كشف المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي ، في لقاء خصص لعرض نتائج الدراسات حول بعض جوانب الرأسمال البشري في المغرب، تضاعف الميزانية المخصصة لقطاع التعليم العمومي بحوالي ثلاث مرات (2,9 مرة) بين 1999 و2013 وهو نفس الارتفاع تقريبا الذي عرفته الميزانية المخصصة له من طرف الأسر (2.7 مرة). وأكد لحليمي، مساء أول أمس الأربعاء بالرباط، أن هذا الارتفاع في نفقات التربية لم يواكبه تطور مماثل في عدد المتمدرسين الذي تضاعف 1.4 مرة بين 1999 و2013. وهذا يعني أن التكلفة التربوية للتلميذ قد ازدادت بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة، حيث تضاعفت أكثر من مرتين (2.4 مرة)، منتقلة من 5088 إلى 12062درهما للتلميذ الواحد سنويا. وأشار لحليمي إلى أن نسبة السكان البالغة أعمارهم 25 سنة فما فوق الذين يتوفرون على مستوى تعليمي إعدادي أو ثانوي أو جامعي تصل 29,9٪ في 2013. وعلى الرغم مما عرفته هذه النسبة من زيادة قدرها 37,2٪ بين 1999 و2013، فإنها لا تزال أقل من متوسط البلدان ذات مستوى متوسط في التنمية البشرية (47,5٪) وأقل بكثير من المتوسط العالمي (63,6٪). وشدد المندوب السامي على ضرورة إصلاح وتقوية التعليم وجعله مرتبطا أكثر بالإنتاجية، إذ كشف خلال مداخلته أن "مستوى جودة التعليم المغربي أدنى مما هو موجود في عدد من البلدان الصاعدة، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا ودول أخرى، وأقلّ بكثير مقارنة بالمعايير المتعارف عليها دوليّا. وكشف المندوب السامي للتخطيط أنّ "المغرب يعمل منذ بداية القرن الحالي على تخصيص ميزانيات جد مرتفعة للاستثمار في الرأسمال البشري، من خلال ما يوفره من اعتمادات مالية للتعليم والصحة، التي تصل، في ما يتعلق بالتعليم، إلى 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهيَ من أعلى النسب مقارنة ببلدان الجوار، إلا أنَّ ذلك لم يرتق بالتعليم إلى المستوى المطلوب". مما استوجب بذل مجهود أكبر وإرادة سياسية بالمغرب لتغيير البنيات الاجتماعية، من خلال تعزيز إصلاح التعليم والصحة والمؤسسات، كما أن هناك توجها لمحاولة تنويع البنيات الاقتصادية، لا سيما في قطاعات مثل الصناعة والتكنولوجيات والخدمات، التي توفر مناصب شغل ذات قيمة، من شأنه أن ينمي الرغبة في التعليم و كذا مردودية الموارد البشرية. و في سياق آخر أكد أحمد لحليمي أن التعليم الأولي يقلص الهدر المدرسي بمقدار النصف، ويحسن النجاح بما لا يقل عن 50% على امتداد المسار التعليمي، ويزيد بصورة ملحوظة من الرأسمال البشري وأمد الحياة الدراسية. وقال إن قطاع التعليم الأولي يهم أقل من 60% من الأطفال في سن تسمح بذلك، كما أنه بدأ يعرف تغيرات هيكلية تكرس طابعه الانتقائي، مضيفا أن التعليم الأولي يحسن الرأسمال البشري الوطني، من خلال زيادة متوسط عدد سنوات الدراسة وأمد الحياة الدراسية، وهي متغيرات تدخل في حساب مؤشر التنمية البشرية (IDH). وشدد لحليمي على دور التعليم الأولي في تحسين المسار الدراسي من المرحلة الابتدائية وصولا إلى التعليم العالي، من خلال مساهمته في الحد من الهدر المدرسي.، إذ بلغت نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 24 سنة، والذين أتموا تعليمهم الابتدائي في مرحلة الطفولة وولجوا بعد ذلك إلى التعليم الثانوي الإعدادي نسبة 58,9%. وتزيد هذه النسبة ب 1,4 مرة في صفوف الذين تلقوا تعليما أوليا (67,7%) مقارنة بأولئك الذين لم يتلقوه (48,9%). وترتفع هذه النسبة مع ارتفاع المستوى الدراسي، حيث تبلغ 1,7 مرة بالنسبة للولوج إلى التعليم الثانوي التأهيلي ومرتين بالنسبة للتعليم العالي، مبرزة التأثير الحاسم للتعليم الأولي على المسار الدراسي. كما نبه لحليمي إلى مؤشرات أخرى تلعب دورا مهما في مردودية التعليم، و هي وسط الإقامة، والمستوى التعليمي للوالدين، إضافة إلى مستوى عيش الأسرة وولوجها للخدمات الاجتماعية، كمؤشر يقارب الثروة المادية والفئة الاجتماعية، هي عوامل تشكل، إلى جانب التعليم الأولي، المحددات الأساسية للرفع من مردودية التعليم.