من الزمان . و المسيحية الصهيونية هي القوة الضاربة في الولاياتالمتحدةالأمريكية . فهي أقوى من الصهيونية اليهودية في أمريكا. عدد أعضائها حوالي 70 مليون عضو. تملك 1400 قناة و إذاعة و 25 ألف مدرسة و أكثر من 20 جامعة. و هي القوة الحاسمة في من يتولى رئاسة الولاياتالمتحدة. المرحلة الخامسة: من 1787م إلى الآن: هي مرحلة الثورة الليبرالية في كل أبعادها :في بعدها الاقتصادي و عنوانه الثورة الرأسمالية ، في بعدها السياسي و عنوانه الثورة الديمقراطية العلمانية، في بعدها الفكري و عنوانه الثورة العقلانية المادية اللادينية ، في بعدها النفسي الاجتماعي و عنوانه الثورة الفردية الشهوانية. و أهم تعديل تنظيمي في هذه المنظمة السرية هو توسيع العضوية لتشمل غير اليهود . و لكن مع وضع ثلاثة و ثلاثون رتبة للمنخرطين . بحيث لا يصل إلى رأس المنظمة إلا اليهود. و منذ هذه المرحلة غيرت اسمها فلم تعد تسمى بالجمعية السرية بل بجمعية البناءين الأحرار(نْممَّ حفثََُّ).أو الماسونية .و هو التعديل الثاني. و التعديل الثالث المهم هو تغير شعار المنظمة السرية ليتلاءم مع عصر الحداثة و العلمانية. فأصبح الشعار الجديد و ما زال حتى اليوم ( الحرية ــ الإخاء ــ المساواة). شعارات زائفة للتضليل و التعمية ليتسنى لهم التسلل من داخلها لممارسة التخريب من الداخل لكل العقائد و الثقافات الممانعة عند الشعوب . فالثورة الليبرالية العلمانية حليف جديد في معركة اليهود ضد المسيحية و الإسلام . لقد أبعدت هذه الثورة الكنيسة عن السلطة السياسية و التدخل في أمور الناس الدنيوية. و هذا نصر لليهودية التي لم يكن لها أي دور في إدارة شؤون الغرب المسيحي.كما أن نشر الثقافة المادية و اللادينية نصر لديانتهم العاجزة عن إدخال الناس إليها . لكن الماسونية العالمية لم تقنع بما حققته من انتصارات على المسيحية في الجولة الأولى مع إنجيل بطرس الرسول في القرون الأربعة الأولى ، أو في الجولة الثانية مع البروتستانت، من خلال ثورة الإصلاح الديني في القرنين 16 و 17 م. و لا في الجولة الثالثة مع الثورة الليبرالية في أوروبا. فهي لم ترَ في الجرعة العلمانية و المادية للثورة الليبرالية ما يكفي لتحيق هدفها الجديد ، وهو إحكام السيطرة على العالم من خلال حكومة حكماء صهيون. لأن الماسونية كنيسة إلحاد مطلق. فانخرطت بقوة في تعميق البعد العلماني و المادي لثورة الحداثة . فكانت الثورة الاشتراكية الملحدة و المخلصة في عدائها للدين مع اليهوديين كال ماركس و فريدريك أنجلس ، و التطبيق العملي لها في الثورة الشيوعية الروسية التي قادتها أغلبية ساحقة من اليهود الشيوعيين ثم في باقي العالم الشيوعي. هذا العمل يدخل في برنامج الحركة الصهيونية المنعقد في مؤتمر بازل بسويسرا سنة 1897م بزعامة تيودور هرتزل . صرح وفد جمعية ( بناي برث) الماسونية الأمريكية في هذا المؤتمر بما يلي: ((علينا أن ننشر روح الثورة بين العمال ، إذ أنهم هم الذين سننفذ بهم إلى خطوط دفاع العدو... من أجل تخريب المدنية .. و الإسراع في نشر الفوضى. فإسقاط الشيوعيين لنظام قيصر روسيا،المسيحي الأرطودوكسي الذي يعتبر نفسه حامي للمقدسات المسيحية في فلسطين ،كان لازماً لليهود لفسح المجال أمامهم للهجرة و الاستيطان في فلسطين.ففي استمرار حكمه يعني رفض تهويد هذه الأماكن المقدسة أي منع هجرة اليهود إلى فلسطين. و لهذا الاعتبار الأساسي سيتم إسقاط السلطان عبد الحميد ثم الخلافة العثمانية سنة .1924و في بلاد الإسلام كان التطبيق العملي لهذا المذهب الإلحادي بأن قاد اليهود عملياً تأسيس الأحزاب الشيوعية العربية المعادية لأوطانها و دينها.وفي ذلك إبعاداً للإسلام عن السياسة و إبعاداً للمسلمين عن دينهم. و هو الشرط الحيوي لتسرب سيدا الصهيونية لجسمنا و إعداد اللحوم الرخوة السهلة الهضم من طرف الصهيونية العالمية. والوثائق تؤكد اليوم أن الماسونية استغلت الثورة العلمانية ، أي فصل الدين عن الدولة للإطاحة بالخليفة العثماني عبد الحميد رحمه الله، و مجيء الاتحاد والترقي الجناح العسكري لحزب تركيا الفتاة إلى الحكم سنة 1908م، ذو التوجه القومي العلماني ضداً على الإسلام،انتقاما من السلطان لرفضه صفقة عرضها عليه تيودور هرتزل زعيم الحركة الصهيونية اليهودية، بان يقدم اليهود للسلطان 50 مليون ليرة ذهبية لحسابه الخاص و 100 مليون ليرة ذهبية لخزينة الخلافة مقابل تسليمهم أرض فلسطين. فعضوية قادة حركة الاتحاد و الترقي في المحفل الماسوني بروما أمر يؤكده السفير البريطاني في استنبول (السير جيرارد لاوث). إذ بعث إلى وزير الخارجية تشارل هاردينغ رسالة سرية للغاية يقول فيها عن هذا الأمور أنه (( قد حصل عليها من ماسونيين محليين بصورة سرية تامة ... ولدى أرجو أن تحافظ على سرية هذه الرسالة كل المحافظة)) ففي ما جاء في الرسالة أن الماسونية الأوروبية تسيطر على الاتحاد و الترقي أي الجناح العسكري لحركة تركيا الفتاة.و إنها من وراء الإطاحة بالسلطان عبد الحميد العثماني انتقاماً منه لرفضه هجرة اليهود إلى فلسطين، و تسليمها لهم. و المؤكد أيضا أن إلغاء مصطفى أتاتورك للخلافة الإسلامية سنة 1924 و التمكين للثقافة و الدولة العلمانيتين بتركيا مؤامرة تحالفت فيها ماسونية و الاستعمار ضد شريعتنا.