الخصوصيات تعني تلك التصرفات التي تميز شخصية أحد الزوجين عن الآخر، لأنه ليس هناك شخصان متطابقان في كل الأمور في هذه الحياة مهما يكون الزوجان قريبين من بعضهما وتربطهما ألفة كبيرة فإن هناك خصوصيات لكل إنسان يجب احترامها. وبِحُكم قُرب الزوجين من بعضهما البعض، فإن حواجز كثيرة تتلاشى بينهما، ويصبحان شخصاً واحداً، ولكن يبقى لكل منهما عاداته الخاصة، ميوله، وخصوصياته التي لا يريد أن يطلع عليها أحد. ما هي مظاهر اقتحام الخصوصيات بين الزوجين؟ وما تأثير ذلك على تماسك الأسرة؟ أسئلة تحاول " جديد بريس" في الأسطر التالية الإجابة عنها من خلال آراء متزوجين ورأي مستشار وهذه التفاصيل: زواج لا "امتلاك" كلثوم امرأة متزوجة وأم لخمسة أبناء وهو ما يعني أنها أمضت مدة لا بأس بها في الحياة الزوجية تقول في حديث ل "التجديد"، عن حدود احترام الخصوصيات بين الزوجين: "رأيي الخاص هو أن كل طرف له الحق في الاحتفاظ بخصوصياته شريطة ألا تكون لها علاقة بمصالح العلاقة الزوجية مثلا لو حصل وكثيرا ما يحصل أن زوجا كان معجبا بامراة أخرى ويميل إليها قلبه فهل من الضروري أن تبحث المرأة عن هذا السر، فلا شك أنه سيضرها، خصوصا إذا عرفت أن ما يجعل زوجها يميل إلى نموذج آخر هو عدم توفرها على مؤهلات معينة مثل جمال وهناك أمثله كثيرة. شخصيا أحتفظ بأشياء بعيدا عن زوجي أعتبرها من خصوصياتي وأظنه يفعل الأمر نفسه، فليس من الضروري أن يتعرف زوجي مثلا على أنني لا أحب أحد أقاربه أو أن فيه عيبا لا أحبه وهو ليس له قدرة على تغييره، كما أحتفظ بمشاكلي مع صديقاتي أو مع عائلتي أو في مقر عملي ولا أحب أن يقتحم هذه المساحة إلا إذا طلبت المشورة أو ما شابه، وأعتبر أن العلاقة الزوجية ليست علاقة امتلاك". حسن النية أحمد رجل متزوج يرى من جانبه، أنه يجب احترام الخصوصيات، قال في حديثه ل"التجديد"، إن البحث في كل صغيرة وكبيرة في الغالب يؤدي إلى مشاكل، والأصل هو حسن النية فلا أصادر حق خصوصية الآخر أو يصادر الآخر خصوصيتي. متتالية الخصوصية عزيزة شابة حديثة عهد بالزواج ترى أن كل واحد من الزوجين له خصوصيات يجب على الطرف الآخر احترامها، وأن لكل فرد أمور يختار أن يتركها له وحده ولا يريد أن يطلع عليها غيره، وبالتالي على شريكه أن يفهمه ولا يتدخل في الصغيرة والكبيرة حتى يخنق أنفاس شريكه مما يؤدي إلى توتر في العلاقة الزوجية. وأكدت عزيزة أنها تحتفظ بأمور تخصها كما تحترم خصوصيات زوجها، وأن البحث الكثير بين الزوجين قد يؤدي إلى الوقوع في الشك والشك يؤدي إلى عدم الثقة بين الزوجين، وعدم الثقة يؤدي إلى التباعد في العاطفة وبرود العاطفة يؤدي إلى سوء المعاملة وسوء المعاملة يؤدي إلى كره مؤسسة الأسرة، وهذا الكره يؤدي بالتالي إلى طلب الطلاق من أحد الطرفين وهنا تتهدم الأسرة لشيء بسيط كان يمكن تجاوزه بالتخلي عن التدخل في الخصوصيات. للخصوصيات حدود (ب.ع) رجل متزوج وأب لثلاثة أطفال يرى، أن الخصوصيات يحددها الزوجان وهما يخططان لبناء أسرتهما وتختلف هذه الخصوصيات من أسرة إلى أخرى، ويتشدد في ما يتعلق بالتجسس على الطرف الآخر لأن ذلك في نظره يدل على عدم الثقة في الطرف الشريك وإذا تسللت هذه الفكرة إلى الحياة الزوجية فإنها تقض مضجعها. ويرى (ب.ع) أن الحياة الزوجية تحتاج إلى احترام الخصوصيات بين الزوجين إلا في حالة إذا ما كانت هذه الخصوصيات ستؤدي إلى الإساءة للعلاقة الزوجية، وذكر مثالا لذلك ويتعلق الأمر بالصداقات فإذا كانت صداقات الزوجة أو صداقات الزوج تؤثر بالسوء على الأسرة فإن من حق الطرف المتضرر أن يتدخل في الموضوع ويطالب بحق الأسرة في التدخل في هذه العلاقة التي تسيء إلى الأسرة. وأضاف (ب.ع) أن "الخصوصيات بين الزوجين في غالب الأحيان لا تُحترم، إذ سرعان ما يتسلل الشك إلى الحياة الزوجية بسبب الانفتاح الذي تيسر بوسائل الاتصال الحديثة من هاتف محمول ومن مواقع التواصل الاجتماعي، أما في الماضي فقد كان الأمر يقتصر على اللقاءات البعيدة عن المنزل والرسائل الورقية إذ غالبا ما كان أحد الزوجين يعمد إلى تعقب خطوات شريكه خارج البيت أو يبحث في أوراقه ومكتبه لعله يجد رسالة مكتوبة بخط اليد من دخيل يريد تشتيت كيان الأسرة الصغيرة". شرط نجاح الزواج إن احترام الخصوصيات بين الزوجين، حسب موقع "أراميكا"، يعتبر شرطا لنجاح الزواج ولإثبات الثقة المتبادلة بين الزوجين فالمعاشرة الطويلة بين الزوجين لا تزيل الحواجز حول بعض الخصوصيات والعادات الخاصة جدا المتعلقة بطبيعة كل إنسان. وعدم احترام الخصوصيات يفهم على أنه تطفل لا لزوم له لأنه يؤدي إلى سوء تفاهم كما يمكن أن يعني بأنه تجسس على الآخر وتجاوز للحدود في العلاقة. وعدم احترام الخصوصيات يمكن أن يؤدي كذلك الى الغيرة التي تخدش كثيرا بالعلاقة الزوجية. ما يقال عن الخصوصيات بين الزوجين: كثيرون من الناس يقولون أن الزوجين و بحكم قربهما من بعضهما البعض يزيلان الحواجز حول الخصوصيات فيما بينهما ولكن ذلك غير صحيح وإن كان صحيحا فإنه غير مستحب. هذا ماجاء في موضوع نشرته مجلة "استيلو" البرازيلية التي تعنى بأساليب المعيشة والعلاقات الاجتماعية والزواجية. وأضافت المجلة في الموضوع الذي كتبته الباحثة الاجتماعية البرازيلية "آنا كازونا" بأن المعاشرة الطويلة بين الزوجين لا تزيل الحواجز حول بعض الخصوصيات والعادات الخاصة جدا المتعلقة بطبيعة كل إنسان وأوضحت بأن الزوجين يتشاركان في معرفة الأصدقاء والعلاقات العائلية وحتى في شيفرات بطاقات الائتمان، ولكن مع ذلك فإن هناك خصوصيات كثيرة لكل من الزوج والزوجة، خصوصيات متعلقة بالمرأة وأخرى متعلقة بالرجل. رأي المستشار يرى الدكتور لطفي الحضري، أخصائي نفساني بالرباط، أن لكل من الزوج والزوجة خصوصيات يجب احترامها من كلا الطرفين، إلا أن هناك حدودا يمكن أن يضعها الزوجان باتفاق بينهما يحددان فيها مجال خصوصياتهما هذا ناهيك عن حدود الإطار الشرعي الذي يجب احترامه من قبل الزوج والزوجة. وصرح لطفي الحضري ل"التجديد"، أن هناك اختلاف في تقدير الخصوصيات بين الزوجين وأعطى مثالا بأن من الزيجات من تعتبر قيمة الأجر المالي المحصل من الوظيفة أو المودع في البنك من الخصوصيات، ومنها من لا يرى ذلك بل يعتبر ذلك من الأمور التي يشترك فيها الزوجان، وكذلك الأمر يختلف بالنسبة لمضامين علبة الوارد الإلكتروني على البريد الإلكتروني أو على الهاتف، فالأمر يختلف حسب اتفاق الزوجين بخصوص موضوع معين لجعله من الخصوصيات أولا. والمهم يقول الحضري هو احترام الخصوصية من كلا الطرفين بعد تحديدها والاتفاق حولها. وأضاف المختص أن هناك من يبحث في الجيوب أو في الهاتف أو في البريد الإلكتروني في حين تعتبر هذه المناطق من الخصوصيات وهذا أمر غير مقبول وغير منصوح به وهذا له ارتباط بالتربية، ولكن إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين فلا بأس. وأثار المتحدث نفسه ل "التجديد" موضوع الشك الذي توصل إليه تصرفات أحد الطرفين من خلال اقتحام خصوصيات الطرف الآخر في الزواج وهناك اتجاهان في هذه الحالة فإما أن يتعلق الأمر بشك مبني على أحداث معينة تفضي إلى الوقوع في الشك، أو أن يتعلق الأمر بشك مرضي أي أن الزوج أو الزوجة يتعرض لوساوس تجعله يشك في الزوج وقد يتجاوزه إلى الشك في كل محيطه ويظن أن كل ما يفعل تجاهه هو شيء مدبر له، وهنا يحتاج الأمر إلى علاج عند أخصائي نفسي عبر جلسات. وتطرق الحضري إلى دور الشرع في محاصرة الشك عبر عدم إباحة التجسس وسوء الظن، وفي حالة فقدان الثقة يبقى التجسس شيئا غير منصوح به، والشك يؤجج الصراع داخل الأسرة. وعن تأثير التجسس على العلاقة الزوجية، قال الحضري إنه يؤدي إلى عدم الثقة بين الزوجين وبالتالي يهتز كيان الأسرة وتغيب المودة والرحمة لأن المودة والرحمة لا يمكن أن توجد في جو يسوده عدم الثقة بالنفس، وقد يتطور الأمر إلى سيادة العنف داخل الأسرة سواء منه العنف النفسي أو الجسدي أو الجنسي وهنا من الصعب جدا الوصول إلى استقرار أسري وهنا قد يصل الأمر إلى أبغض الحلال أو العيش في نكد. وإذا تعلق أمر التجسس بحالة من الشك المرضي فإن الأمر يتم علاجه عن طريق جلسات مع الطرف المريض من قبل معالج نفساني عبر تصحيح تفسير السلوكيات. ويوجه الدكتور الحضري المقبلين على الزواج إلى عدم الخوض في ماضي كل منهما لأن هذا من الأمور التي تخلق مشاكل في المستقبل، وأشار إلى أن المخطوبين يعتبران إفشاء أسرارهما لبعضهما البعض من قبيل الوفاء والإخلاص في بداية الأمر إلا أن التجارب الميدانية ومن خلال الحالات العيادية يتبين أن هذا الإفشاء يتسبب في مشاكل بين الزوجين إذ بمجرد وقوع مشكل يتبادر إلى ذهن الزوج أو الزوجة ارتباط شريكه بالماضي وبالتالي يبدأ يبحث في تاريخ شريكه ليتبين من أثره عليه. وقد يعتقد الإنسان أن الطرف الآخر يجب أن يعرف كل شيء عن شريكه ليطمئن إليه والعكس هو الصحيح يقول الدكتور.