لماذا الحرب على العلماء؟ ولماذا كلما تحدث عالم شريف في أمر يدخل في صلب اهتمامه إلا وتنطع متطفل لا معرفة له بالأمور الشرعية ليدلي بدلوه؟ لماذا يتجرأ بعض الكتبة بخلفيات سياسية على التشكيك في علمائنا الأجلاء والتقليل من مكانتهم لدى العامة والخاصة؟ منبعث تساؤلاتنا يرتبط بما تشهده الساحة الإعلامية من هجمة شرسة على العلامة أحمد الريسوني وغيره من الفقهاء الأفذاذ الذين يؤدون دورهم في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... ليست هذه المرة الأولى التي يتم التهجم فيها على الريسوني وعلى الأمين بوخبزة وغيرهم وحتى علماء الدول العربية الأخرى الذين يلقون صدى طيبا لدى المغاربة لا يسلمون من هجمة أدعياء الحداثة، وكلنا يذكر كيف تم إقحام صورة الداعية عمرو خالد وعائض القرني في ذلك البرنامج البئيس الذي سبق لتلفزتنا أن عرضته أثناء الحديث عن ملف الإرهاب والمتطرفين، وكأن كل من يحمل عمامة هو متطرف أصلا، وكأن كل من يتحدث عن هيام الأمة بشريعتها وتعلقها بدينها هو إرهابي يدعو للعنف... أين هي مكانة العلماء بيننا؟ وأين هو التوقير الواجب لأشخاص خصصوا جزءا من حياتهم لتقريب الناس من حقيقة ديانته السمحاء وللحيلولة دون الخروج عن طريقها سواء بالتقصير أو بالتطرف... لا أدري لماذا كلما هم الدكتور الريسوني بالكلام إلا وكانت سيوف الكتبة بالمرصاد تصطاد أقواله وتنبش فيما لم يقله، وتتولى رغما عنه تأويل نصوصه؟ ولي تساؤل واحد، طالما خطر على بالي: الكثير من الحداثيين يتحدثون بكل حرية عن تصوراتهم لشكل الدولة المغربية، وبعضهم لا يجد حرجا في تفضيل الجمهورية، وفي توجيه أعتى الانتقادات لهرم السلطة، ورغم أن تصريحاتهم تنشر في الجرائد وتباع في الأسواق لم نسمع عن انتقادات أولئك الكتبة المدعين زورا الدفاع عن مقدسات الأمة، لماذا لا تتحرك نفوسهم الهائجة إلا عندما يتحدث عالم مسلم؟ لا أعتقد بأن الدكتور الريسوني في حاجة إلى دفاعي، فهو بحمد الله يؤدي بكل وضوح دور الداعية المؤمن بقضيته والمستعد لتقديم التضحيات في سبيل تبليغ الكلمة الأمانة، ولم نسمع عن الريسوني أنه رجل يبحث عن المناصب ولا متملق يبحث عن السلطة، هو قبل كل شيء رجل يؤدي ما بذمته ويدلي بدلوه في المواضيع التي يفقه فيها، وبالتالي فهو مجتهد يبحث عن الأجرين وربما اكتفى بالواحد، وحسابه عند ربه. إنها سنة التدافع بين الحق وأدعياء الباطل، وإنه تدافع يمتد من شمال مملكتنا إلى جنوبها ، مرة يأخذ غطاء الفكر الحر والحداثة ومرة إغلاق منافذ التطرف والاستغلال السياسوي للديني، ومرة فقط بسبب مسجد وإمام-كما حدث مؤخرا بتطوان ضد الأستاذ بوخبزة-...تغيرت الطرق والهجمة واحدة، هدفها: تقزيم العلماء الأجلاء وترك الباب مشرعا أمام أدعياء الحداثة ليفتوا، وكل هذا في سبيل البحث عن نموذج لدولة حديثة لا توجد إلا في مخيلة أدعياء الحداثة والتبعية العمياء للغرب، أما أغلبية الشعب فرأيهم معروف: هم يوقرون علماءهم، ويعتبرونهم مصابيح تضيء الظلام الدامس... وبيننا وبين أدعياء الحداثة، التحاكم إلى الديمقراطية التي بها يتمسحون ومساءلة الشعب من يفضل: فيا أدعياء الحداثة، هل لكم الجرأة على استفتاء الشعب فيما أنتم فيه تخوضون؟