أقدمت السلطات الأمنية في مدينة سلا على إغلاق مسجد مكةالمكرمة يوم السبت 42 غشت الماضي على الساعة الثامنة والنصف صباحا بحضور القائد الممتاز، وكتب على واجهته "يغلق لأجل الإصلاح" بتوقيع من ناظر الأوقاف.وقد استغرب سكان الحي لقرار الإغلاق داعين المسؤولين إلى التراجع عن هذا القرار غير المبرر حسب شهادات أهل الحي. "لن يفتح ولو تدخلت أمريكا"!! ينتصب مسجد مكةالمكرمة بزنقة حرودة بشارع واد الذهب بسلاالجديدة، ويتكون من أربعة طوابق، يسع كل طابق مائة مصل ، أي ما مجموعه على وجه التقريب 004 من المترددين على الصلاة فيه. تم تأسيسه سنة 2891كوقف من أحد المحسنين، تحيط به بنايات متواضعة وأمامه ينتشر باعة الأشرطة والتوابل والزيتون في عربات منهكة تعرض الحالة الفقيرة لأصحابها، وكفاحهم اليومي من أجل لقمة عيش يختلف مذاقها من أسرة إلى أسرة. لكن بعد إقدام السلطات الأمنية بأنواعها (الدرك الملكي، القوات المساعدة...) وتطويقها للمسجد مسح المكان عن آخره، وهدأت الحركة من حواليه. وبقي مكتوبا على واجهته الأمامية الآية الكريمة (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) وبجانبها إطار محيت منه عبارة الإغلاق الموقعة من طرف ناظر الأوقاف. كانت زيارتنا للمسجد قبيل المغرب، قوبلنا بنظرات السكان المستغربة المتطلعة، اختلط لديهم الخوف من المراقبين الأمنيين، والدهشة أمام جرأة رجال الإعلام. يتهامسون فيما بينهم: تقديم شهادة حول أجواء الإغلاق وسببه قد تزج بهم فيما لا يحمد عقباه، الكل يتحفظ بعدم معرفة ما جرى والانشغال بإنجاز مصالح شخصية، فيحاول الهروب من أية إجابة يقول محمد عامل مياوم: "صبيحة يوم السبت طوقت السلطات الأمنية مصحوبة برجال الدرك والقوات المساعدة يتقدمهم القائد المكان ، وقاموا بإغلاق المسجد، هذا الإنزال خلق جوا مرعبا لدى السكان خاصة لدى المصلين الذين يفدون بكثرة للمسجد وبانتظام لأداء الصلوات الخمس المفروضة عليهم لله العلي العزيز. خيل للمارة أننا في حرب.استدعت السلطة المؤذن وابنه للتحقيق معهم." ويتابع حديثه وهو يستعرض ما سمعه عن تصريحات المسؤولين الأمنيين، ويعلق على ذلك، فيقول: "وحسب ما سمعت فإن أهل الحي لما طلبوا من المسؤولين فتح المسجد قال لهم مسؤول رفيع المستوى بالحرف: "لن يفتح ولو تدخلت أمريكا" ولكن ربما يكون بأمر من أمريكا وحلفائها". أما محمد (مجاز في الدراسات الإسلامية يصلي مرارا بالمسجد)، فقد حز في نفسه إغلاق المسجد الذي كان كما قال: "منارة للمسلمين في حي يتفاقم فيه الإجرام والمخدرات، فالمسجد ساهم بالدروس التي تلقى فيه في توبة أباطرة الإجرام، الذين عادوا إلى الله وأصبحوا صالحين، وأرى شخصيا أن الإغلاق لا مبرر له، ولم تظهر أية بوادر للنشوز سواء من قبل المصلين أو المدرسين أو أعمال منافية للقوانين الجاري بها العمل بالبلاد. فقدنا الكثير جراء إغلاقه وأصبحت المساجد الأخرى مكتظة، نتمنى من السلطات أن تتراجع عن قرار الإغلاق في أقرب وقت".
تبسيط المذهب المالكي قبل أن يمنع المسجد في وجه مرتاديه من المسلمين، كان المسجد حافلا بأنشطة دينية من تحفيظ القرآن إلى دروس تتناول الأخلاق وتبصر المسلمين بأمر دنياهم، تنطلق من صلاة الصبح، ويبقى أثرها إلى الليل مع صلاة العشاء، وكانت سببا في توبة كثير من الشباب المنحرف، والساخط على وضعه المهمش اجتماعيا. يقول (و.م) صاحب عمل حر يسكن بالقرب من المسجد" بالإضافة إلى خطبة الجمعة يلقي الإمام بين العشاءين درسا وعظيا تعقبه أسئلة المستمعين تتناول هموم الناس الواقعية، ويوم الأحد نستمع لدرس حسن الكتاني الذي يوجه الشباب والمستمعين أخلاقيا ويدعوهم إلى عدم الانجراف مع تيار التكفير والرفض المطلق من خلال كتاب "منهاج المسلم"، ويحدثهم عن آداب الصبر والشكر." وعن تحفيظ القرآن الكريم الذي يقوم به المسجد، وبروزه إلى الواجهة، يضيف الشاب قائلا: "المسجد يفتح بعد الفجر لتحفيظ القرآن الكريم للعاملين في البناء والناس البسطاء والشباب، وعند الثامنة يتم تحفيظ الصغار من طرف إمام المسجد. وجاء بروز دوره إثر أحداث أفغانستان بعد توقيف الخطيب حسن الكتاني وتعويضه بآخر، وشهادة لله، ومن خلال استماعي لهذا الخطيب فهو يحاول إظهار المذهب المالكي ويستشهد بفقهاء المالكية كالشيخ أحمد بن الصديق ويحاول تبسيطه للناس". الأمر نفسه يؤكد حسن الكتاني (الخطيب والواعظ السابق بالمسجد): "أحاول في كل دروسي تبسيط دروس المذهب المالكي للمستمعين من خلال كتاب "منهاج المسلم" بما يضمه من تربية أخلاقية للمسلمين وهذا لا يمنع من الإجابة عن بعض تساؤلات المستمعين فيما يخص قضاياهم اليومية وترشيدهم بما يوافق الكتاب والسنة".
فتح الخمارات وإغلاق المساجد!! (ح.م) حافظ لكتاب الله يربط إغلاق المسجد باستحقاقات دولية، فالإغلاق حلقة من" سلسلة لايعلم إلا الله منتهاها، فالأنشطة البسيطة التي تقام بالمسجد من قبل، لم تكن تقابل بمثل هذه الضجة الحالية، فلماذا الآن وهي نفس الأعمال التربوية البسيطة التي كانت تلقى سابقا؟ ورغم أن بعض المسؤولين تعسفوا وظلموا فهذا لا يدفع إلى الحديث عنهم بالكلام الجارح وغير المتزن، فأنا أرى شخصيا أن يراعي الخطيب واقعه الاجتماعي والسياسي ويقول الحق الذي يستطيع قوله. ولكن للأسف، نرى تشجيعا للمنكرات بفتح الحانات والخمارات والفنادق المشبوهة التي يعرف الخاص والعام ما يجري فيها، في مقابل هذا تغلق المساجد وهذا هو النهي عن المعروف والأمر بالمنكر وهذا من صفات المنافقين كما جاء في القرآن الكريم". (م .ح) موظف شاب في الثلاثينات من عمره، يتأسف للإقدام على إغلاق المسجد: "كنت أصلي بالمسجد قبل إغلاقه، حيث كان يمتلئ بالمصلين عن آخره، وأحضر بعض الدروس التي تقام به، أما الآن فلم يعد المصلون يجدون مكانا لأداء صلاتهم بهذا الحي، خاصة وأن المساجد الأخرى تبعد عنهم، أطلب من السلطات المسؤولة إعادة فتحه ليؤدي الناس صلاتهم قرب مساكنهم، فغير ممكن أن تفتح الحانات وتغلق أماكن العبادة". أحمد الحري/عبدلاوي لخلافة