كشفت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق أنها قدمت تنازلان مهمة في مفاوضات السلام الدائرة مع الحكومة السودانية في بلدة مشاكوس الكينية قبل تسعة أيام من انتهاء الجولة الحالية المخصصة لمناقشة قسمة السلطة والثروة. وقدمت حركة قرنق عرضاً مثيراً للجدل في شأن الوضع القانوني لعاصمة البلاد واقترحت أن تخصص مدينة الخرطوم وهي واحدة من ثلاث مدن تعتبر عاصمة السودان حاليا, لتصبح عاصمة علمانية. ولم توافق الحكومة السودانية حتى يوم الأربعاء الأخير على نازلات حركة قرنق, وقال الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان ل "الحياة" أن الحكومة ترفض جعل العاصمة خارجة عن أحكام الشريعة الإسلامية وترفض إقامة عاصمة جديدة, ونحن لن نقبل بعاصمة غير علمانية. وفي شأن قسمة السلطة أوضح عرمان, الذي تطالب حركته برئاسة دورية بين الرئيس عمر البشير وقرنق طوال فترة الانتقال, أن وفد الحركة أبدى استعدادا للقبول بصيغة تعطي سلطات مشتركة للرئيس والنائب الأول. وكان الوسطاء اقترحوا أن تؤول الرئاسة إلى البشير وأن يصبح قرنق نائبه الأول على أن يكون للأخير حق النقض "فيتو" على كل القرارات المركزية. لكن المتمردين وضعوا شروطاً منها أنه إذا كانت هناك حاجة إلى نواب آخرين فيجب أن يكونوا من قوميات وأقاليم مختلفة. يذكر أن قضية النائب الأول تثير حساسيات كثيرة ومعقدة في الخرطوم, كما أن طرح الحركة المسألة بهذه الصورة سيزيد مطالب أقاليم مثل غرب البلاد في الحصول على المنصب ويجعل الدولة تخضع لمعادلة صعبة. وفي تطور آخر, دعت مجموعة من الأحزاب والتنظيمات في منطقة جبال النوبة في وسط البلاد إلى وضع جبال النوبة تحت رعاية الأممالمتحدة أثناء الفترة الانتقالية, ومدتها ست سنوات, وأن تدار بصورة منفصلة عن دولتي الشمال والجنوب خلال تلك الفترة. وأكدت تسعة أحزاب ومنظمات من منطقة جبال النوبة التي يسري فيها حاليا وقف لإطلاق النار, في رسالة إلى الوسطاء في مشاكوس, منها أن أبناء جبال النوبة وحدويون بفطرتهم ويؤمنون بوحدة السودان من دون تقسيم, ويطالبون بأن يكون لهم كيان ذاتي في إطار السودان الواحد. ودعت إلى ضرورة مناقشة قضية مستقبل جبال النوبة في إطار مفاوضات مشاكوس الجارية حالياً على أن تناقش بصورة منفصلة عن قضيتي الشمال والجنوب تحت رعاية لجنة خاصة وفي حال التوصل إلى حل للمشكلة السودانية بقيام دولتين, فيجب إعطاء مواطني جبال النوبة الحق في اختيار مستقبلهم بحرية تحت إشراف إيغاد والأممالمتحدة.