تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، نظمت مؤسسة المهدي بن عبود للبحوث والدراسات والإعلام، بالتعاون مع جامعة الحسن الثاني عين الشق، ندوة علمية في موضوع المهدي بن عبود إنسانا ومفكرا وأديبا تحت شعار: من أجل صياغة متكاملة للإنسان، وذلك خلال يومي 15 و16 فبراير 2005 برحاب كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء،كان برنامج الندوة على الشكل الآتي: يوم الثلاثاء 15 فبراير 2005 انطلقت الجلسة الافتتاحية على الساعة التاسعة والنصف بكلمات من رئيس جامعة الحسن الثاني عين الشق، ومن رئيس مؤسسة المهدي بن عبود ومن أسرة الدكتور المهدي، رحبت بالحاضرين وذكرت ببعض خصاله رحمه الله... بعدها قام الحاضرون بافتتاح معرض تعريفي خاص بالمحتفى به، وتناول الشاي. وانطلقت أشغال الندوة مباشرة بالجلسة الأولى التي خصصت للشهادات، فكانت الشهادة الأولى للسيد مستشار صاحب الجلالة، الأستاذ الدكتور عباس الجراري، الذي أبرز المحطات التي تعرف فيها على الدكتور المهدي بن عبود، من خلال معرفته بأسرته وبأخيه أحمد، الذي أعدمه الفرنسيون لوطنيته رحمه الله، وكذا أخيه العالم زين العابدين بن عبود، الذي اشتهر بدروسه البليغة، سواء في سلا أو في المسجد المحمدي بالبيضاء، وتحدث عن تعرفه عليه كطبيب في الأمراض الجلدية... أما شهادة الأستاذ المجاهد أبو بكر القادري، عضو أكاديمية المملكة، فقد أسهب أثناءها في ذكر مناقب المهدي بن عبود، وهو صديقه في الصبا والشباب والكهولة وإلى أن وافته المنية، ومما ركز عليه أن المهدي بن عبود إنسان رباني بكل ما في الكلمة من معنى، زاهد في الدنيا وفي المناصب، وأنه كان مفكرا فيلسوفا متصوفا في الوقت نفسه، كما ذكر أنه فوجيء بالقريحة الشعرية الكبيرة التي وردت على المهدي في أواخر أيامه حين كتب قصيدته الطويلة ملحمة عصر وشكوى نفس، وفيها يتحدث عن الأجل ويستقبل ملاك الموت سلاما ملاك الموت... وأما الشهادة الثالثة، فكانت للمجاهد الكبير الدكتور عبد الكريم الخطيب، الذي تحدث عن علاقة الصحبة الطويلة مع المهدي بن عبود، سواء في أيام التلمذة، حين تعارفا في قسم البكالوريا، وعلاقتهما أثناء سنين الدراسة بفرنسا، وأيضا مشاركتهما معا في تأسيس الكشفية الحسنية وفي جيش التحرير، ليؤكد أن المهدي من المجاهدين الذين لم تسقطهم الإغراءات ولم تثنهم العوائق عن الثبات على حب الوطن وخدمة الناس... وأن العلاقة التي كانت بينهما علاقة أخوة في الله (مازالت بنات الدكتور المهدي ينادين الدكتور الخطيب بعمي عبد الكريم)... وأما الشهادة الرابعة فكانت للأستاذ الدكتور محمد بلبشير الحسني، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في ركن الزكاة، فتحدث عن مناقب المهدي بن عبود ومعرفته به قبل وبعد عمله كمدرس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في شعبة الفلسفة، ثم حينما تطوع للتدريس بشعبة الدراسات الإسلامية رغم الجدل الذي كان قائما حولها في البداية... وأما الشهادة الخامسة فكانت للأستاذ الدكتور المهدي المنجرة، الذي أبرز أن المهدي بن عبود كان فيلسوفا بالفعل، متأثرا بفلسفة اللا، وهي فلسفة باشلارية، كما أشار إلى جهود المهدي بن عبود الدبلوماسية لصالح استقلال المغرب، لما فتح مكتبا للدفاع عن القضية المغربية بنيويورك سنة,1951 وبعد أن عينه صاحب الجلالة الملك محمد الخامس رحمه الله كأول سفير للمغرب في أمريكا، وقد سمى المنجرة دبلوماسية بن عبود بالدبلوماسية المعرفية التي تجيد إقناع الجميع بمصداقيتها وعدالة قضيتها... وقدم المنجرة للمؤسسة الطابع الذي كان يطبع به بن عبود المراسلات منذ سنة .1951 وقد بين أن بنعبود رحمه الله شخصية فذة يميزها أنها شخصية مسلم منفتح واسع الأفق يتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية، ولذلك استطاع أن يكون محاورا حقيقيا للغرب... أما الجلسة المسائية، فقد خصصت لإكمال محور المهدي بن عبود الإنسان، وقدمت فيها بحوث ودراسات للأساتذة الدكتور زكي مبارك من المعهد العلمي بالرباط ومتخصص في تاريخ المغرب المعاصر، وكان موضوعه المهدي بن عبود والحركات التحريرية المغاربية، ثم الدكتور عبد الرحمن عبد الوافي، أستاذ بكلية الآداب بالمحمدية وعضو الكتابة التنفيذية للمؤسسة بموضوع المقومات الصوفية لشخصية المهدي بن عبود، والأستاذ فريد شكري من كلية الآداب بالمحمدية بموضوع المهدي بن عبود إنسانا وطبيبا: شهادات ومشاهدات، والدكتور مولاي عمر بن حماد من كلية الآداب بالمحمدية وعضو الكتابة التنفيذية للمؤسسة بموضوع قراءة في أفكار ونظريات للدكتور المهدي بن عبود. وقد أعقبت هذه العروض مناقشة. في اليوم الثاني (16 فبراير 2005) خصصت الجلسة الثالثة لمحور المهدي بن عبود مفكرا ألقيت فيها العروض الآتية: عرض الدكتور محمد عز الدين توفيق من كلية الآداب بنمسيك بالبيضاء، وعضو الكتابة التنفيذية للمؤسسة في موضوع أفكار الدكتور المهدي بن عبود حول إسلامية المعرفة، وعرض الدكتور محمد الدماغ الرحالي، في موضوع ملامح التجديد في المشروع الفكري لفضيلة الدكتور المهدي بن عبود، والدكتور الوفي اركيبي، في موضوع نظرية إسلامية في الطب النفسي، وعرض الدكتورة نجاة المريني من كلية الآداب بالرباط في موضوع قراءة في قصيدة صورة عصر وشكوى نفس... في الجلسة الرابعة، التي خصصت للمحور الثالث المهدي بن عبود الأديب، فقد قدمت فيها المداخلات الآتية: الدكتور إسماعيل إسماعيلي علوي من كلية الآداب بوجدة في موضوع الرؤية الإسلامية في (عودة حي بن يقظان) والدكتور سعيد الغزاوي من كلية الآداب بنمسيك ونائب رئيس مؤسسة المهدي بن عبود في موضوع قراءة النقد الثقافي لملحمة العصر، ثم مداخلة الدكتور محمد خليل من كلية الآداب عين الشق بالبيضاء ورئيس مؤسسة المهدي بنعبود في موضوع ملامح الفكر اللغوي للدكتور المهدي بن عبود، والمداخلة الأخيرة للأستاذ عبد الفتاح فهدي، أستاذ بثانوية الحسن الثاني بالبيضاء وعضو الكتابة التنفيذية للمؤسسة، في موضوع فكر المهدي بن عبود من خلال (عودة حي بن يقظان )... وتتقدم مؤسسة المهدي بن عبود بالشكر الجزيل لكل من أسهم في إنجاح هذه الندوة، وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفطه الله على رعايته السامية لها، وللسيد مستشار صاحب الجلالة الأستاذ الدكتور عباس الجراري، ولرئيس جامعة الحسن الثاني عين الشق على التعاون المادي والمعنوي لإنجاحها، وللسيد عمدة الدارالبيضاء على الدعم المادي والمعنوي، وكذا للسيد رئيس جامعة الحسن الأول بسطات على دعمه المادي لها أيضا، وترجو أن تفتح آفاقا للتعاون الوثيق في المستقبل القريب، كما تشكر السيد عميد كلية الطب على استضافة الندوة والسيد عميد كلية الآداب عين الشق على التعاون، وتشكر كذلك أسرة الأستاذ الدكتور المهدي بن عبود الكريمة على التعاون الكامل مع المؤسسة، قبل وبعد إنشائها، وعلى مساهمتهم الفعالة في التحضير للندوة والإسهام فيها... وتشكر المؤسسة الأساتذة الباحثين الذين شاركوا في الندوة بعلمهم وفكرهم، والذين حركتهم المحبة الخاصة للمهدي بن عبود... عن اللجنة المنطمة عبد الفتاح فهدي أزمة العقل دليل على فساد التفكير وفساد المعرفة إن التفكير إذا انطلق بدون مقدمات سليمة، يكون كالإنسان المقطوع الرأس، وهو مغرور يحسب أنه مفتوح العينين يرى العالم على حقيقته، وسبب الخطأ عنده كما هو الحال في سائر أنواع الخطأ: الجهل والغرور والكبر، بعيد كل البعد عن تواضع العلماء، وفراسة الحكماء، ونزاهة الأذكياء، وذلك لعدة هفوات منها على سبيل المثال ما يلي: فساد المقدمات أو فساد نقطة الانطلاق أو فساد البدايات. فساد المنهاج والعمليات المنطقية خصوصا منطق التبرير... فساد النتائج المترتبة عن فساد البدايات التي معيارها النهايات. فساد النظرة إلى الوجود، على شكل النظرة القصيرة، أو العبث أو التشاؤم، أو التمرد أو التدمر أو اليأس، أو الانتحار، أو التخدير والفسق والفجور وغير ذلك من تكالب على الدنيا وبيع الضمائر والفتور العاطفي والعقلي. مقتطف من كتاب: رصد الخاطر أفكار ونظريات وخواطر من المجموعة الكاملة للعلامة الدكتور المهدي بنعبود