يعرض دفتر تحملات القناة الثانية، الذي صادقت عليه أخيرا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري مجموعة من الالتزامات، تتعلق بالشبكة البرامجية للقناة وبالتصور التحريري وجوانب أخرى تنظيمية . ولعل ما يسترعي النظر في هذا الدفتر هو عدم إشارته إلى المدة الزمنية المخصصة للبرامج التي تصنف ضمن المجال الديني، وإيرادها بشكل غير محدد وتلتزم القناة بإنجاز برامج دينية متنوعة سواء يومية أو أسبوعية، في حين تم تخصيص عدد الساعات المحددة لكل صنف من الأصناف البرامجية، حيث يلزم الدفتر على القناة إنجاز ثلاث نشرات تلفزية يومية على الأقل في مجال الأخبار، ويشترط عليها تخصيص عشر ساعات أسبوعيا لبث وتقديم برامج تتعلق بالطفولة والشباب، وبرنامجين على الأقل بشكل يومي في صنف البرامج الثقافية والمعرفية وعرض برنامج يومي بالأمازيغية وآخر مخصص لقضايا المجتمع في نهاية كل أسبوع، إلى غير ذلك من البر امج والمجالات، التي يشترط فيها دفتر التحملات وتيرة معينة تتعهد بموجبها القناة الثانية أمام الهيئة وأمام الرأي العام باحترامها والالتزام بها. وليس مستبعدا أن يكون تنكب دفتر التحملات عن هذا التحديد محاولة للهروب والتنصل من المحاسبة والمتابعة، خاصة وأن حظ البرامج الدينية في خريطة برامج القناة الثانية ضعيف، وتأتي نوعية هذه البرامج في المرتبة الأخيرة من حيث نسب البث كما لم يسبق أن أدرجت القناة برنامجا دينيا بوتيرة أسبوعية إلا في السنة الماضية، التي بادرت فيها إلى بث برنامج الإسلام سلوك ومعاملات، الذي تدرجه القناة ضمن خانة البرامج الإخبارية وليس الدينية. ومن جهة أخرى، لم يكشف وزير الاتصال الذي تولى تقديم الخطوط العريضة لهذا الدفتر خلال ندوة صحفية عقدت في الثاني غشت الجاري، عن الآليات والتقنيات، التي تم اعتمادها في صياغة التزامات هذا الدفتر، ففي كل القنوات التلفزيونية يتم تحديد دفتر التحملات بناء على استبيانات ودراسات تستقصي حاجيات المشاهدين وانتظارات الجمهور لتجسيد فعلي لإعلام القرب، و اكتفى السيد الوزير بالإشارة إلى أن إحدى البرامج في القناة الثانية تحظى بنسب عالية من المشاهدة لم يسبق أن حققها أي برنامج في تاريخ التلفزيون المغربي، فهل يعني هذا تبريرا لتقديم برامج من طينةاستوديو دوزيم بدعوى أن الجمهورعايز كده والاستنكاف عن تقديم برامج وازنة تعبرعن اختيارات أبناء هذا البلد الذين يدفعون ضريبة مشاهدة هذة القناة من خالص قوتهم اليومي . إن قناة لم تستشر صحافييها وعامليها أثناء بلورة دفتر التحملات، ليست معنية باستفتاء ملايين الآراء والانتظارات، التي يتطلع إليها المشاهدون، وإن التلفزيون الحقيقي ليس دفاتر أو كراسات أو حتى قوانين مقولبة ونمطية وإنما هو رسالة تجسد المعنى الحقيقي لتلفزيون القرب في مشهد القطب العمومي. في أمريكا مثلا شكلت هيئة من فعاليات من المجتمع المدني ومن عامة الناس لاقتراح ومراقبة برامج تستجيب لجمهور إحدى الولاياتالأمريكية وفي مغربنا الحبيب يتم تشكيل لجينة من شخصين أو ثلاثة تبرمج وتفرض ذوقها على ملايين من مشاهدي التلفزيون المغربي، وفي بلدنا أيضا لا يسألنا التلفزيون ماذا تريدون ولا لماذا تحركون نحو قنوات أخرى؟ ونحن كذلك ظرفاء وطيبون مثل تلفزتنا ولذلك لا نسأل من أين جاء هؤلاء المسؤولون؟