كشف أعضاء من هيئة الإنصاف والمصالحة عن وجود عدد من العراقيل في طريق بحث الهيئة عن حقيقة ما جرى خلال سنوات ما يسمى بالاحتقان السياسي، والتي حددها الظهير المؤسس للهيئة في المرحلة الممتدة ما بين بداية الاستقلال وعام .1999 إذ لم يخف محمد بردوزي، عضو فريق الدراسات والأبحاث بهيئة الإنصاف والمصالحة، من خلال ندوة مفهوم الحقيقة، التي نظمتها الهيئة يومي 17 و18 شتنبر الجاري بطنجة، أن ثمة عددا من العراقيل التي تحول دون الوصول إلى هذه الحقيقة النسبية على حد قوله. ومن هذه العراقيل أن >الذاكرة الحية للضحايا، التي تمثل أحد المصادر المعتمدة للوصول إلى الحقيقة، يمكن أن تخون أو تحور، أو تتمحور في كثير من الحالات على الذات، لذلك يجب التعامل مع هذا المصدر من جانب إنساني، وآخر علمي وموضوعي، يغنينا عن أي انزلاق". العائق الثاني مرتبط بأحد مصادر البحث عن الحقيقة، وهي الأرشيفات الرسمية والحزبية والخاصة، إذ يقول بشأنها بردوزي "إننا في مجتمع لا يكتب كثيرا، وفي دولة لم تنظم أرشيفها بعد، وفي بلد توجد عدد من ملفاته في الخارج تحول كثير من الحواجز دون الوصول إليها"، أضف إلى ذلك، يزيد المتحدث شارحا، أن "الصحف، وإن كانت تشكل مصدرا غنيا من المعلومات، فإنها ليست خبرية فقط، ولكن يكتنفها التعليق وأحيانا التحوير"، على حد قوله. من جانب آخر، أكد بردوزي، الذي كان يلقي كلمة تقديم للندوة المذكورة، أن الهدف من مثل هذه الندوة (ندوة الحقيقة) هو "ليس أن نكشف أسرارا أو نكشف حقائق معينة أو حلولا لطلاسيم"، >نحن هنا، يضيف بردوزي، لنفكر في حقيقة الحقيقة، ونجيب عن أسئلة من قبيل: ما هي السبل للوصول إلى هذه الحقيقة؟ والعوائق التي تحول دون الوصول إليها؟، وما الجدوى منها؟، وأي غد لما يكشف من حقيقة؟". وأبرز المتحدث أن "الحقيقة التي نبحث عنها تقارب في مجملها عناصر من بينها: كشف مصير مجهولي المصير، وطبيعة الانتهاكات الحقوقية، وكذا كشف الفاعلين المسؤولين عن الانتهاكات ومصادر التجاوزات التي أدت إلى هذه الانتهاكات". وصرح ادريس بن زكري، رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، في حوار مع التجديد ننشره لاحقا، أن الهيئة تريد تجاوز العراقيل التي تواجهها في رحلة بحثها عن الحقيقة، بفتح باب المناقشة، والتباحث في سبل تجاوزها مع متخصصين وأساتذة جامعيين وباحثين أكاديميين، تحقيقا لمبدإ الانفتاح الذي تعتمده الهيئة. واستنتج جل المتدخلين خلال ندوة مفهوم الحقيقة، خصوصا في محورها المتعلق بالعلوم الإنسانية، أن "الحقيقة التي نحن بصدد البحث عنها ستظل في جميع الحالات نسبية، ذلك أن سؤال الحقيقة ليس بالهين ومفهومه لا يمكن ضبطه، خاصة إذا ما تعلقت هذه الحقيقة بانتهاكات ومس بكرامة الإنسان"، مشيرا إلى أن "الرغبة في الحقيقة قوية، لكنها يجب أن تجتاز جميع مراحل المعاناة". وتندرج هذه الندوة ضمن سلسلة ندوات كانت قد استهلتها هيئة الإنصاف والمصالحة بندوة كتابات الاعتقال السياسي، ثم ندوة عنف الدولة. ومن المنتظر، في سياق أنشطة الهيئة، تنظيم يوم دراسي مشترك بين هذه الأخيرة، وبين عدد من الفرق البرلمانية، بمقر البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة. يونس البضيوي/طنجة