منذ حوالي 3 أشهر نشرت صحيفة غيلاندز بوستن الدانمركية ذائعة الصيت، وذات مصداقية كبيرة لدى الشعب الدانمركي، مسابقة لرسم أحسن كاريكاتير، للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وبالفعل أرسل القراء أكثر من مائة صورة... وتم نشر حوالي 12 كاريكاتير، تصور رسول الله، وهو يلبس عمامة مليئة بالقنابل والصواريخ، وتصوره وهو يصلى في أوضاع مهينه للغاية، ولقد تم نشر هذه الصور علنا، وعلى مدار عدة أسابيع، وبمعرفة وموافقة، بل وتأييد من الحكومة، وتفاعل الرأي العام الدانمركي معها، ولقد حاولت الجالية الإسلامية هناك، الدفاع عن الإسلام ومقدساته، وذلك بوقف نشر هذه الصور، لكن مساعيها لم تفلح حيث رفض رئيس التحرير الصحيفة المذكورة مجرد مقابلتهم، وتضامنت كل الهيئات الحكومية مع الجريدة، ورفضت كل محاولات الجالية الإسلامية... وقد أثارت تلك الرسوم، التي أعادت نشرها صحيفة نرويجية، ردود فعل قوية بالعالم الإسلامي كان أبرزها المواقف التي اتخذته المملكة السعودية بسحب سفيرها من الدنمارك وليبيا بإغلاق سفارتها هناك، ثم الاحتجاجات الشعبية، إضافة إلى المقاطعة الاقتصادية للمنتوجات الدنماركية في دول كثيرة وخاصة دول الخليج. ولكن في المغرب يبدو أن موجة البرد القارس التي تجتاحه حاليا قد أدخلت بعض البرودة على مشاعر التضامن في الأوساط الرسمية والحزبية والعلماء والمساجد وكذا جمعيات المجتمع المدني والحقوقي فلم تتحرك لحد الآن الغيرة على الرسول الكريم وعطلت كل وسائل تحريك الحب الذي يكنه المغاربة لدينهم ومقدساته. المغرب التزم الصمت ولم يصدر عنه أي موقف يليق به كدولة دينها الإسلام وعهد عليها العالم مناصرة العديد من القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين، والعلماء لم يتكلموا والمساجد التي نددت منابرها في محطات كثيرة بكل ما يسيء إلى الدين لم تتكلم بعد، والشعب المغربي الذي لم يتوان في يوم من الأيام في الخروج للتضامن مع القضايا الوطنية والدولية والإسلامية لم يجد بعد من يحركه ويؤطره ليعبر عن استيائه واستنكاره لهذا الحدث الذي استفز مشاعر المسلمين جميعا. وحدهما حركة التوحيد والإصلاح والمركز المغربي لحقوق الإنسان من عبرا عن موقفهما بالإدانة. فقد وجهت حركة التوحيد والإصلاح المغربية رسالتين إلى السفيرين الدنماركي والنرويجي بالمغرب تستنكر فيهما ما نشرته صحيفتان دانمركية ونرويجية من رسوم كاريكاتيرية تسيئان للرسول صلى الله عليه وسلم. جاء في إحداهما لقد تابعنا كما تابع المسلمون في العالم باستنكار كبير ما نشرته صحيفة دنماركية من رسوم كاريكاتورية مسيئة لمشاعرهم من خلال إساءتها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين. وأضافت الحركة إننا إذ نعبر لكم عن استهجاننا لما نشرته الصحيفة المذكورة مما لا يمكن أن يبرر بحال بحق وحرية التعبير، بل إن من شأنه أن يسهم في صراع الحضارات وتباعدها بدل تحالفها وتآلفها نرجو أن تبلغوا حكومتكم استنكارنا لهذا التصرف العدواني تجاه عقائد المسلمين ووقف حملات الكراهية والاحتقار ضدهم وضد مقدساتهم. ومن جانبه طالب المركز المغربي لحقوق الإنسان حكومة الدانمارك بالاعتذار الرسمي للأمة الإسلامية على الأذى الذي لحق بها جراء المس بعقيدتها، والعمل على تفادي تكرار مثل هذه الممارسات الخطيرة مستقبلا. واعتبر المركز أن ما أقدمت عليه الصحيفة الدنماركية يشكل مسا خطيرا بالكرامة البشرية وبحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وعلى رأسها الحق في العقيدة المنصوص عليه في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تؤكد أنه لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. كما يشكل هذا الفعل استفزازا لمشاعر كافة المسلمين عبر العالم وتغذية لتوجهات العنصرية والكراهية بين الشعوب.