قلل أستاذ علم الاجتماع السياسي برهان غليون من أهمية الرهان على أي دور روسي لصالح القضية الفلسطينية أو حتى إعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال مدير "مركز دراسات الشرق المعاصر" في جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس، ل "قدس برس": "الروس ليس لهم اهتمام لإيجاد حلول للمشاكل العربية بما فيها القضية الفلسطينية، وليس لدى روسيا عقيدة استراتيجية ولا أفكار قادرة على تهدئة الأوضاع العربية وإيجاد حلول لها، بالعكس الروس هم عامل تسعير للأزمات العربية الراهنة". وحول الزيارات التي استضافتها موسكو، سواء لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو لوزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، قال غليون: "ليس لدى الروس ما يقولونه لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، سوى ما قالوه للسوريين قبله، على الفلسطينيين أن يقبلوا بالحكم الذاتي ولا يعارضوا كثيرا، وسيقدمون حلولا ديكورية وشكلية للقضايا المطروحة على الفلسطينيين، دون أي حلول جوهرية". وأشار غليون، إلى أن الدور الروسي في المنطقة يتعاظم لصالح كل من موسكو وتل أبيب، على حساب المصالح العربية، وقال: "باحتلال روسيا للمدن السورية وتنسيقها لمناورات مشتركة مع القوات الاسرائيلية على المتوسط، تكون مسألة الحدود بين سورية واسرائيل قد انتهت وبدأت مرحلة التعاون. والتحالف الاستراتيجي الايراني السوري يتحول بفضل المنسق الروسي إلى تحالف سوري ايراني اسرائيلي روسي. والغرب يخرج من الشرق". ورأى غليون أن الضحية الرئيسي لهذه التحولات هو "محور المقاومة والممانعة"، الذي قال بأنه "لم يعد لديه ما يمانعه ويقاومه سوى الشعوب العربية". ولفت غليون الانتباه إلى أن الصراع الاقليمي والدولي الجاري في منطقة الشرق الأوسط، يجري في ظل ضعف الدور العربي، الذي قال بأن "السعودية تحاول فيه ملء الفراغ الذي خلفه انشغال العراق وسورية بخلافاتهم الداخلية، وذلك من خلال محاولة إعادة إدماج مصر في التوازن الأقليمي، وهو مسعى بطيء للأسف ولا يوازي التحديات المطروحة". وأضاف: "إذا لم يتم يحصل تفاهم عربي داخلي بين مكونات الدول العربية، ولم تستعد الشعوب وحدتها، فإن العرب سيستمرون في دفع الثمن لصالح المشروع الروسي الإسرائيلي، والإيراني على الهامش"، على حد تعبيره. وتعتبر روسيا طرفا أساسيا في الشرق الأوسط، من خلال مشاركتها إلى جانب النظام السوري في الحرب على ما تسميه ب "الإرهاب"، فضلا عن محاولتها لعب دور في الشأن الفلسطيني. وكانت العاصمة الروسية موسكو، قد استضافت خلال يونيو الجاري كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أن تستقبل وزير خارجية السلطة رياض المالكي عقب اجتماع باريس حول عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما استضافت موسكو الاسبوع الماضي وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، لتنسيق المواقف فيما يتصل بقضايا المنطقة وعلى رأسها فلسطين وسورية والعراق. وقد أعقب ذلك اجتماع عسكري ثلاثي الخميس الماضي جمع وزراء الدفاع في كل من روسيا وإيران وسورية في العاصمة الإيرانية طهران. هذا ونقل تلفزيون "روسيا اليوم" في وقت سابق من شهر يونيو الجاري، عن موقع "دبكة" الإسرائيلي المقرب من أصحاب القرار في تل أبيب، "أن مناورات عسكرية روسية إسرائيلية مشتركة ستجري في المتوسط قريبا". وأكد الموقع استنادا لمعلومات استخباراتية "أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفق خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السابع من الشهر الحالي بموسكو على توطيد العلاقات العسكرية بين الجانبين". ويشير المصدر إلى أن هذا القرار يعتبر بمثابة قرار تاريخي، والذي يعني وقف اعتماد إسرائيل بصورة مطلقة على الولاياتالمتحدة فيما يخص الدعم العسكري. وتعتبر هذه المناورات، حسب ذات المصدر، الأولى في التاريخ العسكري في الشرق الأوسط التي تنطلق فيها طائرات روسية من دولة عربية وهي سورية من قاعدة حميميم بالقرب من اللاذقية وسفن حربية روسية ستبحر من قواعدها في طرطوس واللاذقية للمشاركة في مناورة مع طائرات حربية إسرائيلية وسفن حربية تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي والتي ستنطلق من قواعدها في حيفا وأسدود.