بوتفليقة يزور حلف الشمال الأطلسي ويطالب بدعم الترسانة العسكرية للجزائر بعد قطيعة تامة استمرت حوالي أربعين سنة كاملة، قام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بزيارة لمقر حلف الشمال الأطلسي ببروكسيل بداية هذا الأسبوع، واستمرت يومين التقى فيهما بوتفليقة بالمسؤولين عن الحلف وكذلك ممثلي بعض الدول الأوروبية. وذكرت الأنباء أن الرئيس الجزائري أشرف على توقيع عدة اتفاقيات أمنية وعسكرية مع الجانب الأوروبي، بالإضافة إلى اتفاقيات تهم كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وقال الرئيس الجزائري خلال هذه الزيارة قبل يومين إن بلاده تريد مساعدة من حلف شمال الأطلسي في مكافحة ما سماه بالإرهاب وتحديث الجيش الجزائري. وأوضح بوتفليقة في مؤتمر صحافي عقده في مقر حلف الأطلسي ببروكسل إن مكافحة الإرهاب وتحديث الجيش هما المجالان اللذان ترغب الجزائر التعاون فيهما، في إطار برنامج الحلف في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. من جانبه أعرب الأمين العام للحلف جورج روبرتسون عن الرغبة في تطوير العلاقات مع كل الدول الأعضاء المنضوية في برنامج الحلف "الحوار المتوسطي" في مرحلة ما بعد هجمات 11 شتنبر، وقال إن مجالات التعاون تتضمن دعم الإصلاحات العسكرية، وتبادل المعلومات الاستخبارية حول التهديدات "الإرهابية". وقد هللت الصحافة الجزائرية لهذه الزيارة للعاصمة البلجيكية التي وصفتها ب"القلب النابض للقارة الأوروبية". واعتبرتها انتصارا حقيقيا للديبلوماسية الجزائرية بعد عهود من الانكفاء على الذات. كما اعتبرتها التحاليل الجزائرية سياسة ناجحة كفيلة بإخراج المجتمع الجزائري من "عصور الظلام" التي عانى منها الشعب كثيرا. وإذا كان من الطبيعي أن تسعى كل بلاد لتطوير برامجها التنموية العامة، ومن ضمنها البرامج العسكرية، فمن غير الطبيعي أن يكون بهذه السرعة الفائقة التي تجاوزت كل الحدود، وبهذا المدى الجغرافي الهائل الذي طال كل القوى العسكرية العالمية تقريبا في ظرف لا يتجاوز سنة. وهكذا قام الرئيس الجزائري بزيارات متتالية لكل من موسكو وواشنطن، بحيث تعدت زياراته لواشنطن وحدها ثلاث مرات منذ فوزه بمنصب الرئاسة خلال الانتخابات الرئاسية عام 1999. وما تجدر الإشارة إليه هو أن النظام الجزائري لم يأل جهدا في استغلال الحملة الدولية، التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد ما تسميه بالإرهاب، لصالحه، ودشن في هذا الصدد حملة دولية لمناهضة "الإرهاب الدولي" وترويج أطروحة إظهار الجزائر كأحد ضحايا "الإرهاب". ويبدو أن النظام الحاكم في الجزائر نجح إلى حد بعيد في كسب التعاطف الدولي بهذا الخصوص, تدل على ذلك المساعدات الدولية التي ما فتئ النظام الجزائري يتلقاها من طرف بعض الأنظمة، خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تقود التحالف الدولي لمحاربة "الإرهاب". وقد أكد في هذا السياق مساعد وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز خلال زيارة قام بها إلى الجزائر الأسبوع الماضي أن الولاياتالمتحدة ستقوم بتزويد الجزائر بأسلحة متطورة لمساعدتها في ما أسماه "القضاء على الإرهاب". وزيارة بوتفليقة لمقر الحلف الأطلسي بداية هذا الأسبوع، توضح أن الجزائر تلعب على كل الحبال من أجل تطوير ترسانتها العسكرية، مستغلة في ذلك الصراع الخفي الدائر بين الدول الأوروبية وواشنطن حول حماية مصالحها العسكرية والاقتصادية في المغرب العربي. ومن المؤكد أن استمرار بلدان هذه المنطقة في تطوير برامج التسلح بهذا الشكل يهدد الأمن والاستقرار فيها، على خلفية استمرار المشاكل العالقة بين هذه البلدان وخاصة قضية الصحراء المغربية. يذكر أن برنامج "الحوار المتوسطي" الذي ينتهجه حلف الشمال الأطلسي يتضمن كلاً من المغرب وموريتانيا وتونس ومصر والكيان الصهيوني والجزائر التي التحقت عام 2000. أحمد حموش