في الآونة الأخيرة، وعلى مدار شبكة الإنترنت أو في عمقها الذي صار يغطي العالم قاطبة، نشطت المواقع العربية وتزايد عددها بشكل لافت.. وإذا كنا نطلب ونطالب بمثل هذه المواقع لضرورتها من جهة، ومواكبتها للراهن من جهة ثانية، فإننا نتوقف عند نقطة في غاية الأهمية تتركز في التفات أكثر هذه المواقع لما هو سطحي وباهت وفارغ، وهو أمر يشتت الجهود ويضيع المغزى ويجعل من هذه المواقع مجرد أرقام تضر أكثر مما تفيد.. والمفترض أن تتكاتف الجهود العربية المهتمة بهذا الاتجاه من أجل وضع خطة بناءة تنظر بعين الاعتبار لأهمية هذه المواقع وانتشارها الواسع المذهل.. وإلا فما الجدوى من تراكم العدد وإهمال الجدوى..؟؟.. عند التجول، وملاحقة الجديد ثقافياً ومعرفياً، تستوقفك بعض المواقع العربية الهامة، والتي أصرت على أن تحمل المسؤولية بشكل صحيح، لتؤدي وظيفة ثقافية عربية شديدة الامتداد ورائعة البصمة، ومع أن العدد كبير، بل جد كبير، فإن المتميز والإيجابي والهام، يستطيع أن يشدك إليه ويلفت نظرك لأهميته ويجعلك تتابعه باهتمام كبير.. فما هي المواقع الأبرز في هذا المجال؟؟ طبيعي أن يكون موقع اتحاد الكتاب العرب في سورية واحداً من هذه المواقع الواسعة الغزيرة المميزة، فإلى جانب نشر أعداد الأسبوع الأدبي والموقف الأدبي وبقية الدوريات، يقوم الاتحاد بنشر وتوثيق كل ما يصدر عنه من أعمال إبداعية تجدها في الموقع مرتبة ضمن قوائم الرواية أو الشعر والقصة والنقد وهكذا.. كما يمكنك متابعة نشاطات اتحاد الكتاب العرب، ومطالعة ما تريد عن أعضاء الاتحاد من معلومات وإصدارات.. هذا جزء من كل، إذ أن موقع الاتحاد جد واسع ومتعدد ومليء.. يأتي موقع القصة العربية لصاحبه والمشرف عليه القاص الأديب جبير المليحان ليكون موقعاً رائداً في هذا المجال دون منازع، وبالفعل فقد استطاع أديبنا جبير المليحان أن يتجاوز المتوقع بكثير، حيث أصبح موقع القصة العربية مصوراً ومرجعاً للقصة.. ومن يريد أن يرى بانوراما واسعة عن القصة العربية في كل وطننا العربي، فلابد أن يلقى ما يريد في موقع القصة العربية.. والجميل أن القاص جبير المليحان استطاع منذ البداية أن يحدد الهدف والغاية والغرض من الموقع، فتجاوز بذلك أي تشتت وضياع، مما جعل موقعه رائداً حقيقياً في تقديم صورة واضحة عن القصة العربية، تغتني وتزداد اتساعاً يوماً بعد يوم، حيث نلحظ نشاط هذا الأديب المتزايد في العمل على إغناء موقعه.. كما يضيف موقع "الفلسطيني" لصاحبه الأديب جميل خرطبيل مادة غنية متنوعة تصب في مجملها باتجاه تأكيد وإغناء الثقافة العربية الفلسطينية، فالأديب جميل خرطبيل يعمل بجهد فردي رائع لجعل موقعه المصدر الأول للأدب والثقافة والتراث فلسطينياً.. وينقسم الموقع إلى قسم باللغة العربية، وآخر باللغة الإنكليزية، ولكل تميزه وخصوصيته وفرادته.. وما ذكرته هو جزء من كل كبير إذ يحوي الموقع على الكثير مما يتعلق بفلسطيننا.. "المبدعون العرب" لصاحبته السيدة سوسن البرغوتي موقع خاص بالإبداع العربي بشكل عام، حيث قامت السيدة سوسن بتبويب موقعها لتغطي مساحة واسعة من الثقافة والمعرفة.. ويمكن أن تجد في المواد واللقاءات والكتابات المستمرة مرجعاً لاينضب تجدده وغناه.. كذلك يأتي موقع "العنقاء" لصاحبه الأديب محمد توفيق الصواف ومديره الفنان خالد قطاع، ليكون من المواقع التي تطمح إلى العالمية في الوصول والانتشار وإيصال رسالة حضارية إسلامية وعربية، والموقع باللغتين العربية والإنكليزية.. من المواقع التفاعلية النشطة والبارزة عربياً موقع "شظايا" الذي يضم عدداً كبيراً ومتزايداً من الأدباء والشعراء والمثقفين العرب الذين كان لهم حضورهم ومازال على امتداد ساحة الثقافة العربية.. جميل الموقع وميزته أنه يفتح الباب واسعاً للحوار والنقاش حول الأعمال المنشورة في الموقع، حيث يدور النقاش بين المبدع والمبدعين الآخرين من أعضاء شظايا، ويلحظ أن الضغط شديد على هذا الموقع زيارة ومطالعة ومراجعة وقراءة، وشروط العضوية فيه خاصة بالأدباء العرب حيث على من يريد الانتساب تقديم نبذة عن أعماله الأدبية ونشاطه الإبداعي.. تعمل هذه المواقع، إلى جانب مواقع كثيرة مماثلة، على التعريف بالثقافة العربية بشكل واسع وعريض ملغية الحدود والحواجز بكل أشكالها، مما يجعل دورها في غاية الأهمية.. وليت كل موقع ينجز ويدخل حيز العمل، يكون مدركاً لدوره واعياً لمسؤوليته عارفاً أبعاد هكذا مواقع وأهميتها.. * عن مجلة " صوت فلسطين " العدد 421- شباط 2003 طلعت سقيرق (سوريا)