وضع العام الجديد الازمة الليبية في مفترق طرق صعب ، ما بين إختيار العنف سبيلا أوالتدخل الدولي على غرار السيناريوهات الأفغانية أو الصومالية، فبعد أن انعقدت الامال على إستئناف جلسات الحوار الوطني بين القوى الليبية ،خرجت الأنباء لتؤكد أن جلسة الحوار التي كان مزمعا عقدها اليوم (الاثنين) برعاية الأممالمتحدة تم تأجيلها لأجل غير مسمى . ويقول مصدر دبلوماسي ليبي، إن الحكومة لم تتلق حتى الآن أجندة الحوار وجدول أعماله أو مكان انعقاده أو أطرافه، مؤكدا أن الحوار لن يتم كما كان مقررا ويعزز من القول بوجود صعوبات تحول دون إنعقاد الاجتماع ما أعلنه المتحدث باسم بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، سمير غطاس من استمرارالمشاورات مع كل الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق حول موعد ومكان الحوار المنتظر. ومن المعتقد، أن الأممالمتحدة – وربما برعاية ومساندة بعض الجهات الدولية – عازمة على توسيع مجال المشاركة لأطراف أكثر تأثيرا، حيث ورد في بعض تصريحات المسئولين التابعين للأمم المتحدة عزمها على إشراك مؤسسات المجتمع المدني، ورجال الدين، وحقوقيين، إضافة إلى إجراء محادثات مع الميليشيات التي تسيطر على مناطق واسعة، بهدف إقناعها بالإنسحاب من المدن الكبرى لتجنب كارثة الحرب الأهلية. وقد لوحت كل من فرنسا وعدد من الدول الافريقية بإمكانية تشكيل قوة حفظ سلام دولية للتدخل على الارض لوقف العمليات العسكرية الدائرة في ليبيا، وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان مطلع الاسبوع الجاري أنه يتعين على القوى الكبرى معالجة عدم الاستقرار في ليبيا، مؤكداً عقب اجتماعه ورئيس النيجر محمد يوسف في العاصمة نيامي وجود دعوات إلى تدخل عسكري دولي في ليبيا، بتأييد من زعماء أفارقة يشعرون بقلق من تأثير الفوضى في ليبيا على المنطقة. ودعا رئيس السنغال الغرب إلى القيام بعمل في ليبيا لإنهاء الفوضى ، كما طالبت مجموعة الخمسة بالساحل وهي (تشاد، ومالي، وموريتانيا، وبوركينا، فاسو، والنيجر)، بتدخل غربي لوقف الجماعات المسلحة في ليبيا ،وكان رئيس النيجر قد قال إن دول الساحل تدفع ثمن الفوضى السياسية التي حدثت بعد العملية العسكرية التي قام بها حلف شمال الأطلسي وساعدت في إسقاط القذافي، وأن هناك حاجة لقيام الغرب بعمل مباشر لإصلاح هذا الوضع. وقد عقدت الجولة الأولى من الحوار في مدينة غدامس برعاية الأممالمتحدة ، في 29 سبتمبر الماضي، بحضور 12 من أعضاء مجلس النواب المنتخب وعدد مماثل من النواب المقاطعين لجلسات البرلمان، لكنها لم تفض إلى أي نتيجة،فيما جرت في 12 أكتوبرالماضي جولة ثانية في طرابلس ،وحددت البعثة، مطلع ديسمبر الماضي، موعدًا لانطلاق الجولة الثالثة لكن تم تأجيلها كذلك دون إبداء اسباب. ويسعى كل فصيل للحصول على أكبر قدر من المكاسب قبل الجلوس إلى مائدة الحوار ،فمن جانبها اشترطت قيادات عملية "الكرامة" التي يقودها اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، 8 شروط للاستجابة لدعوة بعثة الأممالمتحدة للدخول في الحوار يأتي على رأسها أهمها ضرورة اعتراف وإقرار كافة الأطراف المدعوة للحوار بشرعية مجلس النواب المنعقد في طبرق كممثل حصري للشعب الليبي. فيما نقلت مصادرعن قوات فجر ليبيا شروطها للمشاركة وأولها احترام حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، والاعتراف بحكومة عمر الحاسي والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وعدم تعديل أو إلغاء قانون العزل السياسي، والاعتراف بأفراد فجر ليبيا نواة للجيش الليبي. وتعاني ليبيا أزمة سياسية بين تيارين ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته ،الأول البرلمان المنعقد في مدينة طبرق، والذي تم حله مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه،أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم، المؤتمر الوطني العام ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي (الذي أقاله مجلس النواب). وعملية الكرامة هي عملية عسكرية كان قد أطلقها في 16 مايو الماضي اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر وبعد انتخاب مجلس النواب في يونيو الماضي أبدى المجلس الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق دعما للعملية التي يقودها حفتر وصلت إلى حد ضم العملية للجيش النظامي، كما أرجعت رئاسة الأركان المنبثقة عن البرلمان حفتر للخدمة العسكرية. على الصعيد السياسي تعقد الجامعة العربية اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين اليوم لبحث مواجهة "الارهاب" في ليبيا، وقال نائب الامين العام للجامعة أحمد بن حلي أن الاجتماع سيخصص لتدارس التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا وتصاعد وتيرة العنف والاعمال الارهابية التي لم تعد تقتصر على استهداف المواطنين أو المقيمين انما طالت أيضا المرافق الاقتصادية الحيوية التي تمثل ثروة الشعب ومقدراته وخزانات النفط ومرافئ التصدير. وأضاف أن الأمين العام للجامعة نبيل العربي سيعرض خلال الاجتماع تقريرا حول تطورات الاوضاع فى ليبيا والمساعى التى يقوم بها مبعوثه الخاص إلى هذا البلد ناصر القدوه،واوضح مكتب الامين العام للجامعة العربية أن الاجتماع يعقد بناء على طلب تقدمت به حكومة عبدالله الثني وأيدته دول عربية. يأتي التحرك العربي متزامناً مع التقرير الصادر عن الأممالمتحدة والذي يكشف عن مقتل مئات المدنيين في اشتباكات في ليبيا منذ أواخر أغسطس الماضي، محذراً القادة العسكريين من أنهم قد يواجهون ملاحقة قضائية لاحتمال ارتكابهم جرائم حرب، وقال التقرير المشترك الصادر عن مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وبعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا إن النزاع المسلح أدى إلى نزوح 120 ألف شخص من منازلهم وتسبب في أزمة إنسانية،وأفاد التقرير بقيام جميع الأطراف باختطاف العشرات من المدنيين لأسباب تقتصر على انتماءاتهم القبلية أو العائلية أو الدينية الفعلية أو المشتبه بها، إذ يتم احتجازهم في معظم الأحيان كرهائن من أجل مبادلتهم مع آخرين يحتجزهم الجانب المعادي،واستهدفت الجماعات المسلحة النشطاء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين وغيرهم من الشخصيات العامة حيث تم اختطاف العديد منهم وتهديدهم أو نهب أو إحراق منازلهم. وتعيش المدن الليبية في ظل مواجهات مستمرة ما بين الجيش المدعوم من برلمان طبرق وحكومة عبدالله الثني ،والجماعات المسلحة المنبثقة عن حركات الثوار التي اطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي، وقد أقرت الحكومة الليبية 115 مليون دولار من الموازنة العامة للدولة بشكل عاجل إلى رئاسة الأركان العامة للجيش، وطالبت البنك المركزي بتسييلها على وجه السرعة ليتمكن الجيش من حسم المعارك الدائرة في المدن الرئيسية ،وقد تسببت العمليات العسكرية في إشتعال 5 خزانات نفطية بمرفأ السدرة النفطي أكبر مرافيء النفط الليبية في منطقة "الهلال النفطي" ،ويقع مرفأ السدرة على الساحل الليبي على بعد حوالى 180 كلم شرق مدينة سرت، وبه أربعة مراسى مجهزة لسفن الشحن، كما يحوي 19 خزانا للنفط الخام. وتقدر كمية النفط التي احترقت قبل أن تتم السيطرة على الحريق بنحو 1.63 مليون برميل من خام البرنت المسعر بنحو 60 دولارا أمريكي في الأسواق العالمية، إضافة إلى خسائر بالمليارات جراء فقدان هذه الخزانات النفطية ،وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت تحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا. وبعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا(يونيسمل) هي بعثة سياسية خاصة أسست في 2011 بقرار من مجلس الأمن الدولي ،بناء على طلب من السلطات الليبية، في أعقاب ستة أشهر من النزاع المسلح، وذلك لدعم جهود السلطات الانتقالية الجديدة للبلاد في مرحلة ما بعد الصراع. ويقود مبدأ الملكية الوطنية جميع أنشطة الأممالمتحدة من اجل الشعب الليبي. وقد تم تكليف البعثة تحت قيادة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بفترة أولية لمدة ثلاث أشهر وتم تمديدها بعد ذلك الى ثلاث أشهر أخرى، ومن ثم مدد مجلس الأمن الدولي ولاية البعثة الى 12 أشهر إضافية في 12 مارس2012 ،وفي الرابع عشر من مارس 2014، مدد قرار مجلس الأمن رقم 2144 ولاية البعثة لاثني عشر شهرا إضافية.