قالت المندوبية السامية للتخطيط، إن "مردودية الاستثمار في التربية، في ظل المنظومة التعليمية الحالية، لا تواكب الارتفاع الحاصل في النفقات العمومية في هذا المجال"، وسجلت دراسة حول "قياس الرأسمال البشري للمغرب"، أعدتها المندوبية السامية للتخطيط وقدمت مضامينها مساء أول أمس الأربعاء، أن "وتيرة تطور مؤشرات النتائج في مجال التربية والتكوين بين 1999 و2013، تظل أقل بكثير من وتيرة تطور مؤشرات المدخلات، مثل النفقات العمومية ونفقات الأسر". ومن حيث الاستثمار في الرأسمال البشري، سجلت الدراسة، "تضاعف الميزانية المخصصة لقطاع التعليم العمومي تقريبا ثلاث مرات، بين 1999 و2013 ، إلا أن هذا الارتفاع في نفقات التربية لم يواكبه تطور مماثل في عدد المتمدرسين الذي تضاعف 1.4 مرة بين 1999 و2013″، تضيف الدراسة، "وهذا يعني أن التكلفة التربوية للتلميذ قد ازدادت بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة، حيث تضاعفت أكثر من مرتين (2.4 مرة)، منتقلة من 5088 إلى 12062 درهم للتلميذ الواحد سنويا". وترى المندوبية أن الاستثمار في التربية والتكوين، له آثار ليس فقط على دخل الأفراد وفرص إدماجهم المهني، "بل يساهم أيضا بشكل كبير في تطوير أبعاد أخرى للتماسك الاجتماعي مثل الحركية الاجتماعية والتعليمية والإنصاف وتكافؤ الفرص". تطور متوسط الدخل وخلصت المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن الاستثمار في الرأسمال البشري يرفع من دخل الساكنة النشيطة المشتغلة، بما في ذلك فئة المأجورين، مع تحسين إمكاناتها الإنتاجية وإنتاجيتها، وأوضحت أنه "في سنة 2013، بلغ متوسط الدخل لدى أجير يتوفر على مستوى دراسي ابتدائي نصف متوسط الراتب الذي يتقاضاه أجير له مستوى دراسي ثانوي، ويفوق دخل هذا الأخير بنسبة 40 بالمائة دخل أجير له مستوى إعدادي، كما يمكن لأجير ذي مستوى تعليمي عالي من الحصول، في المتوسط، على أجر يضاعف مرتين تقريبا ما يتقاضاه أجير له مستوى تعليمي ثانوي"، وحسب المعطيات ذاتها، "في المتوسط، تمكن الزيادة بسنة واحدة في عدد سنوات التمدرس من تحسين دخل الأجير بنسبة 9.6 بالمائة". الإدماج المهني حسب دراسة المندوبية السامية للتخطيط، "تكون الزيادة في عدد سنوات الدراسة مصحوبة بزيادة في الشغل الناقص والبطالة ومدتها، وذلك إلى حدود 12 سنة من الدراسة. وبعد ذلك، ابتداء من 13 سنة في الدراسة، تتحسن فرص الشغل مع ارتفاع عدد سنوات التمدرس"، وتشير المعطيات إلى أنه في سنة 2013، انتقل معدل البطالة من 2.3 بالمائة بالنسبة للأفراد الذين لا يتوفرون على أي مستوى تعليمي إلى 18.2 بالمائة بالنسبة لمن تتراوح مدة دراستهم من 10 إلى 12 سنة، في حين، يتجه هذا المعدل نحو الانخفاض ليصل إلى 16.9 بالمائة بالنسبة للفترة الدراسية بين 17 و19 سنة". الحركية الاجتماعية يمكن الارتفاع بسنة واحدة في عدد سنوات الدراسة من تحسين فرص الارتقاء الاجتماعي بنسبة 13.7 بالمائة، في الوقت الذي تساهم الزيادة بسنة واحدة في التجربة المهنية في تعزيز فرص الحركية الاجتماعي التصاعدية بنسبة 12 بالمائة، ويساهم الاستثمار في الرأسمال البشري بشكل كبير في تحسين الحركية التعليمية بين الأجيال، وتفيد الدراسة بأنه في سنة 2011، انتقلت فرص الوصول إلى مستوى التعليم الثانوي أو العالي من 11.7 بالمائة بالنسبة للأفراد الذين لم يتردد آباؤهم نهائيا على المدرسة إلى 89.6 بالنسبة للذين يتوفر آباؤهم على مستوى تعليمي عالي. من جهة أخرى، تسجل المعطيات أن التوزيع الاجتماعي للرأسمال البشري المعبر عنه بعدد سنوات الدراسة لدى الساكنة البالغة أعمارها 25 سنة فما فوق، يتسم بفوارق اجتماعية أكبر من دخل الأسرة، ويستحوذ السكان الحضريون (حوالي 60 بالمائة من السكان) على 83.4 بالمائة، من الرأسمال البشري. فخلال الفترة الممتدة بين 1999 و2013، عرف متوسط عدد سنوات الدراسة ارتفاعا بنسبة 31.4 بالمائة على الصعيد الوطني. مؤشر الرأسمال البشري حسب مقاربة البنك الدولي، يتم حساب مؤشر الرأسمال البشري بدلالة عدد سنوات تمدرس الأشخاص النشيطين المشتغلين والمردودية الاقتصادية للرأسمال البشري والبقاء على قيد الحياة للأفراد في سن العمل 15-59 سنة، وهو المؤشر الذي يتم اعتماده لقياس القيمة النقدية للرأسمال البشري في المغرب، وتقول دراسة المندوبية، إنه طبقا لهذه المنهجية، بلغ مؤشر الرأسمال البشري 2,983 في سنة 2013، وسجل ارتفاعا بنسبة 15,8 بالمائة بين 1991 و2013 وبنسبة 4,1 بالمائة بين 1991 و1999، منتقلا من 2,576 إلى 2,681 وبنسبة 11,3 بالمائة بين 1999 و2013، منتقلا من 2,681 إلى 2,983، مشيرة إلى أن ما يقارب من ثلاثة أرباع من الزيادة (74.0 بالمائة) تمت بين 1999 و2013.