نعتقد أن انفتاح الجامعة على محيطها الاجتماعي والاقتصادي ينبغي أن يبدأ بالأساس بالانفتاح على محيطها التعليمي، وخاصة في التعليم ما قبل الجامعي. ونحن نعلم أن الجامعة ينبغي أن تكون قاطرة للتنمية في مجال التعليم بالجهة التي توجد بها، وكلما تم تأسيس التعليم في جميع مراحله ما قبل الجامعية على أساس من نتائج البحث العلمي الذي تضطلع به الجامعة نظريا وميدانيا (سواء تعلق الأمر بهيكلة هذا التعليم أو ببناء برامجه ومناهجه أو أساليب وطرق التدريس فيه)، كلما أدت الجامعة رسالتها في هذا المجال، كلما كان التخطيط للتعليم الجامعي واضحا في أهدافه وبرامجه ومسالك التكوين فيه. وكلما استثمر التعليم ما قبل الجامعي نتائج البحث العلمي الذي تقوم به الجامعة، كلما ساعده ذلك على الاستثمار الأفضل للموارد المادية والبشرية، وبناء خطط دقيقة ومركزة لنظام التعليم في مختلف مستوياته. وهكذا تتكامل الرؤية بين مختلف مراحل التعليم في بلدنا، وهو المنحى الذي ركز عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والذي سيمكن الجامعة والأكاديميات الجهوية من قدر كبير من الاستقلالية المادية والعلمية تمكنهما من تكييف التكوين مع حاجيات المحيط في إطار اللامركزية واللاتمركز، ثم جاءت القوانين التنظيمية لتجعل من حضور رئيس الجامع في المجلس الجهوي للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وإمكانية حضور مدير الأكاديمية في مجلس الجامعة كفاعل اجتماعي أداة للتواصل والتنسيق. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه متعلقا باستراتيجية التنسيق بين الطرفين وهو ما تحاول هذه الورقة تقديم مقترحات فيه. الإشكاليات العامة للموضوع: تتمثل الإشكاليات الكبرى في علاقة الجامعة بالأكاديميات التعليمية الواقعة في محيطها في: 1 عدم اطلاع الجامعة، من خلال دراسات ميدانية، على وضعية التعليم ما قبل الجامعي بالجهة من حيث: برامج ومناهج التكوين ومسالك التكوين بالتعليم ما قبل الجامعي التوجهات والاختيارات المتوقعة لتلاميذ السنة الثالثة ثانوي الكفاءات العلمية الموجودة في التعليم الثانوي، والتي يمكن أن تسهم في التواصل والتدريس والبحث بالجامعة 2 عدم اطلاع الأكاديميات من خلال إحصاءات منشورة ودقيقة على: إمكانيات الجامعة في مجال البحث العلمي، وخاصة في مجال التربية وطرق التدريس. تصورات الجامعة لأسلاك التكوين وشعبه وتخصصاته وعلى نظام الدراسة والامتحانات. عدم الاطلاع على إمكانات الجامعة في تطوير التعليم بالجهة، من خلال البحث عن مصادر إضافية لتمويل الأنشطة العلمية والثقافية بالثانوية. إن هذه الإشكالات تثبت مدى حاجة الطرفين إلى الانفتاح المستمر على بعضهما، وخاصة وأنهما يشكلان نسيجا واحدا لا تنفصل أجزاؤه عن بعض هذا الانفتاح الذي ينبغي أن يكون محدد الأهداف وخطة عمل ووسائل تنفيذ الأهداف العامة للتنسيق وتتحدد في: التطوير المشترك للتعليم بالجهة. الاستفادة المشتركة من الإمكانات التي تزخر بها الجهة ككل في مجال التكوين والبحث النظري والميداني. التخطيط المشترك لصياغة مناهج التكوين بما يلائم حاجيات المحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. التخطيط والبرمجة السليمة لمسالك التكوين بناء على الإحصاءات الدقيقة ونتائج الدراسات الاستطلاعية الميدانية. مشروع خطة عمل: إن هذه الأهداف الكبرى يحتاج الوصول إليها إلى خطة عمل نتصور خطوطها العريضة في: إرساء هياكل التعاون المشترك وفق ما ينص على ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين. الاتفاق على الصياغة العامة للأهداف المشتركة صياغة شبكة للعلاقات العلمية والثقافية والإدارية بين مختلف أسلاك التعليم يسهر عليها مجلس الجامعة ومجلس الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين. وضع خطة لتبادل المعلومات والمعطيات بشكل دوري وكلما دعت الضرورة لذلك. صياغة كل طرف لمشاريعه في التربية والتكوين على أساس تلكم المعلومات والإحصاءات والمعطيات التي يوفرها البحث الميداني. السهر المشترك على تقويم حاجيات التربية والتكوين بالجهة وفق مقاربات استراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى. وسائل العمل: ويمكن أن تستعمل لتنفيذ هذه الخطة الوسائل الآتية: 1 إنشاء بنك للمعلومات حول التعليم بالجهة، من حيث واقعه وإمكاناته وآفاقه ومتطلباته، ويمكن استثمار شبكة الأنترنت لهذا الغرض. 2 التواصل مع التلاميذ في التعليم ما قبل الجامعي عن طريق: تنظيم فضاءات بيداغوجية جامعية مفتوحة للتلاميذ بالجهة. عقد لقاءات تحسيسية وتواصلية مع المستشارين في التوجيه والتخطيط لتعريفهم بمسالك التكوين بالجامعة ومدهم بالمعلومات الكافية عن مسالك التكوين بها، ويكون ذلك عن طريق تنظيم يوم دراسي تقدم فيه عروض متخصصة عن الهندسة البيداغوجية بالجامعة من جهة وعن البرامج والمناهج بالتعليم الثانوي من جهة ثانية. إعداد مطبوعات ومنشورات وملصقات ونشرها على أوسع نطاق. استثمار موقع كل من الجامعة والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين على شبكة الأنترنت، عن طريق التحيين المستمر لمحتوياتهما من المعلومات الجديدة والتعريف بهما لدى كافة الشركاء المعنيين، وخاصة في المؤسسات الثانوية. 3 إجراء دراسة استطلاعية مشتركة لرصد توقعات توجه الطلبة في التسجيل في المسالك الجامعية. 4 تشجيع البحوث الميدانية بالجامعة، وخاصة الموجهة لدراسة مجال التربية والتكوين وتشخيص صعوباته وحاجياته. 5 إشراك جمعيات المجتمع المدني المهتمة بقضايا التربية والتكوين، وخاصة فرع الجمعية الوطنية للمستشارين في التوجيه والتخطيط بتطوان وجمعيات الآباء بالأكاديمية. د. خالد الصمدي