قال الدكتور أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن "ظاهرة العنف التي نشهدها اليوم في المنطقة العربية، هي ردة فعل على عنف الثورة المضادة التي تعرضت له ثورات الربيع العربي"، معتبرا أن "إبطال الإرهاب يكون بإبطال أسبابه"، وأن للحركة الإسلامية الحق في أن يكون لها دور في العمل السياسي، لكن الواجب هو أن يكون عملها الرئيسي في المجتمع. وعن سبل مقاومة التطرف، يرى الريسوني، في حوار مع وكالة أنباء الأناضول، أن "معالجة الإرهاب تقتضي أن تزول أسبابه، فالاعتقالات وغيرها من الحلول الأمنية لا تكفي ولا تعالج المشكل، كما الحال بالنسبة لقوانين الإرهاب التي تنافس بعضها بعض ولا تعالج المشكل. وحول إذا ما كان للعنف الذي تمارسه حركات متشددة تدعي تعبيرها عن الإسلام، أي جذور في الثقافة الإسلامية أو في النصوص، يرى الريسوني أن "الثقافة الإسلامية فيها مواضيع قابلة لمفاهيم متعددة .. مثلا هناك نصوص تدعو إلى الجهاد، وهذه النصوص يمكن أن يقرأها العلماء ويضعونها في سياقها، ولكن الآن يقرأها الشباب المتوتر والجاهل، فيقرها بطريقته". ويتابع أن "أوسع ما كتب في مسألة الجهاد هو كتاب فقه الجهاد للشيخ يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، وهو يرد على هذه التيارات التي توظف الجهاد للعنف.. لكن للأسف هؤلاء الشباب لا يقرأون للقرضاوي، وإنما يعيشون في فقه الإنترنت.. يجب التفريق بين من ينظر إلى النصوص بعلم وبين من يبحث في النصوص عن آيات وأحاديث يبترها من سياقها ليدعم ما هو راسخ في نفسه". ومن أسباب الإرهاب، بحسب الريسوني، محاصرة الثقافة الإسلامية التي كانت تؤطر التدين في المجتمع، واعتبر الريسوني أن التدين لم يتراجع، ولكن الذي تراجع هو تعليم الدين والفقه، وأصبح هناك تدين بدون علم، وأن هذا التدين شكل لنفسه ثقافة خاصة به غير مبنية على أسس سليمة، وخلص إلى أن من أشكال معالجة الإرهاب "أن نعيد الثقافة الإسلامية ونعيد دور العلماء". الريسوني يذهب إلى تحميل الحركات الإسلامية جزءا من المسؤولية، حيث يرى أنها "قصرت خلال السنوات الفارطة في العمل الدعوي التوعوي وتأطير التدين في المجتمعات العربية، جراء الانشغال في العمل السياسي، قائلا إن "الحركة الإسلامية لها الحق في أن يكون لها دور في العمل السياسي، لكن من الواجب أن يكون عملها الرئيس هو العمل في المجتمع وتوعيته وتفقيهه وترشيد تدينه". وفي حديثه عن الثورات قال الريسوني ، حسب وكالة الأناضول، أنها "شهدت انتكاسة، أهم مظاهرها الانقلاب الذي وقع في مصر، وهو ليس انقلاب على (محمد) مرسي وعلى الإخوان فقط، بل انقلاب على الشرعية والديموقراطية والشعب، وعلى كل الربيع العربي وشعاراته، وانطلقت آلة القتل والقمع بشكل غير مسبوق.. رأينا كذلك حراكا سلميا في سوريا، ولكن تمت مواجهته بالسلاح والبراميل المتفجرة، فتراجع الحراك السلمي وتقدم العنف .. هذا هو سياق العنف في منطقتنا، إضافة إلى أسباب أعمق من قبيل الفقر والجهل والتهميش والظلم".