مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بمدونة السير على الطرق بشأن الغرامات التصالحية والجزافية    الرباط: التوقيع على اتفاقية استثمارية مع المجموعة الصينية 'صنرايز' الرائدة في قطاع النسيج بقيمة 2,3 مليار درهم    مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي .. المغرب يدعو إلى ذكاء اصطناعي إفريقي أخلاقي وسيادي    سائق بعثة دبلوماسية بالرباط في قبضة الأمن بعد تهديد بمسدس وهمي بسبب خلاف مروري    وزان .. حجز 94 ألفا و728 قرصا مخدرا وثلاثة كلغ من الكوكايين، وتوقيف شخصين يشتبه في ارتباطهما بشبكة إجرامية.    سجن عكاشة يرد على ادعاءات سجين سابق    حكومة أخنوش تصادق على عدد من التعيينات الجديدة بمناصب عليا    العتاد المتهالك للجيش الجزائري يستمر في حصد الأرواح بعد تحطم طائرة سوخوي    الديستي تضرب من جديد.. تعاون مغربي-إسباني يطيح بمروج لداعش في قرطبة    الجماعات الترابية.. ارتفاع المداخيل الجبائية بنسبة 28,3 في المائة عند متم فبراير    المغرب يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    الفيدرالية المغربية للإعلام والمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز يناديان بإيقاف نزيف الانتحال والرذاءة واللامهنية في الصحافة    المحكمة الإدارية بالرباط تعزل رئيس مقاطعة حسان إدريس الرازي    بوريطة: لجنة القدس تدين بشدة خرق وقف إطلاق النار وتجد د الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين بغزة    أساتذة "الزنزانة 10" يهددون بالرباط بإضراب مفتوح بسبب ملف الترقية    فنلندا أسعد دولة في العالم للمرة الثامنة على التوالي    بوعلام صنصال يواجه 10 سنوات سجنا    القسام تقصف تل أبيب برشقة صاروخية    أخبار الساحة    اليابان أول المتأهلين لكأس العالم 2026 لكرة القدم    المغرب يمنع رسميا ذبح إناث الأغنام والماعز حتى نهاية مارس 2026    التساقطات الأخيرة.. تأثير إيجابي على الفلاحة وواردات مائية مهمة رغم استمرار العجز    المغرب يدين بشدة الهجوم الإسرائيلي على غزة ويطالب بوقف إطلاق النار    تأجيل محاكمة مبديع إلى أبريل المقبل    مستجدات محاكمة كريمين والبدراوي    سؤال الجمال    الراضي وهبة محمود تضعان خارطة الطريق للتعاون الثقافي المغربي – المصري    دراسة: محبي السهر أكثر عرضة للتفكير السلبي والاكتئاب    هذه هي ملاعب كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة في المغرب    عمر الهلالي يكشف تأثر والديه بعد استدعائه للمنتخب المغربي    الكشف عن المحطة الجوية الجديدة لمطار الدارالبيضاء محمد الخامس    امطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    الأمم المتحدة.. بنيويورك، التنديد بانتهاكات حقوق النساء في مخيمات تندوف    توقيف شاب ببيوكرى للاشتباه في تورطه في السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    تركيا على صفيح ساخن بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستقبل أردوغان على المحك    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    تصفيات مونديال 2026: الصحراوي والطالبي يلتحقان بمران المنتخب عشية مباراة النيجر بعد تعافيهما من الإصابات    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    جيش إسرائيل يبدأ عمليات برية في غزة    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آيزنكوت صاعق تفجيرٍ أم صمام أمان
نشر في التجديد يوم 17 - 12 - 2014

بدأ رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غاينتس بالاستعداد لمغادرة منصبه في فبراير من العام القادم، معتقداً أنه يغادر منصبه وهو في قمة القوة، بعد الانتصار الكبير الذي يدعي أنه حققه على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إذ يرى وأركان جيشه أنه تمكن من توجيه ضرباتٍ قاسية إلى الأجهزة العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية المسلحة، وأنه نال من تركيبتها الداخلية، واستهدف مستودعات أسلحتها، وقتل المئات من عناصرها وقادة مجموعاتها، وأن قوى المقاومة الفلسطينية باتت تفكر ألف مرة قبل الإقدام على استفزاز جيشه، ودفعه للانتقام منها، وتوجيه فوهات مدافعه نحوها.
لكن اختيار الجنرال غادي آيزنكوت ليحل محل غايتس في رئاسة أركان جيش الاحتلال يشير إلى غير ذلك، ويؤكد عكس ما أشيع عن قدرة الجيش الإسرائيلي وانتصاراته، فقد تمت الموافقة على تعيينه في هذا المنصب، لا ليكمل ما بدأه سلفه، ويواصل ما أعده وخطط له السابقون.
وإنما تم تعيينه ليصحح أخطاء السابقين، وليصوب مسار الجيش، وليستعيد المبادرة العسكرية، ويرمم قدرات جيشه، ويعالج أزمات جنوده، ويتجاوز العقد النفسية التي يعاني منها أفراد جيشه من الضباط والجنود، الذين يدركون أكثر من غيرهم، أن هيبتهم قد ضربت، وأن كرامة جيشهم العسكرية قد أهينت، وأنهم لم يعودوا بذات القوة التي كانون عليها، وأن هالة الرهبة والخوف التي كانت تطغى على الآخرين قد زالت، بل حلت محلها لدى رجال المقاومة روحٌ هجومية لافتة، واحساسٌ بالتفوق كبير.
وقد أحسوا بهذا التغير وعرفوه، ونالهم منه الكثير على الأرض وفي الميدان، فهم الذين يعلمون أكثر من غيرهم، أنهم لم ينالوا من نسيج المقاومة، ولم يتمكنوا من خرق بنيتها، ولا كسر جوزتها، وأن غاية ما قاموا به، هو تدمير البيوت والمنازل، ونسف المساجد والمدارس، وقتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ.
وأنهم بجرائمهم قد أظهروا صورة جيشهم البشعة المقيتة، المكروهة القبيحة، بأنه يفتقر إلى الأخلاق، وتعوزه المناقبية العسكرية العالية، وتنقصه مفاهيم الجيوش النبيلة، التي تترفع عن قتل الأبرياء والمدنيين، وتقاتل بنديةٍ وشجاعةٍ خصومها العسكريين، فبدا جيشهم أقرب إلى العصابات والمجموعات المسلحة المنفلتة من عقالها، كوحوشٍ ضارية تطارد فرائسها، فتجرج وتقتل بلا عقل، أو كفيلةٍ عمياء هاربةٍ من صياديها، تدوس بأقدامها، وتدهس أثناء ركضها، فلا يحكمها قانون، ولا ينظم عملها نظامٌ.
من الواضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد وافق على تعيين آيزنكوت قبيل أشهرٍ ثلاثة من الانتخابات التشريعية المبكرة، التي ستجري في مارس من العام القادم، ليكون آيزنكوت أداةً انتخابية، وسيلة دعائية، وورقةً رابحةً في يده، يواجه بها خصومه المتطرفين، وأنداده العسكريين، الذين يعيبون عليه ضحالة الخبرة العسكرية، وفقره للتجربة الميدانية التي ميزت رؤساء الحكومات الإسرائيلية السابقين، ولعله باختياره الأقرب إليه، يريد أن يعوض العيب الذي يعاني منه، ويكمل جوانب النقص عنده.
كما يريد أن يثبت للمتقولين عليه بأنه صاحب الأيدي المرتعشة، والنفس المترددة، والقلب الخائف الوجل، بأنه حاسمٌ وقاطع، وجديٌ ومسؤول، وأنه قادر على تعيين ضابطٍ عسكري رفيع، ذي خبرةٍ ودراية، ويتمتع بالمسؤولية والعقلانية، ولديه سجلٌ طويلٌ وحافل، ويشهد بقدراته رفاقه ومسؤولوه، وأنه من منصبه يستطيع أن يعمل تحت إمرته، وأن ينفذ سياسته، وأن ينتشل جيشه من الحضيض الذي وصل إليه، وأن يحقق له الانتصارات الحاسمة التي يبحث عنها، التي لا يختلف عليها الإسرائيليون، ولا يقوى على إنكارها الفلسطينيون.
الجنرال غادي آيزنكوت، الطالب الأكاديمي، وصاحب رسالة الماجستير في شخصية السيد حسن نصر الله، والمقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، والمتخصص في عمليات المقاومة النوعية التي تلقاها جيشه في لبنان، إذ عمل كثيراً في الجبهة الشمالية، وخاض تجارب وعملياتٍ سابقة في الشريط الحدودي اللبناني السابق، وأشرف على وحداتٍ من جيشه، وشهد مقتل بعض أفراده، وهروب آخرين، فهل يعني اختياره بداية مرحلة البحث العلمي، والدراسة المنظمة والمعمقة، والبحث عن الأسباب ومعرفة العوامل، ومعالجة الأمراض ومداوة الجروح، بعيداً عن غبار المعارك، وهدير الدبابات، ودوي القنابل ضربات الصواريخ.
أم أن آيزنكوت قادمٌ لحربٍ جديدة، وأنه سيتهيأ لجولةٍ أخرى، خاصةً أنه ما من رئيس لأركان جيش الاحتلال إلا وخاض حرباً أو معركةً مع المقاومة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو في لبنان والمنطقة، وأنه لن يتمكن من ترك منصبه بعد أربعة سنواتٍ قبل أن يضيف إلى سجله الشخصي حرباً جديدة، وأن يعلق على صدره أوسمة قتال، ونياشين معارك.
أم أنه سيتفرغ لإعادة ترتيب المؤسسة العسكرية، وسينشغل بترميم جيشه، والنهوض بمستوى جنوده وضباطه، واستعادة رباطة جأشهم، وثبات جنانهم، وأنه سيبتعد عن خوض أي حربٍ أو معركة جديدة مع المقاومة مخافة الانتكاسة، فجنوده غير قادرين على انتزاع النصر، ولا على صد الهجوم والاعتداء، ما يجعله يفكر جدياً في فترة استجمامٍ قد تطول، ومرحلة تدريبٍ وتأهيلٍ قد تستغرق دورته بالكامل.
يرى الخبراء العسكريون الإسرائيليون أن موافقة نتنياهو على تعيين آيزنكوت فيها الكثير من الحكمة والعقلانية، ذلك أن آيزنكوت سيكون على رأس فريقٍ كبيرٍ من الضباط الأمنيين والعسكريين الكبار، الذين عملوا لسنواتٍ في المستويات الدنيا، ولديهم خبرة كبيرة ودراية واسعة بطبيعة الجيش من الداخل، ويعرفون معاناة الجنود وشكوى الضباط، ما يجعلهم أكثر قدرة على مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجه جيشهم، والتي أضحت بالضرورة أكبر من أي وقتٍ مضى، لتغير الظروف، وتبدل شروط المعركة، وتغير وتنوع الأسلحة التي باتت تملكها قوى المقاومة الفلسطينية، فضلاً عن تبدل نفسية الجندي الإسرائيلي واختلاف نوازعه، وتغير اهتماماته، وضعف ولائه، وتراجع انتمائه وارتباطه، واحسار المعنى اللاهوتي في وجودهم وقتالهم.
يظن نتنياهو ومعه الكثير من الإسرائيليين أن آيزنكوت سيكون الرد الأنسب والأقوى على "مدعي النصر"، وسيكون هو الضابط الأكثر قدرة على توضيح الصور، وبيان الحقائق، بعلميةٍ ومهنيةٍ، ولكن الإسرائيليين ينسون أن للمقاومة الفلسطينية أيضاً هيئة أركان، ورئيساً وضباطاً وقادةً للمقاومة كباراً، يفهمون قواعد اللعبة، ويدركون أسس المعركة، ويستجيبون للمتغيرات، ويحسنون قراءة المعطيات، وينطلقون من موقع القوة، ويعرفون كيف يواجهون عدوهم بما يبزه، وكيف يقابلونه بما يعجزه، ويواجهونه بما يضعفه، وكيف يصفعونه على وجهه، ويضربونه على أرنبة أنفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.