زلزال كبير يهدد جدران البيت الأبيض في قلب معركة الانتخابات الرئاسية بسبب لجنة 11 شتنبر وما تظهره من حقائق جديدة حول مسؤولية جورج بوش الابن وإدارته. دخان كثيف يتصاعد هذه الأيام من واشنطن مصحوبا بنوبة ضخمة من الهستيريا والشكوك. دخان يحمل كثيرا من الحقائق، ويلقي بعضا من الأضواء الكاشفة على أحداث هزت العالم خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فلا حديث للخاص والعام في الولاياتالمتحدة إلا على لجنة 11 شتنبر، التي عينها الرئيس جورج بوش يوم 27 نونبر 2002 على إثر تصاعد شكاوى وشكوك عائلات ضحايا الأعمال الإرهابية ليوم 11 شتنبر ,2001 وجعل على رأسها هنري كيسنجر، السياسي الأمريكي الشهير، الذي ما لبث أن قدم استقالته بسبب ما تردد من انتقادات أثيرت حول مسؤوليته إزاء الأحداث السوداء. عاصفة أخرى هبت هذه الأيام على اللجنة المذكورة بعد ظهور كتاب بعنوان ضد جميع الأعداء: داخل حرب أمريكا ضد الإرهاب لريتشارد كلارك، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي عن مكافحة الإرهاب، حيث أعلن فيه أن إدارة بوش أحيطت علما بالإعداد لهجمات إرهابية دون أن تتخذ الاحتياطات اللازمة. كما أعلنت المترجمة السابقة في مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (إف بي آي) سيبل إدموندز، في مقابلة مع صحيفة إندبندنت البريطانية يوم السبت الماضي، أن بعض المسؤولين الأمريكيين كانوا يعرفون قبل أشهر من هجمات شتنبر، أن تنظيم القاعدة يخطط لاستخدام طائرة بهدف ارتكاب هجوم إرهابي". واتهمت رايس بأنها تفوهت بأكذوبة وقحة عندما أعلنت أن المسؤولين في الأجهزة السرية الأمريكية لم يتلقوا أي تحذير بشأن مثل هذه الاعتداءات. أكثر من هذا ما صرحت به بعد الاستماع إليها طيلة ثلاث ساعات، من أن جون أشكروفت، المسؤول العسكري الكبير، ضغط عليها شخصيا حتى لا تعترف بأنها أرغمت على تزوير ترجمات الرسائل والمكالمات الملتقطة قبل 11 شتنبر. ثم تبع كل هذا ظهور معطى جديد حول فيليب زيليكوف، المدير التنفيذي للجنة المذكورة، إذ تبين أنه سبق له أن اشترك مع كوندوليزا رايس سنة 1995 في تأليف كتاب حول توحيد ألمانيا، وذلك ما يطعن في مصداقيته وحياده، وذكر كلارك في كتابه الخطير أن هذا الرجل كان يعمل معه ضمن الفريق المكلف بتسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة بعد انتهاء ولاية فريق كلينتون، وأن الاجتماعات التي كانت تعقد بحضوره كانت تهدف إلى إبلاغ الرئيس الجديد وفريقه الحكومي بتهديدات القاعدة، وأنه سبق له أن صرح أنه لن يشارك في التحقيقات المسلطة على الجزء المتعلق بتلك المرحلة البينية. فهل ستبدي لنا الأيام القادمة ما لم يكن باديا للعيان، وهل سنفهم ما جرى وما يجري من أحداث جسام تحصد فيها الأرواح جملة وتفصيلا بالمشرق والمغرب، وتوجه فيها التهم لهذه الجهة أو تلك دون تريث ولا تحقيق، ثم ما يلبث القضاء أن يظهر زورها وبهتانها؟