استبعد محللون اقتصاديون مغاربة أن تسهم النتائج التي ستسفر عنها المفاوضات بين أوروبا والصين، بشأن تحديد كميات تدفق الأقمشة الصينية نحو الاتحاد الأوروبي، في إنقاد صناعة النسيج المغربي من أزمته الحالية، وأكدوا في تصريحات ل التجديد أن نتيجة المفاوضات هذه تظل حلولا مرحلية قد يستفيد منها المغرب بعض الشيء، فيما يبقى الرهان معقودا على ضرورة تأهيل القطاع باتجاه تخصصات نوعية ودقيقة أكثر تنافسية في الأسواق العالمية. وقال عبد الخالق التهامي أستاذ الاقتصاد بمعهد الإحصاء التطبيقي إنه كيفما كان نتيجة المفاوضات، التي لاشك ستأخذ مسارا طويلا، بين الصين والاتحاد الأوروبي فإن ذلك لن يمثل حلا بالنسبة لقطاع النسيج المغربي لأنه يبقى بمثابة حل ظرفي ومرحلي، وأضاف التهامي أن هذه الحلول لن تنفع المغرب كثيرا لأن الصين قوة قادمة لن تفرط في حقوقها، حتى وإن ناقشت مسألة الكوطا التي ستبيعها للاتحاد الأوروبي، كما لا يمكن لأية دولة أخرى سواء كانت أوروبية أو غير أوروبية أن تنافسها من ناحية الكم الذي تنتجه. وأشار التهامي في سياق ذلك إلى أن30 إلى 40 بالمائة من أسواق الدول الأخرى انهارت لفائدة الصين. واعتبر التهامي انتظار الحلول من الاتحاد الأوروبي بمثابة مسار غير استراتيجي، وأن الحل الأنسب للمغرب هو تنمية صادراته من خلال التخصص في أنواع دقيقة وذات جودة عالية لا تنتجها الصين، تكون متنفسا لصناعة النسيج المغربي. ونبه التهامي إلى أن خطورة الصين تكمن في أنها ستهاجمنا في عقر دارنا وتكتسح أسواقنا الداخلية وليس اقتطاع حصصنا في الأسواق الخارجية فحسب. المحلل الاقتصادي ادريس بنعلي قال من جهته إنه مهما نجح الاتحاد الأوروبي في تقليص تدفق المنسوجات الصينية نحو سوقه فإن المغرب لن يستفيد إلا قليلا، لأن صادراته نحو السوق الأوروبي رغم حجمها الكبير لا تمثل سوى 7,0 بالمائة من إجمالي هذه السوق. ولفت بنعلي على أن أوروبا تسعى إلى تقليص تدفق صادرات الصين نحوها لتدافع عن اقتصادها وليس اقتصاديات الآخرين ولتدافع عن النسيج الأوروبي، وليس النسيج المغربي. ودعا بنعلي إلى ضرورة وضع استراتيجية محكمة تقوم على إعادة النظر في هيكلة قطاع النسيج ومن ثم التخصص في فروع دقيقة، وترك الفروع القاعدية التي تسيطر عليها الصين حاليا. وأبرز بنعلي أن اتفاق التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الذي سيدخل حيز التنفيذ في مستهل السنة المقبلة أصبح يغري بعض الشركات خاصة الإيطالية منها لإقامة استثمارات في قطاع النسيج المتطور بالمغرب، وهذا شيء مهم. وقد فشل ممثلو الصين والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن الخلاف التجاري بين الجانبين حول منتوجات النسيج حتى السبت الماضي. وكان ممثلو الجانبين قد واصلوا يوم أول أمس السبت مفاوضاتهم بشأن تجارة المنسوجات لإيجاد حل للكميات الهائلة من منتجات المنسوجات الصينية المتراكمة في موانئ الاتحاد الأوروبي بانتظار السماح بدخولها. وقد تراكمت الملابس الصينية من مختلف الأنواع في المخازن الأوروبية حيث تحتجز سلطات الموانئ في عدد من دول أوروبا شحنات من الألبسة الصينية تقدر بمليار دولار أمريكي. ويوجد في المخازن حاليا نحو 50 مليون سترة و17 مليون سروال ممنوعة من التوزيع. وكان وزير التجارة الخارجية مصطفى مشهوري قد توقع في حديث سابق ل التجديد أن تشهد صادرات المغرب من النسيج نحو أوروبا تراجعا مستمرا إذا لم يتوصل الطرفان الأوروبي والصيني إلى نتائج إيجابية بخصوص الحد من تدفقات المنسوجات الصينية نحو أوربا.