أعدت الإذاعة الجهوية بأكادير شبكة جديدة من البرامج الخاصة بشهر رمضان الأبرك روعي في تسطيرها مبدأ القرب المحلي الذي يأخذ بعين الاعتبار ما تزخر به منطقة سوس ومحيطها من ثقافة وحركية تستحق المتابعة الإعلامية, وما يتماشى روحيا مع عظمة هذا الشهر ومكانته في النفوس. وتتجلى هاتان الميزتان في جميع المواد سواء الناطقة منها باللغة العربية, أو بلهجة تاشلحيت التي تشكل لغة التواصل لدى الغالبية الساحقة من الساكنة المنتشرة في مجموع الرقعة الترابية المشمولة بالبث الإذاعي لهذه المحطة. ولعل أبرز عنصر يثير الانتباه ضمن شبكة هذه البرامج وقد يشكل عنصر المفاجأة بالنسبة لمستمعي إذاعة أكادير الجهوية هو برنامج "من ذاكرة الإذاعة" الذي هو عبارة عن أشرطة صوتية قديمة تم "انتشالها" مؤخرا من وسط ركام من الأرشيف غير المصنف الذي أهمل لأزيد من عقدين من الزمان. وقد تم العثور بالصدفة المحضة, بعد إخضاع هذا الأرشيف للتمحيص من خلال ساعات طويلة من الاستماع, على ذخيرة إعلامية حقيقية ساهمت فيها شخصيات وازنة لا يزال تأثيرها الفكري والإعلامي حاضرا في الأوساط الثقافية والعلمية على الصعيدين الجهوي والوطني, ومن ضمن هذه الشخصيات العلامة الفذ محمد المختار السوسي والفقيه والعالم والمؤرخ الراحل محمد العثماني. ومن بين البرامج ذات البعدين الديني والفكري التي سيتم بثها باللغة العربية خلال هذا الشهر المبارك, برنامج "في رحاب المتصوفة بالجنوب المغربي" الذي يتطرق لظاهرة التصوف بمنطقة سوس وما أفرزته من طرق دينية, وأنجبته من أعلام كان لهم دور بارز في ترسيخ القيم الإسلامية السمحة, إلى جانب إسهامهم في الجهاد من أجل تحرير الوطن. وفي نفس الاتجاه ينحو برنامج "أنوار التصوف في سوس" الذي سيذاع بلهجة "تاشلحيث " ويتناول هو الآخر ظاهرة التصوف من خلال روبورتاجات واستجوابات مع عدد من الباحثين وشرفاء الأضرحة والزوايا, مع تركيزه على التعريف بنماذج لأقطاب أولياء وصلحاء منطقة سوس. أما على صعيد البرامج الثقافية والتاريخية, فيحضر بقوة برنامج "معالم سوسية" الذي يعرف ببعض المعالم التراثية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ, ويقدم شهادات لسكان المنطقة ممن عايشوا أحداثا هامة بها, وشهادات لبعض الدارسين والمؤرخين, تناولت بالبحث جوانب مختلفة من هذه المعالم الحضارية والعمرانية كقصبة تيزركان في جماعة إداوكنضيف ( إقليم شتوكة ايت باها), وأسوار مدينتي تارودانت وتيزنيت, وقصبة أكادير أوفلا وغيرها. وضمن شبكة البرامج الإذاعية بتاشلحيث ذات البعد الثقافي, يوجد برنامج "من التراث الأمازيغي" الذي ينبش في الذاكرة الشعبية الأمازيغية لمنطقة سوس عبر استنطاق الروايات والشهادات التي تختزنها ذاكرة الشيوخ والمسنين من ساكنة المنطقة, والتي لم يشملها التدوين بل ظلت تتناقل عبر الرواية الشفاهية من جيل لآخر وتروم الإذاعة الجهوية لأكادير من خلال هذا البرنامج الإسهام في التوثيق الصوتي لهذا التراث الشفوي الغني إلى جانب توسيع دائرة انتشاره في أوساط المعنيين وعموم المستمعين. والى جانب البرامج التي تتطرق للأجواء الرمضانية, وتعرض لجوانب محددة تحظى بالاهتمام الواسع من قبل عموم الناس بمناسبة هذا الشهر كالصحة في رمضان والأمور المرتبطة بالإرشاد الديني والموعظة الحسنة وغيرها, تمت صياغة برامج أخرى تسير في نفس المنحى روعي في إعدادها مبدأ القرب المحلي وإشراك المستمعين في صياغة مضامينها. وفي هذا الإطار يمكن تصنيف برنامج "ظواهر رمضانية" الناطق بلهجة تاشلحيت وهو عبارة عن مجموعة ربورتاجات أسبوعية تعكس أجواء رمضان في الشارع السوسي, كما ترصد بعض الأنشطة المرتبطة بشهر الصيام بأبعادها الدينية والاجتماعية والتجارية والترفيهية. ويندرج في هذا المضمار برنامج "عادات رمضانية" الناطق بالعربية والذي يتناول العادات والتقاليد السائدة في رمضان بمختلف مناطق جهة سوس ماسة درعة وذلك من خلال حلول البرنامج كضيف لدى بعض الأسر بالمنطقة, الى جانب برنامج "رمضان والناس" الذي يرصد ضمن حلقات أسبوعية مشاهد وظواهر مرتبطة بشهر الصيام من خلال ربورتاجات حية. كما تضمنت شبكة برامج الإذاعة الجهوية لأكادير خلال هذا الشهر جملة من البرامج الترفيهية والفنية, وبرامج المسابقات, الى جانب متابعة المحطة للحدث الوطني البارز المتمثل في جهود تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الصعيد المحلي وذلك من خلال برنامجي" أفوس غو فوس" بتاشلحيث, و"اليد في اليد" باللغة العربية. واعتبرت مديرة المحطة السيدة مريم الصافي في تصريح لمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء باكادير أن ضمان النجاح لأي عمل إذاعي ينبغي أن يمر عبر الاقتراب من انشغالات المستمعين ويراعي مستواهم التكويني والثقافي, ويسعى بالتالي إلى إثارة الاهتمام لدى مختلف الشرائح العمرية والانتماءات الاجتماعية مع تبسيط لغة التواصل حتى يتسنى تسهيل عملية الاستيعاب بالنسبة للمتلقي. وأكدت ان هذه القناعة هي التي كانت وراء تسطير شبكة برامج هذا الشهر المبارك حيث تم وضع خطة عمل انخرط فيها طاقم الصحافيين العاملين بمحطة الإذاعة الجهوية لأكادير والمتعاونين معها من خلال الإدلاء باقتراحاتهم المتنوعة التي تم تنقيحها وإنضاجها من خلال اجتماعات متتالية بغاية التوصل الى هذه النتيجة.