أوضح ذ. عبد الباري عطوان (رئيس تحرير صحيفة القدس العربي الصادرة بلندن) أن عملية 11 شتنبر 2001 ألحقت بالولاياتالمتحدة أضعاف أضعاف الأضرار التي ألحقتها الحرب الباردة بها، مشيرا إلى أن ما ألحقه الاتحاد السوفياتي وحلفاؤه لم يتجاوز ربع ما ألحقته القاعدة في دقائق معدودة بالاقتصاد الأمريكي، وأن الأسواق المالية الأمريكية حاليا هي في حالة انحدار كامل وكذا الشأن في أوروبا، وأضاف أن البطالة قد وصلت إلى 6% والديون في تصاعد مستمر. وقال عبد الباري عطوان إن كل ذلك يدفعهم إلى السيطرة على المنطقة بالكامل، وإن ثلث الكويت بالشمال قد أصبح مغلقا بالكامل وتحول إلى قاعدة ضخمة، مضيفا أن هناك إعداد لمقر القيادة في قطر أما البحرين فقد أصبحت قاعدة بحرية. وأبرز أن كل الدول المشاركة بما فيها تركيا تفاوض على قبض الثمن مقابل "التعاون" إلا العرب فهم الذين سيدفعون الثمن!! موضحا أن الحرب إذا استمرت 3 أسابيع فإنها ستكلف 200 مليار دولار وإذا وصلت 6 أسابيع فستكلف 400 مليار دولار. وذكر عطوان أن هناك سببين هما اللذين دفعا الولاياتالمتحدة إلى استهداف العراق؛ أولهما أن هذا الأخير هو الدولة الوحيدة في العالم الثالث التي اقتربت من إنتاج أسلحة نووية وكيماوية، وبناء اقتصاد قوي يؤهلها للانتقال من مرحلة التخلف إلى مرحلة التقدم، وكذا تحقيق توازن الرعب مع الأسلحة "الإسرائيلية"، والسبب الثاني هو امتلاكه لمخزون نفطي يقدر بأكثر من 125 مليار برميل حتى الآن، واستطرد قائلا إن الولاياتالمتحدةالأمريكية إذا سيطرت على العراق فذلك يعني أنها ستنهي منظمة أوبك، الجهة التي تحدد الأسعار، وبالتالي السيطرة على اقتصاد العالم في المستقبل، مما سيفجر بعض الصراعات بين أوروبا وأمريكا، وخلص إلى أن من يسيطر على النفط في المنطقة العربية وإفريقيا يسيطر على الاقتصاد العالمي وبين أن الحرب ستتم، مستبعدا أن تكون المشكلة هي محاولة نزع أسلحة الدمار الشامل. وقال عطوان بأن كل شيء يتزايد ويتطور إلا سعر النفط العربي الذي يتراجع باستمرار! وكشف أن أمريكا والغرب يهمهم ازدهارهم الشخصي، بغض النظر عما يخلفه ذلك من متاعب في المنطقة العربية، موضحا أن الولاياتالمتحدة تشن حربا جديدة لأن لديها أسلحة إلكترونية جديدة يجب أن تجرب في العرب والمسلمين!! وذكر أنه لحد الآن لم تعلن الولاياتالمتحدة عن حجم الضحايا في أفغانستان، التي استقبلت أربعين يوما من القصف المستمر! حيث استخدموا أسلحة جديدة وقنابل من وزن 15 طن تدمر أكثر من كلم مربع!! وأوضح أن ملايير الدولارات قد دخلت إلى خزائن الأنظمة العربية عبر الديون ولكنهم لم يحققوا تنمية ولم يحرروا مقدسات ولم يطبقوا ديمقراطية! وقال عطوان إن الولاياتالمتحدة أدركت بأن الأنظمة العربية أصبحت عبئا عليها بعدما تعاملت معها، رغم أنها تعرف أنها (أي الأنظمة) "دكتاتورية"، مضيفا أنهم اليوم يعترفون بأخطائهم. وانتقد رئيس تحرير صحيفة القدس تقاعس الشعوب العربية الإسلامية، وهي تتفرج على مأساة الشعب الفلسطيني، إلا أنه أشار إلى أن الرأي العام العربي قد تغير أسلوبه، بحيث لم يعد ينزل إلى الشوارع بقدر ما بدأ يخطط لإيقاع أكبر أذى بالعدو، وقال إن هؤلاء الذين فجروا مركز التجارة العالمي، والذين هاجموا المارينز في الكويت والدبلوماسي الأمريكي في الأردن هم من الرأي العام العربي، مضيفا أن هذا الأخير قد أدرك أن "الأسلوب السلمي" في التظاهر "غير فاعل" فقرر البعض أن "يتطرف" وأشاد بالاستشهاديات وهن في عز الشباب والجمال، وقال بدل أن تستمع إلى عمرو دياب أو محرم فؤاد أو عبد الحليم حافظ تشد وسطها بالديناميت وتفجر نفسها، وتساءل: من الذي أوصلها إلى هذه المرحلة؟ وأجاب: إنه العجز العربي الرسمي أولا والظلم العالمي بالدرجة الثانية! وسخر عطوان من بعض "المتعاطفين" مع الصهاينة الذين عبروا عن مشاعرهم الرقيقة تجاه اليهود، الذين يعيشون حالة رعب، بحيث لا يستطيعون الذهاب إلى المطاعم لأكل "البتزا" وأردف: "إن شعبنا لم يجد ما يأكله، ومحاصر بالدبابات الإسرائيلية التي تمنعه من الخروج من البيت" مضيفا أن فلسطينالمحتلة تعرف جوعا وحرمانا ولكنها لا تعرف جرائم، ليس هناك دولة أو شرطة أو جيش ولكن ليس هناك أي سرقة أو جريمة وأثار عبد الباري عطوان إلى التكافل الفلسطيني العجيب الذي أرهب الصهاينة وأفصح عن أنه لم يعد ينتظر شيئا من المقابلات الصحفية مع الزعماء العرب، لأنهم لا يملكون "القرار" و"الخبر الخاص" هو الذي يأتي من واشنطن! وأضاف أن الزعيم العربي ليس له ما يحكيه وإن كان لديه شيء فإنه "يخاف أكثر منا". وفضح عطوان الاهتمام الغريب من أمريكا وبريطانيا بالإعلام العربي، والجري وراء القنوات والصحف العربية بعد 11 شتنبر، مضيفا أنهم يريدون تبرير الجرائم التي سيرتكبونها ضد العالم العربي والإسلامي، والبطش بمئات الآلاف من العرب والمسلمين. واستهزأ من الحكام العرب الذين تقول واشنطن بأنها ستغيرهم "بالديمقراطية" ولكنهم "بليدو الإحساس" و"جامدون"!! وفي آخر مداخلته التي ألقاها بمناسبة الذكرى 25 لشركة سابريس التي نظمت المحاضرة بتنسيق مع المعهد العالي للصحافة والاتصال بالبيضاء قدم عبد الباري عطوان بعض النصائح للصحفيين قائلا: يجب أن يكون لدى الصحفي ضمير وطني، وامتلاك مستوى عال من المهنية من أجل المنافسة بشكل جدي، واستيعاب أدوات العصر والتمكن من كيفية استخدام المعلومة، والتعيين على أساس المهنية لا على أساس "القرابة" أو "الوساطة" وذلك حتى يؤدي الإعلام العربي دوره كاملا في هذا العصر. إسماعيل العلوي