يؤكد محمد أن انتسابه إلى جماعة الدعوة والتبليغ يعود إلى زيارة لأعضاء من هذه الجماعة، ومن عادتهم أنهم يزورون الفقهاء والعلماء ورجال السلطة، وهي من أخلاقهم الطيبة، وكما يزورون المرضى في المستشفيات. يقول محمد: وقد زاروني عدة مرات باليوسفية وبقبيلتي بزعير، إذ تعرفت على صديق لي بالشماعية يسمى السيد العربي، الذي حضر معي في اليوسفية عقيقة ابنتي أمامة، فتحدث فيها واعظا، وهو رجل نشط في الدعوة والخروج في سبيل الله كمنهج عملي تربوي تتميز به الجماعة، وكنت أتعاون معهم باليوسفية فاستفدت منهم الكثير، وفي نهاية سنة 1980 اقترح عليه أحد الإخوة بجماعة التبليغ إنشاء مدرسة لدراسة القرآن وتحفيظه، ورأيت أن في ذلك خيرا، وجئت إلى مدينة سلا، فشرعت في تعليم القرآن وتجويده في مدرسة التوحيد، وإلقاء دروس في التفسير في مسجد الشيخ المفضل، كما خرجت مع الجماعة في إطار أنشطتها التربوية أربعين يوما إلى تطوان و نواحيها فكانت تربية عملية. إعجاب بأربكان ومولوي وإيكن ويتذكر محمد أن معرفته بالصحوة الإسلامية والجماعات الإسلامية يعود في الحقيقة إلى سنة ,1974 ويوضح قائلا: ما كنت أسمع بوجود حركة إسلامية في المغرب إلا جماعة الدعوة والتبليغ، إلا أنني كنت أقرأ مجلة الشهاب اللبنانية، وهي مجلة الإخوان المسلمين بلبنان، خصوصا مقالات فتحي يكن وفتاوى فيصل مولوي، وقرأت مقالا لنجم الدين أربكان، فأعجبت به كثيرا، وكان يرأس حزب السلامة، وكنت أيضا أطلع على مجلة لواء الإسلام المصرية، ومجلة الدعوة، التي كانت تصدر من الدولة نفسها، خصوصا مقالات الشيخ محمد الغزالي، واشتريت كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله من مكتبة مناهل العرفان، وكان مسؤولا عنها (المكتبة)في ذلك الوقت الأستاذ عبد الرحمان شتور، وقرأت أول كلام سيد قطب عن العقيدة في سورة الانعام، واشتريت كتبه وكتب أخيه محمد قطب ورسائل الشيخ حسن البنا رحمه الله. وقد كان نشاطنا عجيبا في القراءة، إذ كنا نقرأ المجلة من أولها إلى آخرها. ويضيف مسترجعا الأحداث التي عرفتها البدايات الأولى لنشأة الحركة الإسلامية بالمغرب، قائلا:كنت أتابع الاحداث التي وقعت بعد مقتل بنجلون رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي ,1975 وسمعت بمغادرة عبد الكريم مطيع للمغرب وبالأخ إبراهيم لما سجن، وسمعنا أنباء عن اتهام أعضاء من الشبيبة بقتله، وتفرقت الأخبار في الموضوع، وكل ما ترامى إلينا هو خروج عبد الكريم مطيع إلى الخارج وسجن بعض أعضاء الشبيبة الإسلامية. منهجي هو التعاون مع الجميع ويتابع محمد موضحا عدم انخراطه التنظيمي في جماعة إسلامية من الجماعات المعروفة حاليا في الساحة المغربية: كنت أعرف الجماعات، وكنت أعرف أنها على الخير وتسعى إليه، ومنهجي هو التعاون مع الجميع، فمع جماعة الدعوة والتبليغ كنت أخرج في سبيل الله، وأجلس في حلقات الذكر التي كانت تقام في المساجد، وربما تجولت معهم أحيانا، لكن في قرارة نفسي لم أختر جماعة بعينها، وسبب ذلك نصيحة أحد العلماء بضرورة التعاون مع الجميع، وقد كنت أرى أنه لا فرق بين الإخوة، وأن الأمر يتعلق بمسألة تنظيمية، على أن تبقى الكلمة مجتمعة، ويبقى التزاور والتعاون، ولا زلت على هذا الرأي أحب الإخوة وأحترمهم، وإذا استدعيت من أي طرف لإلقاء درس أو محاضرة في بعض المناسبات أقوم بذلك بدون إحراج، إلا جماعة العدل والإحسان التي امتنعت عن التعاون معنا، ورغم ذلك فقد كان التعاون بين الإخوةعلى الخير، سواء مع جماعة التبين أو الجماعة الإسلامية، إذ كانت لنا مجالس علمية، ومن جملتها، أنه كان للجماعة الإسلامية مقر في حي أكدال، فطلب مني الإخوة إلقاء دروس في علم الحديث واللغة العربية ومصطلح الحديث، وكنت آتي بنماذج للحديث الصحيح والضعيف والحسن، فكان التعاون بين الجميع جيدا، وما كانت هذه الفرقة المشهودة اليوم، ولم تكن أي جماعة مقوقعة على نفسها، بل كان بين أعضائها جميعا التزاور والاتصال وحلقات العلم الجماعية، وكانت تعم المودة والحب بين الإخوة.