نجح فريق طبي مغربي تابع للمستشفى الجامعي بن سينا بالرباط في إجراء عملية زرع كبد لسيدة في عقدها الخامس، لتكون بذلك ثانية عملية من نوعها تجرى بالمستشفى. وقد تمت هذه العملية تحت إشراف طاقم طبي متخصص، بفضل تبرع أسرة بأعضاء طفلتها (14 سنة) التي تعرضت لحادثة سير مميتة، لإنقاذ خمسة أشخاص. وأوضح البروفسور عبد القادر بلكوشي ، أخصائي في الجراحة العامة والكبد ، رئيس مصلحة الجراحة (ب) بالمستشفى الجامعي بن سينا في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن زرع الكبد هي عملية معقدة ومن أطول العمليات في الجراحة الباطنية من حيث التجهيز والاستعداد، خاصة وأن العملية تمر عبر مرحلتين في آن واحد، مرحلة استئصال الكبد ومرحلة زرعه، وفي وقت زمني مضبوط لا يمكن تجاوزه ( 10 ساعات) . وأبرز أن عملية زرع الكبد التي أجريت يوم 29 أبريل الماضي ، وأشرف عليها طاقم طبي مكون من جراحين أخصائيين وممرضين، استغرقت ثمانية ساعات وتمت في ظروف حسنة، موضحا أن المريضة بعد مغادرتها قسم الانعاش الذي لا زمته 15 يوما ، لا زالت تخضع للمراقبة الطبية و تجرى لها التحاليل مرتين في الاسبوع لمدة شهر، وستستمر المراقبة لمدة ثلاثة اشهر لمراقبة مدى تقبل جسم المريضة للعضو الجديد. وأشار البروفسور بلكوشي إلى أن عملية زرع الكبد يستفيد منها مرضى "تشمع الكبد" الناجم عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبد "ب أ و" س" ذلك أن 5 بالمائة من ساكنة المغرب معرضون للإصابة بفيروس التهاب الكبد "ب" ، في حين أن 2 بالمائة معرضون للإصابة بفيروس التهاب الكبد "س" . وسجل أن هناك 300 حالة جديدة مصابة ب"تشمع الكبد" سنويا، ولا يمكن أن تخضع لعملية زرع الكبد إلا الحالات التي بلغت مرحلة متقدمة من المرض، مشيرا إلى أن المستشفى الجامعي يمكنه القيام بما بين 20 إلى 30 عملية زرع الكبد في السنة إذا توفرت استراتيجية سياسية ورغبة من طرف المسؤولين. ودعا البروفسور المرضى المصابين ب"تشمع الكبد" إلى التسجيل في اللوائح الموجودة بالمستشفيات ليتسنى لهم الحصول على فرصة للاستفادة من زرع الكبد عبر عملية التبرع بأعضاء الوفيات الناجمة عن حادثة سير أو جلطة دماغية إذا لم يكن هناك تعرض من قبل أهل المتوفى الذي يخضع لفحوصات لمعرفة مدى إمكانية الاستفادة من أعضائه لإنقاذ حياة شخص. من جهته، اعتبر البروفسور ياسين النوني مدير مستشفى ابن سينا حسب وكالة المغرب العربي للأنباء، أن خاصية عملية زرع الكبد التي أجريت بالمستشفى الجامعي بن سينا تتمثل في كونها تمت تحت إشراف طاقم طبي مغربي وبتنسيق مع باقي المستشفيات الجامعية بالمغرب ومستشفى الأطفال بالرباط، موضحا أن عملية زرع الكبد عملية مهمة ونجاحها يضمن بقاء المريض على قيد الحياة بخلاف عملية زرع الكلي التي قطعت الجراحة فيها شوطا مهما بالمغرب فإنه في حالة عدم نجاحها يتم اللجوء للعلاج عبر تصفية الدم ( الدياليز). ودعا إلى ضرورة انخراط الجميع في التحسيس بأهمية التبرع بالأعضاء لأن المتبرع لا يتبرع للمستشفى وإنما لإنقاذ حياة شخص آخر . من جهته، أكد مدير المستشفى الجامعي ابن سينا البروفسور عبد القادر الروكاني أن المغرب يتوفر على كفاءات طبية عالية من جراحين وممرضين وأطباء في التخدير، للقيام بهذا النوع من العمليات الجراحية التي تتراوح تكلفتها ما بين 50 و60 ألف درهم، موضحا أن عملية زرع الكبد تقوم على التبرع بأعضاء شخص تعرض إما لحادثة سير مميتة ، أو نتيجة موت دماغي. وأشار إلى أن عملية زرع الكبد بالمستشفى الجامعي ابن سينا تمت بفضل تبرع عائلة طفلة تعرضت لحادثة سير مميتة، بخمسة أعضاء، الكبد والكليتان والقرنيتان ، وقد تم نقل باقي الأعضاء للمستشفيات الجامعية الأخرى بتنسيق مع وزارة الصحة ليستفيد منها المرضى. من جهتها، أعربت السيدة نزهة التي خضعت لعملية زرع الكبد عن امتنانها لأسرة الطفلة التي أنقذت حياتها ، بعد أن ظلت لمدة ليست بالقصيرة تعاني من "تشمع الكبد" ، كما أعربت عن شكرها للطاقم الطبي الذي سهر على إجراء العملية التي كللت بالنجاح.