طالب البيان الختامي للمؤتمر الرابع لمؤسسة القدس، الذي انعقد في العاصمة اليمنية صنعاء، مؤخراً، المنظمات الدولية وفي مقدّمتها الأممالمتحدة، بالعمل على تحمل مسؤولياتها الكاملة في حماية القدس وصون مقدساتها، وإفشال مخططات تهويدها، باعتبار أن ما يجري في القدس اعتداء على التراث الإنساني. وحضر المؤتمر، الذي انعقد في الفترة ما بين الرابع والسادس من الشهر الجاري، برعاية الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية اليمنية، وترأسه سماحة الشيخ يوسف القرضاوي، سماحة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب اليمني، وعلي أكبر محتشمي، مستشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفيصل مولوي، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، ود. محمد أكرم العدلوني أمينها العام. كما حضر المؤتمر، أعضاء مجلس الإدارة والأمناء القادمون من العديد من الدول العربية والإسلامية، وبلدان المهاجر العربية والإسلامية والذين يمثلون الأمتين العربية والإسلامية بكل مكوناتهما الدينية والقومية والاجتماعية، وعدد من رموز المقاومة الباسلة والمجاهدة في فلسطين والعراق ولبنان. وتداول المجتمعون ، نقاشات حول قضية القدس بكل دلالاتها وأبعادها، والمشاريع التي أنجزت، والتي قيد الإنجاز من أجل إنقاذ القدس والحفاظ على عروبتها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم أهلها في وجه مخططات التهجير والتهويد والتدنيس التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسط مواقفَ عربيةٍ ودوليةٍ تتراوح بين الصّمت والعجز والتواطؤ والدّعم للاحتلال. وشدد البيان الختامي، على صعوبة الأوضاع التي تعيشها مدينة القدس تحت الاحتلال الصهيوني، حيث تعدّدت وسائل استهدافه للقدس ومقدساتها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى الذي يتعرض لكافة أنواع الاستهداف سواء بالحفريات من حوله، أو من تحت أساساته، أو بمنع المصلين من الوصول إليه، وفتح المجال أمام المتطرفين اليهود لتدنيسه بوتيرةٍ متصاعدة. وأكد البيان، على أن القدس هي جوهرة فلسطين وجوهر القضية الفلسطينية، معتبراً إياها القضية المركزية لكل عربي ومسلم وحر في هذا العالم، وبوابة الإنسانية إلى التحرّر من كل أشكال العنصرية التوسعية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني. وقال البيان، إن أبناء أمتنا العربية والإسلامية باقون على العهد، ومصممون على الاستمرار في دعم صمود أهل القدس ومساندتهم في مواجهة المخططات الهادفة إلى تهويد القدس وطمس هويتها، حتى تستعيد عروبتها وتتحرر مقدساتها الإسلامية والمسيحية. وأضاف البيان، أنه إذا أراد الإعلام الغربي والصهيوني المعروف الغايات والأغراض، الإيحاء بأن أمتنا تعيش عصر الإذعان لإملاءات الهيمنة الاستعمارية والصهيونية، فإننا نؤكد أن أمتنا تعيش عصر المقاومة والجهاد بكل الأشكال والمستويات، وأنها بفضل هذه المقاومة نجحت في دحر المحتل الصهيوني من جنوب لبنان، ومن قطاع غزة. واعتبر البيان، القدس أمانة في أعناق جميع حكام الدول العربية والإسلامية، وأن حماية مقدساتها ودعم صمود أهلها، واجب وأحد مصادر شرعية ولايتهم، وأن أي تقاعس في إنقاذ القدس هو تخلٍّ عن واحد من أبسط مستلزمات المسؤولية التي يحملونها. وأكد البيان، على حق الأمة الأبدي في مدينة القدس، باعتبارها أرض وقف إسلامي لا يجوز التنازل عنها، مشدداً على تمسك الأمة بكافة مقدساتها الإسلامية والمسيحية، داعياً إلى دعم صمود أهلها، والمحافظة على عمرانها في مواجهة مخططات التهويد المستمرة. وشدد البيان، على ضرورة تبني مشروع الوقف الخاص بمدينة القدس في كل الأقطار العربية والإسلامية، والذي أطلقته مؤسسة القدس والشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس، على امتداد الأمة، ليعود رَيعه إلى المشاريع المنفذة في القدس. وأوضح البيان، أن هذا المشروع بدأ تنفيذه فعلياً في جلسة إقرار المشاريع الخاصة بالقدس، حيث تمكنت المؤسسة من جمع ما يزيد عن ثلاثة ملايين دولار أمريكي على شكل تبرعات مباشرة، أو على شكل منح دراسية وعلاجية، هذا بالإضافة إلى مشاريع وقفٍ في البلدان العربية والإسلامية. وتوجه البيان، بالشكر لمبادرة السيد الرئيس علي عبد الله صالح، بتخصيص قطعة أرض في المنطقة الصناعية في عدن، ليقام عليها مشروع استثماري يوقف ريعه لصالح القدس، والذي أكد على مواصلة دعمه لمؤسسة القدس ونهج عملها، وترحيبه بمواصلة استضافة لقاءاتها ومؤتمراتها. كما قدم البيان، الشكر للمبادرات الرسمية والشعبية في البحرين بإنشاء مجمع الأقصى الخيري، الذي سيرصد ريعه لمشاريع القدس والمسجد الأقصى، والسودان بتخصيص وقفٍ للقدس، ولبنان والأردن بتخصيص أوقافٍ متعددة ومتنوعة الأشكال يُرصد ريعها للقدس، معتبراً هذه المبادرات بداية طيبة لنشر هذه الفكرة في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي. وناشد البيان، ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية المشاركة في القمة الإسلامية المرتقبة في مكةالمكرمة، أن يخصِّصوا جزءاً رئيساً من مداولاتهم ومقرراتهم، لصون القدس وحمايتها ودعم صمود أهلها، بالإضافة إلى دعم كفاح أبناء الأمة لتحرير أرضهم من الاحتلال في فلسطين والعراق ولبنان. وطالب البيان، هؤلاء الرؤساء والأمراء، بضرورة التنبه للمبادرة الخبيثة الرامية إلى إضافة علامة ثالثة إلى جانب الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي النجم الأحمر الإسرائيلي، والعمل على رفضها باعتبارها مدخلاً من مداخل التطبيع مع المحتل الصهيوني. ودعا البيان، كافة الدول العربية والإسلامية إلى تسهيل إجراءات تحويل المساعدات المالية للمؤسسات المدنية العاملة في القدسوفلسطين، لما له من كبير الأثر في تخفيف المعاناة عن أهلنا المرابطين هناك. وناشد البيان، الجهات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، العمل على إبداء أعلى درجات التضامن مع فضيلة الشيخ محمد بن علي المؤيد، ومحمد زايد المعتقَلَين في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والمحكوم عليهما بالسجن لمدة خمسة وسبعين عاماً، بتهمة جمع أموال لدعم صمود شعبنا، والإفراج الفوري عنهما، وعن كل المعتقلين والأسرى في السجون الصهيونية والأمريكية. ويشار إلى أنه انعقد في الفترة ذاتها الملتقى الثاني للشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس، والتي تضم أكثر من 70 جمعية ومؤسسة وهيئة عاملة للقدس في كل بلدان الأمة ومهاجرها، حيث عرضت الجمعيات المنضوية في إطار الشبكة برامجها ومشاريعها، وأقرت الميثاق الخاص بالشبكة، وآليات التنسيق، واختارت المنسق العام وأعضاء المنسقية العامة للشبكة. ويذكر أنه عملاً بالنظام الأساسي لمؤسسة القدس، ومن موقعه كهيئة تأسيسية تشكل أعلى سلطةٍ للمؤسسة، انعقد مجلس أمناء المؤسسة، كما انعقد لقاء ممثلي المؤسسات الأعضاء في الشبكة في جلساتٍ متعددة، مشتركة ومنفصلة، تقرّر فيها ما يلي: اعتماد التقرير الإداري والمالي للمؤسسة للعام 2005 مع الملاحظات التي أبداها الحاضرون عليه، كما تم إقرار الخطة والموازنة السنوية للمؤسسة للعام 2006 مع الملاحظات التي أبداها الحاضرون عليها، وإقرار مشروع التعديلات القانونية المطروح على النظام الأساسي للمؤسسة،عملاً بتوصيات المجلس في مؤتمره السابق في بيروت. كما تم انتخاب، سماحة الشيخ يوسف القرضاوي، رئيساً لمجلس الرئاسة، والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، والسيد علي أكبر محتشمي، وبشارة مرهج نواباً للرئيس، وخالد السفياني، أميناً لسر هيئة رئاسة المجلس. كما انتخب المجتمعون، مجلس إدارة جديد ضم كلاً من: الشيخ فيصل مولوي، ومعن بشور، وحسن حدرج، ومحمد عمر الزبير، والأب أنطوان ضو، ومحمد صالح الهرماسي، وحميد بن عبد الله الأحمر، وممدوح رحمون، ومحمد حسب الرسول عبد النور، وسعود أبو محفوظ، ومنير سعيد، وصلاح عبد المقصود، ومحمد أكرم العدلوني حُكماً بصفته أميناً عاماً للمؤسسة. وأبدى المجتمعون، عميق تقديرهم للجهود التي تبذلها المؤسسات المنضوية تحت الشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس، لدعم مدينة القدس وتثبيت سكانها الصامدين، وتوافقوا على ضرورة الارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون بين هذه المؤسسات وصولاً إلى التكامل في أعمالها ومشاريعها لرفع كفاءة العمل المدني الداعم لأهلنا في القدس. كما أقر أعضاء الشبكة، ميثاق الشبكة، الذي يُنظّم عملها ويوضح مبادئ وآليات التعاون والتنسيق بين أعضائها. وتم اختيار د. محمد أكرم العدلوني، منسقاً عاماً للشبكة، كما تم تشكيل المنسقية العامة للشبكة، وفق معيارَي التخصص والخبرة والتوزيع الجغرافي، مع توصية باستحداث مقرٍّ جديد مناسب للمنسقية العامة. وفي الختام، جدّد المجتمعون الشكر لليمن رئيساً وحكومةً ومجلساً نيابياً وأحزاباً ونقاباتٍ وهيئاتٍ أهلية ومواطنين على الضيافة الكريمة، كما حيّوا جهود الأمانة العامة في التحضير الناجح، والذي واكبه جهدٌ مميزٌ من فريق العمل اليمني الذي سهر على راحة المشاركين وحسن استقبالهم ووفادتهم. واعتبر المجتمعون، إصرار مؤسسة القدس على طابعها المدني، مظهر أصيل من مظاهر التطور في عقل الأمة وفكر قواها الحية من خلال الاعتماد على العمل المؤسسي والتخصصي، مؤكدين أنها أثبتت رغم قصر عمرها وضآلة إمكاناتها أنها صادقة في منطلقاتها، وجادّة في خطاها، من خلال العمل على تحويل قضية القدس إلى ساحة للحوار والتفاعل بين الديانات والحضارات باعتبارها مدينة الرسالات والمقدسات جميعاً.