وصف مسؤول كبير في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التصريحات المنسوبة لوزير الثقافة والإعلام في السلطة الفلسطينية ياسر عبد ربه، والتي يُستشف منها إمكانية التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين بأنها "تصريحات ضارة" وطالب بالكف عن إطلاق مثل هذه التصريحات. وأكد رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن مثل هذه التصريحات "ستواجه بانتقادات سياسية وشعبية حادة جدا، خاصة أنها تنتقص الحقوق التي أجمع الشعب الفلسطيني عليها، وهناك إقرار واعتراف دولي بهذه الحقوق، وفي مقدمتها حق العودة على أساس القرار 194 الذي يعبر حقا راسخا سياسيا ودوليا على الصعيد الدولي". وقال رباح ل "قدس برس" إن التصريحات والمواقف التي أعطيت في الفترة الأخيرة حول موضوع حق اللاجئين في العودة، والتي تمس بشكل مباشر هذا الحق المكرس والراسخ قانونيا وسياسيا بموجب القرار 194 هي تصريحات ضارة، وتؤدي إلى خفض السقف السياسي الفلسطيني في المطالب والمدافع عن الحقوق الوطنية الثابتة الفلسطينية. وأضاف الباحث في شؤون اللاجئين الفلسطينيين "أن هذه التصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية إنما تعبر عن أراء شخصية خاصة بهم ولا تعكس بأي حال لا من قريب ولا من بعيد موقف الإجماع الفلسطيني الذي قررته المؤسسات الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة الانتفاضة وموقف الإجماع للقوى الوطنية الإسلامية، الذي يعتبر أن حق العودة للاجئين، هو الركن الأخر إلى جانب الأرض وحق تقرير المصير لتجسيد الحقوق الفلسطينية". وأشار إلى أن "القوى الوطنية والإسلامية والأطر التمثيلية للاجئين أجمعت عبر مؤسساتهم واللجان الشعبية على أن هذا الحق حق جماعي وشخصي غير قابل للتفاوض أو الإلغاء أو التفريط به". وقال "إن كل استراتيجية سياسية فلسطينية سواء في إطار النضال أو العمل التفاوضي لا تتمسك بهذا الحق لا تعبر عن الإجماع الوطني والشعبي لخمسة ملاين لاجئ فلسطيني داخل الوطن وفي بلدان الشتات ومن شانها أن تشكل سابقة خطيرة في القفز عن القرارات الشرعية والفلسطينية بقبول فلسطيني وتنتقص من مجمل الحقوق الفلسطينية المترابطة كما حددتها الانتفاضة". وأكد أن الخطورة في تصريحات بعض المسؤولين الفلسطينيين أنها تأتي في الوقت الذي تغلق فيه الحكومة "الإسرائيلية" أي أفق سياسي وتطرح به "خارطة الطريق" الأمريكية التي تتجاهل الحقوق الفلسطينية وتحيلها إلى المرحلة النهاية ومفاوضات حولها تجري بموافقة إسرائيل مما يلقي بالمجهول بمصير هذه القضايا وخاصة قضية اللاجئين والقدس والمستوطنات والانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى حدود الرابع من حزيران. وأضاف المسؤول البارز في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين "أن كل تناغم مع الخارطة الأمريكية لا تمت بصلة إلى الواقعية السياسة إنما تسهل عملية الالتفاف على الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني كما أقرتها الشرعية الدولية". وبالفعل نددت شخصيات وهيئات فلسطينية بتصريحات نسبت إلى ياسر عبد ربه وزير الإعلام والثقافة في السلطة الفلسطينية، قال فيها إن الفلسطينيين لن يصروا على تنفيذ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وذلك خلال لقاء أجرته معه جريدة /يديعوت أحرونوت/ الإسرائيلية، ونُشر الثلاثاء الأخيرعلى موقعها على شبكة "الإنترنت". وقال تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني الفلسطيني، ومدير مركز "يافا" الثقافي، إن الوزير عبد ربه "لا يمثل اللاجئين، ولم يفوضه أحد بالحديث عن اللاجئين، وأنه لا يحق له ولا لأي أحد غيره إلغاء حق العودة في مجلس ولقاء يغلب عليه الترف الفكري". وأضاف ل"قدس برس" أن حق العودة توارثته الأجيال الفلسطينية، ولا يسقط بالتقادم، داعيا "جموع اللاجئين في شتى الأقطار إلى رفع صوتهم في مواجهة هذا الموقف الخطير، وهذه التنازلات المجانية، التي تعد استسلاما للإرادة الإسرائيلية"، بحسب قوله. ودعا نصر الله إلى تنظيم حملة شعبية ضد تلك التصريحات، من خلال البيانات والمؤتمرات والمسيرات، والتوجه إلى مقار السلطة الفلسطينية، من أجل دفعها لاتخاذ موقف حيالها. واعتبر حسام خضر النائب في المجلس التشريعي تلك التصريحات "تنازلا مجانيا عن أحد الثوابت السياسية للشعب الفلسطيني، وترويجا لثقافة تطويع الإرادة الفلسطينية، بهدف الحفاظ على مكانة ما على المستوى الشخصي، وهي مس بإجماع الشعب الفلسطيني". وأكد خضر ل"قدس برس" أن "حق العودة أساس القضية الفلسطينية القائم على رفض التوطين والتعويض والدمج وإعادة التأهيل". ودعا المؤسسة الرسمية الفلسطينية إلى الخروج بموقف واضح تجاه تلك التصريحات، معتبرا إياها "تصريحات خيانية، تمس جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتؤسس لحقبة سياسية منهزمة فلسطينيا"، حسب تعبيره. كما انتقدت لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين تصريحات الوزير عبد ربه، وأشارت إلى أنه "في الوقت الذي يتوحد فيه شعبنا الفلسطيني حول حقوقه الوطنية وثوابته السياسية، وأمام استمرار الانتفاضة وتصاعدها، نحو إنجاز مشروعنا الوطني، ورفض شروط الاستسلام الصهيونية، التي تستهدف إرادة الانتصار والقتال في شعبنا، تطلع علينا بعض الأصوات النشاز باقتراحات وتصريحات، هدفها توظيف الذات في المشروع الأمريكي الصهيوني الجديد، متنازلة في سبيل ذلك عن كل الالتزامات الوطنية بدون مقابل". وطالبت اللجنة "دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية بإصدار موقف واضح للدائرة حول التصريحات المشبوهة وطنيا، خاصة أنها صادرة عن معين في اللجنة التنفيذية، ويتحدث بصفة مسؤول كما يدعي" كما قالت اللجنة. قرس برس