رغم قلة ذات اليد، وصعوبة ظروف الحياة التي أصبح يشتكي منها الجميع، والتي تعرف ارتفاعا متواصلا للأسعار في جل المواد الاستهلاكية، ورغم صعوبة العمل الذي يمارسه والذي يتطلب منه قوة بدنية تنهك جسده في بعض الأحيان، ورغم أنه عاش طيلة حياته عازبا لسبب ما، إلا أنه لم يمنع نفسه من الشعور الأبوي والإحساس بالمسؤولية اتجاه أبناء لم يلدهم من صلبه، غير أن القدر أوضعهم في طريقه بعد وفاة آبائهم، ثلاثة أطفال من الأقارب رباهم حتى صاروا أشداء وأصبحوا يستطيعون العناية جيدا بأنفسهم بل منهم من شغل وظائف محترمة في إحدى الوزارات. وبعد مرور خمسة عشرة سنة على بداية شعوره بالمسؤولية اتجاه هؤلاء الأبناء، واطمئنانه على مستقبلهم. آثر على نفسه، واختار عمل الخير طريقا ومنهجا له في الحياة، رغم معاناته مع المرض وصعوبة ظروف العمل. وهاهو اليوم يعيل أربعة أيتام آخرين توفي آباؤهم وتركوهم وحيدين، غير أن أقدار الله تعالى تصب في حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه، وكفالته لهؤلاء الأيتام جنبتهم التشرد والشارع، وكان هذا الرجل بمثابة المنقذ لسبعة أيتام على التوالي، ويقول أنه إذا أطال الله له العمر وأوصل هؤلاء اليتامى الذين هم في كفالته اليوم إلى المراكز التي يطمحون إليها واطمأن على مستقبلهم فإنه سوف يربي يتامى آخرين لأنه منذ أن فشل في الزواج لأول مرة قرر أن يأخذ طريق تربية اليتيم منهجا له في الحياة باعتبارهم الطبقة الأكثر احتياجا لكل أنواع العطف والحنان، كما أنه يعمل بجد ويجتهد كي لا يحرمهم من أي شيء يحتاجون إليه في حياتهم اليومية، راجيا من كل أعماله الخيرية ابتغاء مرضاة الله تعالى إيمانا منه بالحديث الشريف للرسول الكريم: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة مشيرا إلى إصبعيه السبابة والوسطى.