إن الاستثمار المنتج يحقق النمو ويخلق مناصب شغل ويضع الاقتصاد الوطني في مصاف الدول الصاعدة. لكن هذا لا يتم إلا في ظروف ملائمة لنمو قوي ودائم وذلك بتأهيل المقاولة ورفع كل المعوقات أمامها سياسية كانت أو اجتماعية أو إدارية أو اقتصادية، ومن أهم هذه المعوقات: 1 غياب الثقة في العمل السياسي وخاصة الثقة بين المستثمر والدولة الآن نعيش مرحلة دقيقة في تاريخ المغرب: انتقال الحكم 3 سنوات على وفاة جلالة الملك الحسن الثاني (رحمه الله) انتقال نحو الديمقراطية (ديمقراطية سياسية التي يجب أن تواكبها ديمقراطية اقتصادية وأخرى اجتماعية). بطء وثيرة العمل الحكومي والارتباك الحاصل في أداء الحكومة. غياب التوافق حول الكثير من الإصلاحات (خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية). ملف مدونة الشغل. غياب التنسيق بين أعضاء الحكومة. 2 غياب سلم اجتماعي حقيقي: النمو الديمغرافي: وثيرة النمو في المغرب 2% في السنة وحسب توقعات منظمة الأممالمتحدة سيصل سكان المغرب في أفق 2025 إلى 40 مليون نسمة. الرهانات المقبلة أمام المغرب والتي ستشكل أسباب التوتر في المستقبل هي بدون شك: خلق مناصب شغل، تحسين المعيشة، توفير التعليم والعلاج. معدل البطالة: الآن يقارب 16% وخاصة في صفوف الشباب. ما يقارب 1/3 الشباب المغربي هم في بحث عن شغل. الفقر: 20% من الساكنة تعيش تحت عتبة الفقر. وحسب معطيات البنك الدولي فإن 20% وهم الأكثر فقرا في المغرب يملكون فقط 6,6 من الثروة الوطنية، في حين 20% الأكثر غنى يملكون أزيد من 40%. الأمية: 50% من المغاربة يعانون من الأمية. 70% في صفوف النساء. الصحة: أقل من 60% من السكان فقط يمكنهم الحصول على العلاج، فقط 45% من العائلات المغربية تستفيد من الماء الصالح للشرب. فقط 53% من العائلات تتوفر على الكهرباء. أما في العالم القروي، فالوضع أكثر سوادا، حيث تنزل، هذه الأرقام على التوالي إلى 3,8% و14%. فالمستثمر لا يأتي إلى بلد جله من المتسولين، من العاطلين، من الأميين ومن المرضى فهو يبحث عن سوق واسعة وهذا يتطلب قدرة شرائية مهمة. دائما في إطار السلم الاجتماعي، لابد أن نذكر بالمقاومة التي تعرفها إخراج مدونة الشغل إلى حيز الوجود. فهذه المدونة بقيت في الرفوف أزيد من عشرين سنة. اليوم هي في البرلمان، بعد المصادقة عليها من طرف مجلس الوزراء، لكن لم يتم التوافق حول أغلب ما جاء فيها وخاصة ما يتعلق: بالحق في الإضراب (الذي قد يتعارض مع الحق في الملكية والحق في العمل). ثم ما يتعلق بشروط التسريح ونظام التعويضات المترتبة عنه (والمشكل هو مشكل القوانين التنظيمية). 3 معوقات تتعلق بالإدارة المغربية: فالمقاول منذ إنشاءه المقاولة إلى الشروع في تحقيق مشروعه الاستثماري يمر عبر مجموعة من المراحل الإدارية المعقدة للحصول على مجموعة من الرخص في أغلبها معقدة أيضا والتي يتطلب الحصول عليها مدة طويلة. ففي دراسة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID تحت عنوان "مطاف المستثمر" أنجزت لصالح الحكومة المغربية لابد للمستثمر أن يمر ب 18 مصلحة ويقوم ب 43 عملية. كما أن المستثمر لابد أن يقضي على الأقل 3 سنوات تقريبا حتى يشرع في جني الأرباح (وهذه الثلاث سنوات هي أدنى مدة لازمة لتطوير نسيج مهم من العلاقات مع الإدارة والبنوك). عالم الأعمال والاستثمار يعاني أيضا من مشاكل تتعلق بالجهاز القضائي وعدم تكيفه مع التنمية الاقتصادية وهنا يمكن أن نذكر قلة الخبرة المهنية وطول مدة (أو افتعال طول مدة) تنفيذ الأحكام، بالإضافة إلى ذلك كله، هناك مشكلة خطيرة أخرى تنخر جسم الإدارة وهي الفساد الإداري. وهنا يمكن أن نشير إلى بعض الحالات المعروضة للتحقيق : قضية المطاحن (الجمعية المهنية للمطاحن)، (الفدرالية الوطنية للمطاحن)، قضية المطاعم المدرسية. قضية القرض الفلاحي. قضية صندوق الضمان الاجتماعي. قضية وكالة المغرب العربي للأنباء. ملفات الجماعات المحلية. ثم قضية القرض العقاري والسياحي. القاسم المشترك لهذه الملفات والقضايا كلها اختلاسات، تلاعبات، إهدار المال العام، استغلال النفوذ، رشوة عمومية، زبونية، تعليمات فوقية، ملفات وهمية... إلخ فمصادر الثروة في المغرب تتمثل في السلطة، المخدرات والتهريب]. 4 معوقات عقارية يعتبر المشكل العقاري من بين أهم المشاكل التي تقف دون إنعاش الاستثمار في المغرب: مشاكل تتعلق بتوطين المشاريع الاستثمارية (فالأراضي الصناعية والمحلات التجارية نادرة وباهضة الثمن. وخاصة في المدارات الحضرية)، كما أن هناك بعض الأراضي التي عموما لا يمكن الحصول عليها مثل: أراضي الكيش، الأوقاف، والجموع. مشاكل تتعلق بالقوانين التي تحكم النظام العقاري في المغرب (وهي قوانين جد معقدة). 5 معوقات ضريبية: الضغط الضريبي. تعدد وتنوع الجباية المحلية. 6 معوقات مالية وخاصة: ارتفاع تكلفة المال (معدلات الفائدة) المبالغة في الضمانات المطلوبة. مركزية قرار الموافقة على منح القروض. ارتفاع تكلفة الطاقة. بعض الحلول المقترحة من أجل الرفع من وتيرة الاستثمار: 1 تجديد الثقة في العمل السياسي وذلك بتطهير وتخليق الحياة العامة وتنقيتها من كافة أشكال الفساد المالي والإداري والأخلاقي والسياسي، أي تفعيل ميثاق حسن التدبير. 2 تحقيق سلم اجتماعي حقيقي وذلك بالتفكير في حلول لملفات اجتماعية مازالت عالقة وخاصة ملف المعطلين الشباب وملف التربية والتكوين. هذه الحلول التي يمكن أن تشكل عاملا من عوامل التنمية إذا ما تم استغلالها كما يجب. بالإضافة إلى الإسراع في إخراج مدونة الشغل التي تحكم العلاقة بين المقاول والأجير. 3 تحسين الإطار المؤسساتي؛ في هذا الصدد يمكن الإشارة إلى تفعيل الوكالة الوطنية لإنعاش الاستثمار هذه الوكالة التي من مهامها الأساسية الاستقبال، الإرشاد، التوجيه، المساعدة، تتبع المشاريع واقتراح الإصلاحات من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية. وفي الميدان العقاري يمكن خلق وكالة تهتم بحل مشاكل العقار في المستقبل والتي يمكن أن تكون متابعة للوكالة الوطنية لإنعاش الاستثمار. 4 تحسين ظروف العمل بالنسبة للمقاولات: وذلك بإخراج مجموعة من القوانين التنظيمية المتعلقة بمدونة الاستثمار إلى حيز الوجود، وخاصة بالنسبة لبعض البنود التي تهم: تبسيط الجباية المحلية، تبسيط الإجراءات الإدارية؛ تحمل الدولة لبعض النفقات التي تتعلق بالبنيات التحتية الخارجية في إطار العقود الخاصة مع المقاولات التي يتعدى برنامج استثمارها 500 مليون درهم؛ ثم البنود التي تهم تحديد معايير انتقاء المناطق التي يمكن أن تستفيد من دعم الدولة. العمل على تخفيض تكلفة العوامل الإنتاجية: تخفيض تكلفة الأراضي وذلك بخلق مناطق صناعية. تخفيض تكلفة المال (معدلات الفائدة). تخفيض الفاتورة الطاقية. وإنشاء البنيات التحتية الأساسية. 5 إقرار حوافز مهمة تتعلق ب: جلب الرساميل الأجنبية (وذلك بالنظر إلى ضعف الموارد المحلية التي يمكن أن توجه إلى الاستثمار. فالادخار الداخلي الخام يمثل فقط 13% من الناتج الداخلي الخاص. التنمية الجهوية التنمية الزراعية تطوير التكنولوجيا والبحث العلمي الذي يفضي إلى حماية البيئة واقتصاد الطاقة. تشجيع المنعشين والمقاولين الجدد والمقاولات الصغيرة والحرف المهنية. بقلم الدكتور رضوان زهرو أستاذ الاقتصاد كلية الحقوق المحمدية