كلنا نعلم أهمية الوقاية والكشف المبكر عن السرطان وجميعنا لديه فكرة عن طرق ووسائل علاج المرض من جراحة وعلاج كيميائي وإشعاعي ولكن ماذا عن العلاج الملطف أو العلاج الداعم؟ وما حاجة المريض إليه؟ وهل بلدنا لديه إمكانيات كافية لتوفير هذا النوع من العلاج؟ خلال مسار مرض السرطان وعلاجه، يمكن للمريض أن يعاني من الآلام لعدة أسباب: أثناء نمو الورم أو بعد تنقله في الجسم، يمكنه إما الضغط أو غزو عضو مجاور له وإذا كان هذا العضو حساسا فإن المريض سيشعر بآلام شديدة. ويمكن للورم كذلك أن يتشكل في العصب مسببا في آلام عصبية. كما أن بعض علاجات السرطان هي بدورها قد تتسبب في الألم بما فيها العلاج الكيميائي والجراحة: فإحداث شق في الجلد والأعصاب أو الوصول إلى أجزاء حساسة من الجسم يسبب ألما بعد العملية زيادة على آلام ما بعد الجراحة "الطبيعية". كما يمكن أن يحدث استفحال للألم بعد العلاج الإشعاعي نتيجة الالتهابات التي يحدثها والذي عادة ما يكون عابرا. ولا يجب أن نغفل عن المعاناة النفسية المرتبطة بالسرطان سواء عند المريض أو أسرته. فمرض السرطان وعلاجاته، والتعب والألم الجسدي المرتبط به يتسبب لدى المريض في الإجهاد واضطرابات النوم وشعور بالخوف والقلق والكرب والحزن… المفضي إلى الاكتئاب. هذا مع العلم أن الاكتئاب والقلق يزيدان من الإحساس بالألم البدني. اليوم، مكافحة الألم صارت جزءا أساسيا من سياسة الصحة العامة وفي العالم بأسره وذلك بتوصيات من منظمة الصحة العالمية، فالحد من معاناة المرضى ومرافقيهم يشكل عنصرا هاما في مكافحة السرطان وكذا جميع الأمراض المزمنة. ولقد شهد المغرب، بداية وعي للمنظومة الصحية بهذا الجانب، وذلك مع إنشاء أول مركز وطني لمعالجة الألم في المعهد الوطني لعلم الأورام في الرباط، وكذلك فإن المخطط الوطني للوقاية ومكافحة السرطان 2010-2019 يحمل توصيات عديدة في خصوص ضرورة النهوض بالعلاج الداعم. وقد تم إدراجه كركيزة أساسية ضمن بقية ركائز التكفل بمرضى السرطان…. فالوضع الحالي ورغم الجهود المبذولة يشهد نقصا في جميع المجالات المتعلقة بالرعاية "التلطيفية" و"الداعمة" لمرض السرطان. وذلك فيما يتعلق بتكوين وتدريب المهنيين في مجال هذا النوع من الرعاية وعدم استمرار هذه الرعاية بعد عودة المريض من المستشفى إلى المنزل وكذلك من خصاص في أماكن الإقامة التي تناسب هذا النوع من الرعاية. كما يوجد هناك عائق فكري يخص ثقافة ومعتقدات المجتمع حول موضوع نهاية الحياة والموت. ويبقى الطبيب العام، في هذا الصدد، المتصل المباشر والرئيسي بالمريض فهو الأقرب منه ومن عائلته خاصة في المناطق التي لا يتوفر فيها طبيب مختص. وهو من يتكفل بالعلاج "التلطيفي" للمريض بعد عودته من المراكز المختصة ومنه وجب عليه التقييم السريع لآلام السرطان بما فيها الجسدية والنفسية وضبط بروتوكول علاج الألم. ومن جانبهم، فإن الأطباء المغاربة يدعون السلطات إلى أن تعمل على التخفيف من اللوائح المقيدة للغاية والمفروضة على وصفة طبية من دواء "المورفين"، الدواء المعجزة ضد الألم.