تقول إحصائيات لوزارة الصحة العمومية الله يجعل السلامة إن حوالي مليوني مغربي ممن تفوق أعمارهم 30 سنة يعانون من داء السكري، وإن أغلبيتهم من الصنف الثاني من هذا الداء، وهو الأكثر شيوعا، ولا يتمكن المصابون به من استعمال الأنسولين المفرزة بطريقة ناجعة، وإذا كانت وزارتنا قد أحصت مليوني مرّوكي يطحنهم هذا المرض الخبيث، فلا شك أنه ينخر أجساد عدد آخر لا يستهان به ممن تقل أعمارهم عن الثلاثين أو ممن لم يصلهم التطبيب ولم يعرفوا إلى المستشفيات طريقا. وقد يستغرب البعض من هذا العدد الكبير من مرضى السكري من أين جاءنا، لكن المتأمل في أوضاعنا يفهم بسرعة أننا من السهل أن تتجمع فينا كل أمراض الدنيا، فمنذ أن تخرج من بيتك في الصباح إلى أن تعود إليه في الليل وأنت ترى وتصادف ما من شأنه أن يُركِّب فيك السكر والملحة والقلب والكلاوي وبوزلوم وبومزوي، ويصيبك بالشقيقة والعواية وبوحمرون وبوصفير، بل وحتى كردة والسالمة والكونصير. فكيف لا يصاب بمرض السكري من يخرج من بيته مع النبوري وينتظر الساعة والساعتين لينحشر مع جيش من البشر وسط طوبيس مخرشش لا يليق حتى بالحيوانات، ويدوس هذا حذاءه ويَكِزُه هذا في جنبه ويدخل هذا أصابعه في جيبه، وفي الأيام المطيرة لا يكون هناك فرق بين داخل هذه الخرشاشات وخارجها، وتصبح لا فرق بينها وبين نوالة من القصدير تقطر لأول تنشنيشة من السماء، ومن ظن أن هذه مبالغة الله يعطيه شي ركبة في طوبيسات الأزرق الرابطة بين الرباط وتمارة على سبيل المثال لا الحصر، وفي يوم مقياس الأمطار فيه شي 100 ملمتر. وكيف لا يصاب بالسكري ومرض القلب من يعطل مصالحه ويمضي يوما كاملا في المقاطعة أو القيادة بحثا عن مقدم الحي كي يوقع له شهادة بأنه حي يرزق، وهو في الحقيقة تيموت بالغدايد، وكيف لا يصاب بالشلل والحمق من يتقاضى جوج د ريال ولا يعرف ما يصنع بها أمام كثرة المصاريف وتشعب التكاليف. وكيف لا يطلع السكر لمن يشعل مصباحين أو ثلاثا وفي نهاية الشهر يؤدي زبالة ديال الفلوس للشركات ديال النصارى، إن من يؤدي ضريبة النظافة وحيه مليء بالمزابل، ويؤدي ضريبة الإنارة العمومية وليس في زنقته مصباح واحد ينير له الطريق إلى خربته، ويؤدي ضريبة الإعلام العمومي مقابل أن تقذفه قناتا التلفزة ببرامج تافهة... من يعيش كل هذا نقولو لاباس إلى ما لقيناش عندو قوالب ديال السكر في الدم وليس غراما أو غرامين. كيف لا نصاب بالسكري ومستشفياتنا ندخل إليها بمرض ونخرج منها بأمراض، أو ندخل إليها صحاحا ونخرج منها بعاهات مستديمة نتيجة الأخطاء الطبية، وحتى هذه الأخطاء الطبية لن نجد من يرتكبها بعد اليوم لأن الأطباء شدو ملِيّنات وخواو السبيطارات. كيف لا نصاب بالسكري ووزير المالية أعلن بالعلالي أمام ممثلي الأمة في البرلمان أن الحكومة ستزيد في الضرائب، وستزيد في السكر والدقيق والزيت والماء والكهرباء، ومع هذه الزيادات لا شك ستزيد نسبة السكر والكوليسترول في دمائنا، ولولا الصبر وقوة التحمل التي يتميز بها المغاربة لأصيبوا بأمراض أخرى لا يعرفها أطباء العالم، ويوم الجمعة المقبل ستنزل على ظهورنا الزيادة الثالثة هذا العام في أسعار المازوط وليصانص، وعندها لن يبقى لنا إلا أن نستسمح الفنان محمد الغاوي ونزور أغنيته الغربة والعشق الكادي، لتصبح الفقصة والخبز الكادي فنغني: كي ندير نقاوم هادي كي ندير، كي ندير نصارع هادي وكي ندير، الأثمان كتنهش فيك واش ندير...، ولي حافظ الأغنية يبرد بها ولي ما حافظهاش ما عندي ما ندير ليه.