قال الله سبحانه وتعالى: "إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون" الأنفال :4. وقال عز من قائل : "وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" الحج: 43 53. "ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلبوهم بذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون" الحديد: 61: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" الرعد :82. "يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا" الأحزاب :14 24. وفي الحديث عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقيل: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها ،وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار". وقال صلى الله عليه وسلم:"إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ؟قال :وما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر". وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "نعم المجلس الذي تنشر فيه الحكمة وترجى فيه الرحمة: مجالس الذكر". وشكا رجل إلى الحسن البصري قساوة قلبه فقال: أدنه من الذكر (أي قربه) وقال رضي الله عنه:مجالس الذكر محياة العلم وتحدث في القلوب الخشوع. فالقلوب الميتة تحيى بالذكر كما تحيى الأرض الميتة بالقطر. وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "الذكر للقلب مثل الماء للسمك ،فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء". وقال آخر: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل وما أطيب ما فيها؟ قال:محبة الله تعالى ومعرفته وذكره. وقال آخر: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا. الذكر يزيل قسوة القلب والقلب لا يزيل قسوته إلا ذكر الله والإيمان به والخضوع له والتذلل إليه والوقوف ببابه. قال مكحول: ذكر الله تعالى شفاء وذكر الناس داء، فالنفس إذا ذكرت ربها شفيت، وإن غفلت عنه انتكست ،كما قيل: إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحيانا فننتكس وقال آخر: بذكر الله ترتاح القلوب ودنيانا بذكراه تطيب الذكر المقصود والذكر المقصود هو الذي يجتمع فيه القلب واللسان ،قال الإمام ولي الله الدهلوي في الحجة ص 971/ ج 2: "وروح الذكر الحضور والاستغراق في الالتفات إلى الجبروت وتمرينه أن يقول: لا إله إلا الله والله أكبر، ثم يسمع من الله أنه قال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر، ثم يقول :لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،ثم يسمع من الله: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، وهكذا حتى يرتفع الحجاب ويتحقق الاستغراق. فوائد الذكر ومزاياه على النفس ذكر الإمام ابن القيم في الوابل الصيب ، وكذا شاه ولي الله الدهلوي في الحجة البالغة ،والشوكاني في التحفة: من فوائد الذكر ومزاياه وأثره على النفس والروح ما يبهج النفوس ويسعدها ويجعلها ترتقي في معارج العبودية لله تعالى لتبلغ مراتب الكمال والإحسان، ويجعلها تحب الذكر ومجالسه حتى تتعلق بالله سبحانه في كل وقت وحين. ومنها أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره وأنه يرضي الرحمان ويزيل الهم والغم ويجلب للقلب الفرح والبسط والسرور ويقويه ويقوي والبدن وينور الوجه والقلب، ويجلب الرزق ويورث العبد المراقبة والإنابة والقرب من الله ،كما يفتح له أبواب المعرفة ويورثه الهبة لربه ،كما يورثه الذكر المماثل والمقابل، قال تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" البقرة 051. ولو لم يكن للذكر إلا هذه الفوائد وحدها لكفى بها فضلا وشرفا، إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة والمزايا الجليلة. يوسف آيت بابا