أحيا الفنان العراقي نصير شمة الأسبوع الماضي بالرباط بعد طول غياب حفلا موسيقيا من أجل ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة الحسيمة أواخر فبراير الماضي. ونقلت وكالة رويترز أجواء الحفل قائلة إنه قبل بدء العزف، خاطب شمة جمهوره من فوق خشبة المسرح قائلا "هذه المرة جئت بجديدي وبحبي، عسى أن يكون بلسما صغيرا على جراح من تضرروا من ضحايا الزلزال"، وأهداهم معزوفة (للروح حديث). ولم يكن يقطع فترات السكون والتأمل تعبيرا عن التجاوب الكبير بين الجمهور والعازف المجدد في الموسيقى العربية تضيف الوكالة ذاتها سوى أنوار المسرح التي كانت تضاء بين الفينة والأخرى إيذانا بانتهاء العزف. وراوح بعد ذلك الفنان العراقي (41 سنة) بين العزف بيد واحدة والعزف بالطريقة العادية بيدين، قائلا إنه ابتكر طريقة العزف بيد واحدة سنة 1986 وأهداها لأحد أصدقائه الذي كان فقد يده في الحرب العراقية الإيرانية. كما حرص شمة على أن يحضر الشعر إلى جانب الموسيقى في هذه الأمسية، واستحضر روح الشاعر الإسباني غارسيا لوركا، الذي عانى من ويلات الديكتاتور الإسباني الجنرال فرانكو، وأهداه معزوفة "تدين الديكتاتورية التي اغتالت الشاعر ومشروعه الكبير". وكرم شمة أيضا المرأة الفلسطينية، وأهداها عملا رقيقا حيا فيه صمودها في وجه الاحتلال الصهيوني، ثم انتقل إلى التلقائية في اختيار معزوفات من خلال جولة من الارتجالات المقتطفة من التراث العربي الموسيقي. وخرج شمة من استحضار الزمن العربي الجميل إلى الزمن المعاصر، من خلال معزوفة أسماها ثالوث الحرية والموت والديمقراطية، ليحرك وجدان الجمهور الحاضر الذي صفق له طويلا، وقال شمة عن هذه المعزوفة أمريكا جاءتنا بها. وللإشارة، فقد ولد الفنان شمة في مدينة الكوت في العراق عام ,1963 وأكمل دراسته الجامعية في معهد الدراسات الموسيقية في بغداد. ويعتبر واحدا من أبرز الموسيقيين العرب الذين ظهروا في أواخر القرن العشرين. وحصل شمة على الكثير من الجوائز التقديرية والتكريمية، ودرس الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى بتونس، ويعمل حاليا أستاذا للعود في بيت العود العربي بالقاهرة في مشروع أسسه لتكوين مواصفات للعازف المنفرد.