دعا برلمانيون وأساتذة جامعيون ومختصون مشاركون في ندوة علمية عقدت الاحد 18 يناير، بمراكش إلى الإسراع بإخراج القانون المنظم ل"المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة" والتي تعكف وزارة الأسرة التضامن على إعداده منذ مدة. وأكدوا في اللقاء الذي نظمته جمعية زينب النفزاوية للتنمية والمهتمة بالأسرة والطفولة بمراكش تحت عنوان "المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة: الواقع والانتظارات" مساء الأحد بمراكش على أهمية ذلك استكمالا لإخراج عدد من المجالس الذي نص عليها الدستور الجديد، من أجل لعب الأدوار المنوطة بها في ظل ما يعرفه المجتمع من تغيرات وتطورات إرساء لمبادئ الحكامة الجيدة والديمقراطية. وقال البرلمانية جميلة مصلي إن إخراج القانون أصبحا ضرورة ملحة، بالرغم من أن الجميع يتفهم الضغط الزمني الممارس في الولاية الحكومية الحالية، وسط حزمة من القوانين والتشريعات فاقت الولايات السابقة بالنظر إلى وجود دستور جديد يتطلب قوانين جديدة. وأضافت جميلة مصلي الباحثة في مجال الأسرة والطفولة، أنه إلى جانب القانون، وجب أيضا تفعيل مبادئ احترام القيم الأسرية في وسائل الإعلام العمومية وفق دفاتر التحملات واضحة، وإتاحة الفرصة لجميع المواطنين لمراسلة الهاكا والتنبيه للاختلالات التي قد تمر في الفضاء السمعي البصري، وتتعارض مع القيم المغربية التي ينص عليها الدستور والقوانين المعمول بها. وأكد محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن النقاش حول التعارض بين ما يسمي القيم الكونية للأسرة والقيم الوطنية، حسم فيه الدستور المغربي، بشكل واضح، وأن المصادقة على أية اتفاقية دولية لا يمكن أن تكون سارية المفعول إلا بعد خضوعها لمسطرة تشريعية لا تتناقض مع جاء به الدستور المغربي، والذي ينص أن الزواج بين رجل وامرأة في الخلية الأصلية لمؤسسة الأسرة. وأكد الغالي أنه لا يمكن للمجلس أن يحصل على قيمته الفعلية دون تمكينه بالوسائل الضرورية والإمكانات البشرية، ضاربا المثل بالمجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات والتي لا يرقى عملها إلى مستوى التطلعات( بالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من قبل القضاة)، بالنظر إلى محدودية الموارد البشرية المرصودة لها. وأشار أن من بين مهام هذه المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة هو توفيره لعدد من المعطيات الخاصة بالأسرة المغربية ومدى تطورها، زيادة على ضرورة إبداء رأيه كما جاء ذلك في الدستور، في السياسيات العمومية التي تؤثر في مجال الأسرة والطفولة. سواء من ناحية الرقابة أو القوة الاقتراحية. واقترحت لبى أشقيف باحثة في القانون العام أن يكون للمجلس قوة اقتراحية في معالجة عدد من عيوب المنظومة القضائية المتعلقة بالأسرة والطفولة، مشيرة أن أية معطيات هشة لا يمكن لنا أن نرقى إلى مستوى الطموح الذي نصبو إليه من خلال إحداث هذا المجلس، مشددة على ضرورة تظافر جهود جميع الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين في هذا المجال. وأكد الحسين أعبوشي أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بمراكش أن قضايا الأسرة والطفولة من القضايا المسكوت عنها غلى المستوى الوطني، بالرغم مما يقع لهذه الخلية من متاعب ومصاعب في الحياة. وأشار أن وجود مجموعة من القوانين المتقدمة جدا على الواقع الاجتماعي لم تفلح في حل عدد من الإشكاليات، وبالتالي وجب "حقن" مفاهيم عصرية جديدة في المجتمع بالتدريج متى نضجت شروطها الذاتية والموضوعية، دون صدام مع الهوية المجتمعية. وأكد أن المجلس مؤسسة إصلاحية بامتياز ستنقلنا من مرحلة مأسسة السلطة إلى دمقرطة السلطة، وهو ما سيمكن من تجاوز غياب سياسات عمومية متعلقة بالأسرة والطفل لسنوات طويلة. وقالت أمينة العمراني الإدريسي رئيسة جمعية زينب النفزاوية وباحثة في مجال الأسرة يجب أن ننتقل من الدفاع فقط عن حقوق الطفل أو حقوق النساء إلى مقاربة شمولية للدفاع عنهما في إطار مفهوم أسري متكامل، داعية إلى تنبني مصطلح "الفاميليست" بدل "الفيمينست". وشددت على أن فتح النقاش حول هذا الورش المجتمعي الكبير يروم مواكبة المستجدات القانونية وحث المجتمع المدني والفعاليات الحقوقية والمهتمين إلى مواكبة التطورات في هذا المجال. وأشارت أن الجانب القانوني مهم جدا لأي مفاربة لقضايا الأسرة والطفولة لكن، يجب أن يواكب ذلك استحضار للبعد الثقافي والبعد الإعلامي الوطني، من أجل العمل على ترسيخ القيم الأسرية الخاصة بالمجتمع، والتي تعتبر صمام أمان في مواجهة التحديات والصعاب التي تطرحها الحياة اليومية في عالم متغير ومتجدد على مستوى القيم.