صادق مجلس النواب بالإجماع على المشروع قانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية. يوم الخميس 1 غشت 2002 بموافقة 44 نائبا وامتناع ثمانية نواب، هذا المشروع الذي ظل منذ 1995 مؤجلا، وهو مشروع يهم كل المواطنين المغاربة ، نظرا لما يعرفه القطاع الصحي من ترد في الخدمات الصحية ، وضعف في البنية التحتية ، والمغرب كبلد مصنف ضمن الدول النامية لا زال معظم ساكنته يعيشون تحت عتبة الفقر، في ظل كل هذه الأوضاع الاجتماعية الصعبة والظروف الاقتصادية المأساوية، كان لا بد من التفكير في مشروع يخفف آلام شريحة مهمة تنتمي إلى المجتمع المغربي، فكان مشروع مدونة التغطية الصحية، وما يثير الانتباه هو الحضور الهزيل لنواب الأمة أثناء المصادقة عليه،رغم أنه مشروع شعب بأكمله ،انتدب هؤلاء النواب لتمثيله، وما يلاحظ أيضا أن هذا المشروع جاء في آخر الولاية، مما خلف ردود أفعال بعض النواب ، وجعلوا مرد التأخير إلى أهداف انتخابية ،في حين يرى آخرون أن الحكومة أدت كل التزامتها ، ولمعرفة الأراء المتباينة حول مشروع المدونة ،اتصلت التجديد ببعض النواب البرلمانيين والفاعلين في القطاع، فكانت الاستجابة ضعيفة. الأستاذ طاهر شاكر:الفريق الديموقراطي والعمل (نائب برلماني) مشروع التغطية الصحية ولد ميتا وجاء لأهداف انتخابية سياسية مشروع التغطية الصحية مشروع موجود منذ 2991 وظل في الرفوف، فجميع الوزراء الذين سلفوا قد عملوا فيه،أتت به الحكومة بكيفية مشوهة عند اقتراب ذهابها، فهوجاء في غير موعده، لأن المشاريع الإصلاحية ينبغي أن تأتي في وقت زمني ليكون لها أثرفلا إصلاح بدون إمكانيات، والميزانية صودق عليها في فاتح يناير 2002، ما دامت الغاية من هذا الإصلاح هو التغطية الصحية للمواطن سواء الموظف أو غير الموظف سواء منخرط في المنظومة التعاضدية جمعيا أو الصناديق المهنية المتعددة، فيجب أن تساهم الدولة في تمويله وهذه المساهمة غير موجودة في الميزانية، إذن غياب المادة والبرمجة والميزانية دليل على أن المشروع سيبقى حبرا على ورق ويكون الإصلاح قد ولد ميتا، أما من ناحية المضمون جاء هذا الإصلاح ليصنف المغاربة إلى صنفين : العاملون الذين لهم حقوق والمعوزون المحتاجون الذين سيأخذون المساعدة، دون توضيح نوع المساعدة هل هي صدقة أو دواء البرغوث، فبقيت المساعدة مبهمة في شكلها ومضمونها وفي تفسير نظرة المشرع لها، وظلت لها بعد واهي لا يؤثر ولا يعالج الإشكالية المطروحة لدى الفقراء والمعوزين والمسحوقين وذوي الدخل المحدود، الذين هم أولى بالتغطية الصحية، فالمواطن حينما يحتاج إلى تغطية صحية يحتاج إلى استشفاء وإلى تحليلات وإلى خدمات صحية، كل هذا يحتاج فيه المواطن غلافا ماليا، فهو مجرد إصلاح دون وسائل كالمحارب بدون سلاح، فلا ننتظر أي نتيجة من هذا المشروع ، من جهة أخرى تم تصنيف المغاربة: مغاربة يذهبون للعلاج في القطاع الخاص أو العام سواء في فرنسا أو أمريكا ومغاربة عليهم أن يذهبوا إلى مستشفيات الدولة، فهم إذن غير سواسية، فالذين يملكون المال يذهبون إلى مصحات خاصة والمغاربة المعوزين والمستضعفين يتوجهون للعلاج في المصحات العمومية، هذه الأخيرة التي ينقصها أصلا التجهيزات رغم أنها تحتوي على أطباءوأطريقومون بالواجب، لكنها خاوية الوفاض من الإمكانيات والوسائل، فهذا الإصلاح لا يرجى منه الخير في الظروف الحالية، والإصلاح في هذا الوقت مجرد هدف سياسوي انتخباوي، فالحكومة تريد أن تفعل شيئا تكسب به الرأي العام لتبرهن أنها قدمت إصلاحا، فالإصلاح الذي لم يفكر فيه في فاتح يناير ولم تبرمج له ميزانية، كيف يتم تنفيذه في آخر السنة، وهل ستسهر الحكومة على هذا الإصلاح ؟(والشعب المغربي سيضربهم بالماء والمكنسة إلى قاع البحر بعد شهرين إن شاء الله)،إذن سوف لن يكون إصلاح وأجرأة بدون وسائل، ومن حيث منهجية تقديم الإصلاح فهذا مشروع قانون عادي، تحرك الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي بثقله والكل يطالبه لمدة أربع سنوات وهو غائب وهارب، ولما أتى بالمشروع وقدمه، كانت الجريمة في تقديم الوزير الأول وهي طلبه أن لا تعقبه مناقشة، ونحن في المغرب نعلم أن الدستور يضع كل مسؤول للمناقشة إلا جلالة الملك الذي لا يناقش، فرفضنا هذا النوع من الحوار الملغوم الذي أراد أن يفرضه علينا، وقلنا له أن لا نحضر، ومادم الوزير الأول مريض ومتعب فكان عليه أن يكتب كلامه ونقرأه بدون أن يتعب نفسه وتأتي، أما على مستوى دراسته في اللجن التمهيدية والتقنية فتبين أن الحكومة غير منسجمة بحيث حضر وزيران وزير التشغيل عباس الفاسي، ووزير الصحة التهامي الخياري وكل واحد منهما يدافع عن شطر، وكون الحكومة لم تستطع أن تقدم المشروع وتعطيه لوزير واحد في إطار التضامن الحكومي ليدافع عليه منذ تقديمه إلى دراسته وإلى صدوره في الجريدة الرسمية، هذا يدل على أن الحكومة غير مسؤولة وغيرمنسجمة وتخبط خبط عشواء، ولما شعرت أنها ستغادر رأت أنه لابد أن تقول شيئا للرأي العام، فقالت له: هذا مشروع قانون، وسأضمن لكم التغطية الصحية، ولكن ما ينتظر المواطن حقيقة هو الوسائل المادية،فعندما يذهب إلى الصيدلية يريد أن يجد ما يشتري به الدواء، وحينما يتوجه إلى المختبر لإجراء التحاليل أو إلى المصحة يجد من يتحمل عنه الخدمات الطبية أو المختبرية أو الوقائية أو العلاجية، وعموما فالمشروع جاء في وقت متأخر ودون برمجته في الميزانية، ففي قاموس الفلاحة لا يمكن الحرث بدون بذور فهم يريدون الحرث بدون شيء، فلابد من توفر الوسائل المادية والمعنويةللمشروع،فهذا مشروع ميت في مهده. الدكتور عبد الحق بوزيان :الفريق الاشتراكي (نائب برلماني) غياب القرار السياسي كان وراء تأخير مشروع التغطية الصحية تأخير مشروع مدونة التغطية الصحية ليس له هدف سياسي أو غير ذلك ، لأن المشروع جاء في التصريح الحكومي وبالتالي فالحكومة قامت بالتزامها وبواجبها، صحيح أنه جاء إلى آخر الولاية، لكن هذا راجع إلى عدة أسباب، فالمشروع يحسب ثورة اجتماعية وله عدة متدخلين، كما أنه يحتوي على مشاكل سواء من الناحية الاجتماعية أو من حيث التمويل أو من ناحية المهنيين، ولهذا تطلب وقتا طويلا وقد كان مقترحا منذ 5991، وتم تقديمه للمجلس الحكومي وللمجلس الوزاري و للبرلمان، لكن انعدام القرار السياسي وعدم الجرأة كانا وراء تأخيره، فهو ليس المشروع الذي قدم سابقا بل وقعت عليه تعديلات جذرية، فكان من اللازم الاتصال بجميع المهنيين وجميع المتدخلين من نقابات وأرباب أعمال ومهنيين واختصاصيين في التمويل من أجل ايجاد مدونة تكون أقرب إلى الواقع، وأقرب للتحقيق وللتطبيق ، فبعد المصادقة على المشروع في البرلمان ونتمنى أن تتم المصادقة عليه بمجلس المستشارين قريبا، سيكون له أثر كبير، لأنه مشروع إجتماعي ومشروع جميع المغاربة ، وأرى أنه لابد له من تنقيحات وتعديلات أثناء الممارسة، والحديث عن المشروع حديث عن البداية، فلا بد من تتميمه وتكميله ليكون في التجربة، أما التمويل فيتكون من شقين:شق تتكفل به الدولة، مادامت هناك فئة تسمى بذوي الدخل المحدود فهؤلاء ستتكلف بهم وزارة الصحة العمومية، ، أما الشق الثاني سيتكفل به أرباب الأعمال أو رجال الدولة في حالة ما إذا كانوا موظفين بالقطاع العام، صحيح أن القطاع الثاني سيظهر به بعض الخصاص عندما يخرج المشروع إلى حيز التنفيذ، وربما سيلزم الدولة بأن تساعد الطرف الثاني الذي فيه مساهمة أرباب الأعمال والدولة والمنخرطين، كما أن بداية المشروع ستكون بعض الأمراض بنسبة 001% وأمراض بنسبة 06% أو 07% ولكن مع مرور الوقت تبدأ بعض الأمراض تظهر وسنأخذها ب001% أو أمراض سنخفف منها، ويتبين تحسين إضافة مساهمة الدولة فيما يخص الشق الثاني، أما الشق الأول من ذوي الدخل المحدود فستكون بنسبة 001% فالدولة هي التي ستتحمل التكاليف، ونحن جد متفائلين من هذا المشروع، لأن ذوي الدخل المحدود سيكونون فئات فئة تشملها التغطية 001% لأنها فقيرة وفئة ستعطي نسبة رمزية .ولا ننسى أن وزارة الصحة لها ميزانيتها، لأن الأطر تؤدى لهم من خزينة الدولة، والوزارة لها مستشفيات واستثمارات، لكن الخدمات هي التي سيؤدي عنها الناس وسيكون لهم دور في دخل وزارة الصحة، مما سيؤدي إلى نشاطها وتدخل في تنافسية حقيقية مع القطاع الخاص بما فيه مصلحة المواطن. الدكتورسعودي زمراك: مجموعة العهد (نائب برلماني) المشروع لن يصل إلى أهدافه إذا لم يتم إشراك الفاعلين في النصوص التنظيمية. مشروع التغطية الصحية هو مشروع إطار، يهيء لكي تكون التغطية الصحية تدريجيةوناجحة ومفتوحة خاصة القوانين التي تعقب المشروع، فهذا القانون يحتوي على أربعين نصا تنظيميا يعطي الاتجاه الحقيقي للمشروع، وهو الأساس، فالمشكل الصعب للتغطية هو التمويل، فلأجل أن نتحكم في هذا ينبغي أن تكون لنا نظرة تدريجيةللنصوص التنظيمية التي تمكننا من التمويل، فإذا كان هناك خلل في التمويل يكون مشكل التغطية صعبا، لأن الرجوع إلى الوراء في المشاكل الاجتماعية معضلة، وينبغي أن نأخذ الحذرفي التطبيق، وقد لا نصل إلى تغطية صحية شاملة بعد عشر سنوات أو 21 سنة وقد يظهر كخلل، ولكن ينبغي أن لا ندخل في مسلسل قد يؤدي إلى فشل المشروع، ففي البداية سيكون الفرق بين القطاعين وبين الناس الذين يكونون ضمن التغطية الصحية الإجبارية والمساعدة الصحية، غير أن الأساس هو تمويل القطاع الصحي لكي نصل إلى انعدام وجود فرق بين القطاع الصحي العام والقطاع الصحي الخاص، والجديد الذي أتى به المشروع هو أن عدد الذين يملكون التغطية الصحية لا يصلون إلى 51% ومساهمة الناس في التمويل يفوق 06%، والهدف هو أن تصل النسبة إلى 81% ثم إلى 04% ثم إلى 05%، وكي يكون التمويل من قبل التأمين وليس من طرف المواطن، أما وقت المشروع فقد يفهم أنه أخر لأهداف معينة، ولكنني كمسؤول سياسي في المغرب ينبغي أن لا ندخل في الديماغوجية، نحن نعرف أن الحكومة جاءت بهذا المشروع والحكومة المقبلة هي التي ستطبقه وما دام المشروع مفتوحا سيكون التطبيق أسهل إذا دخلنا في مشروع ضيق ومقنن أكثر، قد نسقط في إشكاليات مع الحكومات المقبلة، ولكن ما يهمنا هو أن يتوفر المغاربة على تغطية صحية، وحسب رأيي أن المشروع ستكون له نتائج حسنة بشرط أن تكون النصوص التنظيمية مقننة ويكون الاتفاق بين الكل سواء القطاع العمومي أو القطاع الخاص أو شركات التأمين، وكل المسؤولين في القطاع ليصل المشروع إلى هدفه، وأنا متأكد أن النصوص التنظيمية ستلعب دورا هاما في نجاحه،وما ينبغي أن نخاف منه هو عدم استشارة المجتمع وكل القطاعات في النصوص التنظيمة، ونحن كمجموعة قدمنا عشرين تعديلا النصف منها قبل وما بقي رفض، ولكن ما نتخوف منه هو طريقة تسيير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي لأن الفاعلين في القطاع الصحي غير ممثلين بها، وقد تكون بهاتجاوزات.وآخر شيء ألح عليه هو أنه لا يمكن أن نصل إلى الأهداف إذا لم يتم إشراك الفاعلين الآخرين في النصوص التنظيمية. إعداد خديجة عليموسى