جاء التقرير السياسي الذي تقدم به عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أمام أعضاء المجلس الوطني للحزب في دورته العادية اليوم السبت ببوزنيقة، وكما كان متوقّعا، قويا وذا أبعاد ورسائل مختلفة، حيث تطرق إلى كل المحطات التي عاشها الحزب، انطلاقا من الانتخابات التشريعية الأخيرة وما أعقبتها من كواليس ومحاولات العرقلة، إلى جانب التنويه بما أبان عنه المغاربة من تفاعل مع مجريات تشكيل الحكومة، وكذا الإشادة بمحطة عودة المغرب البارزة إلى الاتحاد الإفريقي. العودة إلى الاتحاد الإفريقي والإشادة بدور الملك أشاد ابن كيران ب"العودة المظفرة للمغرب إلى بيته الإفريقي من الباب الواسع وبرؤيته الإستراتجية الرائدة لربح رهانات التنمية والأمن والديمقراطية بإفريقيا دون تبعية أو وصاية"، مؤكدا أن المغاربة قاطبة عاشوا لحظة تاريخية مليئة بالاعتزاز والفخر بمتابعة استعادة المغرب لمقعده بالاتحاد الإفريقي، وبالاستقبال الكبير الذي حظي به جلالة الملك في القمة الإفريقية. واعتبر ابن كيران، أن هذه العودة هي "تتويج لمسار عمل كبير في العمق قاده جلالة الملك حفظه الله". الانتخابات الأخيرة.. النصر الكبير للعدالة والتنمية شدد ابن كيران، على أن حزب العدالة والتنمية حقق نصرا انتخابيا كبيرا ومتميزا، "أكد ما سبق أن حصل عليه الحزب من تقدم معتبر في الانتخابات الجماعية". وأشاد ابن كيران، بتفاعل الناخبين مع دعوة الحزب ومناضليه من أجل وضع اليد في اليد لمواصلة الإصلاح، وبالتفاعل منقطع النظير مع الحملة الانتخابية ومع المهرجانات التواصلية للحزب، مؤكدا "فشل كل حملات التضليل والافتراء والتبخيس التي لم تتوقف طيلة السنوات الخمس للولاية الحكومية السابقة". العدالة والتنمية ومصالحة المغاربة مع السياسة أشار ابن كيران إلى "تجديد الثقة في الحزب وفي أدائه المتميز على المستوى الحكومي، وفي منتخبيه على مستوى الجماعات الترابية"، وإلى التصالح التدريجي للمواطنين مع السياسة، ودور الحزب الإيجابي في المساهمة في الإصلاح في إطار الاستقرار، منوها بشعور المواطنين بسريان روح جديدة وبروز نموذج منتج في العمل السياسي. شعار الإصلاح في ظل الاستقرار.. منهج وسلوك العدالة والتنمية أبرز ابن كيران، أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى إقامة معادلة صعبة ظلت مختلة في تاريخنا السياسي الحديث، وهي التمسك بالدعوة إلى الإصلاح والتغيير في ظل الاستقرار والتعاون بين مختلف القوى الحية للوطن بقيادة المؤسسة الملكية. وأكد ابن كيران على البقاء "أوفياء لهذا المنهج القائم على النضال من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتصدي لكل أشكال الفساد والاستبداد الذي سعى ويسعى للوقيعة بين القوى الوطنية الإصلاحية الوفية للمشروعية ولمؤسسات وثوابت الأمة". واعتبر ابن كيران، أن الحزب "التزم بهذا الخط بكل شجاعة ومسؤولية خلال الربيع العربي، حين رفض عن وعي الانسياق مع الموجة والخضوع لإغراء الاحتجاج غير المحسوب العواقب من خلال رفعه لشعار الإصلاح في إطار الاستقرار"، مواصلا مع "شرفاء هذا الوطن هذا الخط الذي يجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار". الاعتزاز بالمنجزات أكد ابن كيران على مساهمة الحزب، مع الحلفاء في الأغلبية الحكومية "وبفضل حكمة وتبصّر جلالة الملك حفظه الله وبقيادته"، في إشعاع المغرب وتعزيز تميزه كبلد مستقر وآمن يتقدم في مسلسل الإصلاح ويتمكن من جلب استثمارات نوعية وضخمة ويهتم بفئاته ومجالاته المهمشة". ونوه ابن كيران بإنجاز إصلاحات هيكلية كبرى كانت معطلة ومؤجلة، كإصلاح منظومة العدالة وإصلاح صندوق المقاصة وإنقاذ صندوق التقاعد والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، مشيرا إلى الإشراف على تطبيق قرارات يفرضها الدستور والقانون كاعتماد التوظيف بالمباراة والشفافية في الولوج إلى مناصب المسؤولية وربط الأجرة بالعمل وإنهاء فوضى الإضرابات العشوائية وغير المبررة". وأبدى ابن كيران اعتزازه باهتمام الحزب، إلى جانب كل الشركاء، بالفئات المهمشة والمحتاجة، كدعم الأرامل وتقليص ثمن الأدوية والزيادة في المنح الجامعية والزيادة في الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى للتقاعد ومشروع استفادة الوالدين من التغطية الصحية والتعويض عن فقدان الشغل، وأيضا بالاهتمام بالمقاولة الوطنية وتحسين مناخ الأعمال وإنقاذ المقاولات الوطنية وأداء ديونها وإعطائها الأولوية في الصفقات العمومية ودعم المقاولات المتوسطة والصغرى، وبإنقاذ المالية العمومية من العجز والارتهان للخارج واستعادة التوازنات الكبرى الاقتصادية والمالية وإنعاش الإستثمار العمومي. البناء الديمقراطي كثمرة للنضال المؤسساتي أشار ابن كيران إلى المسار المشرق للبناء الديمقراطي ببلادنا وفي مشهدنا السياسي، "حيث ارتفعت مناعة المواطنين ووعيهم ضد الأساليب التي سعت للتأثير في إرادتهم وتوجيه اختياراتهم". ونوه ابن كيران، بالتحولات الإيجابية والكبيرة التي هي في طور التبلور داخل مجتمعنا، مشيرا إلى أن "البعض لم يدرك أن زمن التوجيه والتأثير في اختيارات المواطنين قد ولى من خلال أدوات الضبط التقليدية"، وإلى "مدى ارتفاع مستوى وعي المواطن وسهولة تداول المعلومة والصعوبة المتزايدة في ضبطها أو توجيهها". محاولة الانقلاب على الدستور استهجن ابن كيران، في كلمته، عدم تسليم بعض الجهات الحزبية التي خسرت الانتخابات بالهزيمة، منتقدا محاولاتها اقتراح تخريجات غير دستورية "تقطع الطريق على تعيين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيساً للحكومة باعتباره الحزب المتصدر، والاتفاق المسبق على تكوين أغلبية نيابية بعيدا عن المنطق الدستوري والذي يقتضي تسهيل مأمورية الحزب المتصدر للانتخابات بدل اللجوء إلى أساليب غير دستورية لعرقلة وتأخير تشكيل الحكومة". وفي هذا السياق، أحال ابن كيران، على "المواقف المتناقضة والمتقلبة للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي"، والذي عبر في البداية عن استعداده لتسهيل مهمة تشكيل الحكومة، قبل أن ينخرط بعد ذلك في سلسلة من الاشتراطات والتناقضات، وينزلق بعد ذلك نحو مهاجمة حليف مبدئي للعدالة والتنمية هو التقدم والاشتراكية والذي صمد في وجه الاستهداف وعبر عن مواقف مشرفة لمصلحة التطور الديمقراطي. وقال ابن كيران، إن "الرأي العام يميز جيدا ويتساءل عن المنطق الدستوري أو السياسي الذي يجعل من المستساغ أن يصبح حزب لم تسعفه نتائجه الانتخابية يدعو إلى القفز على الدستور ويوقف مسار تشكيل الحكومة ويهدد بأن الحكومة إما أن تكون به أو لا تكون ويطرح نفسه كحزب ذي كفاءات لا يمكن أن تستقيم الحكومة إلا بها خصوصا في التوجه الإفريقي للدولة حاليا؟".