نادرا ما تأتي المصائب فرادى. هكذا يبقى يوم 16 يناير 2017، عبر الزمن، يوما مؤلما في ذاكرة المغاربة. والحدث انهزام وطننا الحبيب في مناسبتين اثنتين: الحدث الأول عبر عنه اندحار منتخبنا الوطني للكرة في مباراة رياضية، والثاني جسدته انتكاسة ديمقراطيتنا في مهزلة سياسية. ولعل الثابت في الحالتين معا أن المغاربة ظلت أيديهم ترتجف على قلوبهم؛ لأنهم كانوا يعلمون مسبقا بمآل الحدث الأول، ويعلمون علم اليقين بما ستفضي إليه مقدمات الحدث الثاني. من اليوم فصاعدا ستتسابق أحزابنا كلها لتذيل النتائج الانتخابية. من الآن فصاعدا سيعمل "التاعس" من الأحزاب على "الناعس" منها، والنتيجة مضمونة؛ هي مكافئة المتذيل برئاسة مجلس النواب؛ في تميز ديمقراطي مغربي فريد من نوعه. هكذا اعتلى اليوم عضو من أعضاء البقية الباقية من أحد الأحزاب؛ منصة التتويج بتعيينه على رأس ثالث أعلى منصب في هرم الدولة. هكذا تنافس الرجل، بلا استحياء، ضد نفسه… واحتل الصدارة أمام نفسه. وفي مشهد يبعث على الشفقة والتقزز معا، رفع الرجل يده للتعبير عن حبوره المزيف، وعلى شفتيه ابتسامة لزجة تحاكي ابتسامة الموناليزا؛ مختزلة ما يحاك من مكائد ومؤامرات ضد الوطن. أما هنالك، حيث يجري النزال الرياضي، في أدغال إفريقيا؛ القارة التي من أجل تجديد الانضمام إليها، سمحت الأحزاب المعلومة لنفسها أن تنتهك ديمقراطيتنا التي وصفت بالناشئة، بل لوأدها قبل الميلاد، فأحرى النشأة. هنالك حيث النزال، كنا نبحث عن قناة غير مشفرة لمتابعة عمر وتفاصيل الهزيمة كلها؛ هزيمة أسود الأطلس التي يروضها ثعلب الألزاس. هذه إذن هي الحلقة الأولى من الاستثناء المغربي؛ من حلقات اغتيال الديمقراطية في مهدها. هكذا تتم مكافأة من يرجع له الفضل في تعطيل ميلاد الائتلاف الحكومي، وهكذا سيشهد التاريخ على الغدر والخذلان، هكذا سندخل نفق الحسابات الضيقة في المشاورات والمفاوضات، وندخل معها في الاحتمالات الممكنة لتأهيل المنتخب الوطني؛ فيما تبقى من حلقات هدر الزمن السياسي والرياضي والأخلاقي أيضا. إياكم والطعن في نتيجة رئاسة البرلمان، وإياكم والإشادة بهزيمة المنتخب الوطني، فمثلها مثل الإشادة بارتداء "البرقع".