ما حكم الدين فيما يحدث عند الحج من تعليق الزينات والأنوار الكهربائية وتوزيع الحلوى ودق الطبول وتوصيل الحاج بعدد كبير من السيارات؟ يقول فضيلة الدكتور موسى شاهين لاشين، الأستاذ بجامعة الأزهر: يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا). ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يُسمِّع يُسمِّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به. قال العلماء معناه أن من عمل عملا يريد أن يراه الناس ويسمعوه جُوزي على ذلك، بأن يشهر الله به ويفضحه ويظهر ما كان يخفيه، ومن قصد بطاعته الجاه والمنزلة عند الناس فإن الله يجعله حديثًا عند الناس من الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة، وفي ذلك يقول الله تعالى: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون). فمن قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليعظموه وتعلو منزلته عندهم حصل له ما قصد وكان ذلك جزاؤه على عمله ولا يثاب عليه في الآخرة. والحج عبادة وطاعة، وكلما كانت في السر وبين العبد وربه كانت خالصة لله تعالى، ومن كانت عبادته خالصة لله كان ثوابه من الله، ومن قصد الناس وُكِل في جزائه إلى الناس ، ففي الحديث أن الله عز وجل إذا جازي العباد بأعمالهم يوم القيامة يقول للمرائين: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء ، وفي الحديث الصحيح أن المقاتل الذي قتل في المعركة رياءً، يأتي يوم القيامة فلا يجد ثوابًا لجهاده ويقال له بل أردت بجهادك أن يقال فلان شجاع وقد قيل، ويأتي المتصدق رياءً فلا يجد ثوابًا لصدقته ويقال له بل أردت بصدقتك أن يقال فلان جواد وقد قيل، ويأتي القارئ لكتاب الله رياءً فلا يجد ثوابًا لقراءته ويقال له بل أردت بقراءتك أن يقال فلان قارئ وقد قيل. إن المظاهر التي يقيمها الحجاج من الزينات الكهربائية والطبول وغيرها عند التوديع والاستقبال ليست من الإسلام، بل هي دخيلة عليه ومضرة بالعبادة وثوابها، حتى ولو لم يكن يقصد الحاج الرياء والسمعة فلو قصد الرياء والسمعة بطل ثواب حجه كلية، وإن لم يقصد مع هذه المظاهر نقص ثواب حجه بمقدار ما حصل له عند الناس من منزلة وجاه بسبب الحج. والله أعلم.