جدد مصطفى الرميد وزير العدل والحريات رفضه تعديل أي بند من بنود مسودة المشروع الجديد لقانون المسطرة المدنية، يخص عدم إلزامية توكيل المحامي وتركها اختياريا في بعض القضايا البسيطة مثل الزواج والطلاق الإتفاقي، والنفقة وقضايا الدولة وقضايا تبث فيها المحكمة الابتدائية ابتدائيا ونهائيا، قضايا لا يتعدى فيها المبلغ المتنازع حوله 5000 درهم، في حين أعلن أنه سيتم إخراج قضايا الحالة المدنية من المحاكم نهائيا بتشاور مع وزارة الداخلية. وأبرز الرميد في رده خلال ندوة أطرها بمراكش يوم الجمعة 26 دجنبر، ونظمتها جمعية محامي العدالة والتنمية، أن موقفه الذي لن يغيره ولو بقطع اليد على حد تعبيره، نابع من دفاعه عن حق المواطن البسيط في التقاضي بأقل المصاريف مستندا على المبدأ الدستوي الواضح "العدالة في خدمة المواطن"، علما أن مردودية تلك القضايا المالية للمحامي تبقى جد محدودة. وأشار الرميد في الندوة التي حضرها عدد من المسؤولين القضائيين وممثلي ومنتسبي كل المهن المرتبطة بالتقاضي غصت بها القاعة الكبرى لمركب وزارة العدل بمراكش، إلى أن المشروع الجديد وسع صلاحيات المحامي في التقاضي أمام المحاكم، على خلاف ما يعتقده البعض مستدلين بتلك القضايا البسيطة، وأضاف أن مهنة المحاماة كانت ومازالت وستبقى مهنة شريفة ونبيلة وسامية وأن المحامي كان دائما في خدمة المواطن وليس العكس، مبرزا أن الرفع من جودة الأداء في الدفاع عن قضايا الدولة، ستدفعها إلى توكيل أكثر وأوسع للمحامين. وقال عدد من المحامين المتدخلين خلال النقاش الذي دام أزيد من خمس ساعات أن سبب اعتراضهم على هذه البنود هو دفاعهم عن مبدأ "احتكار المحامي" للترافع في جميع القضايا أمام المحاكم كما ينص على ذلك قانون تنظيم المهنة وكما هو معمول به في كثير من الدول المجاورة، سيما أن عددا من المواطنين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بطريقة فعالة لجهلهم القانون ولمداخله. وأشار بعضهم إلى أن هذا الاعتراض لا يجب أن يفهم منه أنه لدوافع ربحية، ولكن حتى يمكن حماية فضاءات التقاضي من كل من هب ودب. ورد المسؤول الحكومي على ذلك بكون الواقع يبين أن هناك محامين يتقاضون بل يقتسمون تعويض موكليهم وإن كانت بسيطة جدا، وب "منطق المعرفة بالقانون"، يقول الرميد سيمكن أن نرخص لأساتذة جامعين للدفاع في عدد من القضايا، بما أنهم هو من درسوا القانون للمحامين ويعرفونه أكثر منهم. وأشار إلى أن القانون الجديد سيمنح للمواطنين المساعدة القانونية داخل المحاكم، كما يمكن للقاضي أن يحول حياده إلى حياد إيجابي ويرشد المتقاضين إلى إجراءات ضرورية، كما يقع في بعض القضايا مع المحامين أنفسهم. وقال وزير العدل والحريات، من جهة أخرى، إن إنشاء محاكم جديدة في مناطق بعيدة ليست إجراء إداريا يمكن أن يقدم عليه أي وزير عدل بسهولة، أو يوافق عليه أي عاقل دون أخذ بعين الاعتبار دراسة الجدوى الفعلية في الحاجة إليها وتوفير جميع الموارد المالية والبشرية واللوجستيكية، مشيرا إلى أن عددا من المناطق لا تعرف سوى قضايا محدودة جدا لا يمكن معها المجازفة بإنشاء محاكم بها. وقال أحد نقباء المحامين السابقين بمراكش بعد أخد ورد، إن الوزارة تقود فعلا ثورة تشريعية لم تحدث منذ سنوات، مشيرا إلى أن الوزير كان ذكيا جدا بالتقاطه عددا من الإشارات من المنتسبين إلى مهن القضاء ومساعدي القضاء من خلال إجراء عدد من التعديلات الكبيرة والعميقة على أول نسخة من المشروع، حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه الآن.