الحق في المعلومة .. كيف كفلها الاسلام تشكل المعلومة إحدى الوسائل القوية لتأثير. ويشكل كتمانها أحد الوسائل المساعدة على اختلال الرؤية والفهم واستيعاب الأحداث الجارية. وكان تحذير الإسلام من الاحتكار بكل أنواعه سواء للعلوم أو للمعارف أو للمعلومات أو للمعاملات التجارية أو الاجتماعية من أشد التحذيرات المتكررة لما ينتج عليها من مفاسد. وقد وعت الأمم المتقدمة اليوم أن أساس البناء في توفر المعلومة وعلى القدرة على استغلالها حسب ما تحتمه المصالح، فبنت على ذلك حقا جديدا هو الحق في الوصول إلى المعلومة، وذلك لضمان الشفافية والنزاهة في المجتمع. تفتح هذا الملف لطرح عدة أسئلة لاستكناه جوهر الموضوع منها كيف تحدث الإسلام على قضية كتمان المعلومات والعلوم والمعارف؟ وكيف يمكن نشر ثقافة الإفصاح عن المعلومات؟ وما هي دور المؤسسات اليوم في نشر هذه الثقافة؟ أصل إشاعة العلم و المعلومة يستند العلماء لتقرير أصل إشاعة العلم وعدم كتمان المعلومات والمعارف على عدة آيات وأحاديث منها تلك التي تحذر من كتمان بلاغ الدين، قال تعالى ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ?[المائدة:67]، ومنها التي تحذر من الشهادة قال تعالى ?وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ?[البقرة:283]. ويستندون على آيات وأحاديث أخرى، تحذر من كتمان تحريف مسار العدالة، قال تعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا?[النساء:135]، وأخرى تحذر من كتمان النعم والبخل، قال الله سبحانه وتعالى: ?الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا?[النساء:37]. ويستدلون في تحريم كتمان العلوم والمعارف والمعلومات على قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمُهُ جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ"، وقوله صلى الله عليه وسلم "من كتم علما يَعلمه جاء يوم القيامة مُلْجَمًا بِلِجَام من نار"، وفي رواية أخرى "من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار". كما استندوا على قوله عز وجل ?أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ * أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ?[البقرة:75-77].